رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حقيقة غائبة

بريد;

حلت علينا فى شوال ذكرى معركة «أحد» التى دارت رحاها في السنة الثالثة بعد الهجرة، وبهذه المناسبة أحب أن أصحح الخطاب الديني المتداول بشأنها؛ وهو الزعم بأن المسلمين انهزموا يوم أحد؛ فتلك فرية كبري مازلنا نتوارثها جيلاً بعد جيل، والحقيقة منها براء.. صحيح أن النصر أفلت من بين أيدى المسلمين لمّا خالف الرماة أمر نبيهم وتركوا مواقعهم في الجبل، إلا أنهم لم ينهزموا ولم يحقق المشركون نصراً عليهم وإن قتلوا منهم سبعين رجلاً، ومن يقول بغير ذلك فقد خالف كل الأعراف العسكرية القديمة والحديثة علي السواء؛ وذلك للأسباب التالية:-

أولاً:- غادر المشركون أرض المعركة عائدين إلي مكة، وليس معهم أسير واحد من جيش المسلمين، وليس في جعبتهم أسلاب ولا غنائم؛ علماً بأن المسلمين أسروا منهم سبعين رجلاً يوم بدر، واستلبوا منهم أسلاباً ومغانم كثيرة نزلت في شأنها سورة «الأنفال».

ثانيا: عجز المشركون عن قتل الرسول، وهو قائد جيش المسلمين وصاحب الدعوة، إذ أحاط به أصحابه وكونوا حوله حائطاً بشرياً صدوا ببأسه عنه من الأذي ما لا تطيقه الصخرة الصماء؛ فتلقوا عنه ضربات السيوف والرماح والسهام، وأردوا قتيلاً كل من حاول الاقتراب منه، فأدركت قريش أنه لا سبيل لها إليه صلي الله عليه وسلم وأن دونه هلاكها، فانصرفت عنه عاجزة حقناً لدمائها وكانت لا تعدل بقتله شيئا.

ثالثا: كان المنطق يقتضي أن يتوجه الجيش «المنتصر» رأساً من أرض المعركة إلي المدينة المنورة، وهي قاب قوسين منها، فيعمل فيها السلب والنهب ويسبي نساء الرسول والصحابة ويحرق مسجد رسول الله، فيتحدث العرب والناس جميعاً آنذاك بنصر لا مثيل له، إلا أن الكفار بدلاً من ذلك قفلوا عائدين إلي مكة، لأنهم كانوا يدركون جيداً أن جيش المسلمين لم تنكسر شوكته، فأشفقوا علي أنفسهم من عاقبة قتاله مرة أخري فيما لو حاولوا غزو المدينة.

رابعاً: نصب المشركون خيامهم غير بعيد من المدينة، وشرعوا يحتفلون «بنصرهم» المزعوم فذبحوا الذبائح وشربوا الخمر وغنت قيانهم، حتي جاءهم الخبر بأن محمداً صلي الله عليه وسلم، بعد أن صلي علي أصحابه ودفنهم، نظم جيشه وفصل به نحوهم يريد قتالهم، فأصابهم الرعب؛ فقطعوا حفلهم واقتلعوا خيامهم وحملوا متاعهم وأسرعوا الخطي نحو مكة، ولقد سار جيش المسلمين «المهزوم» في إثرهم حتي بلغ موضعاً يسمي «حمراء الأسد» يقع علي بعد ثمانية أميال من المدينة عسكر فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاث ليالٍ أوقد فيها النار، وهذا في لغة العرب وأية لغة أخري معناه «نحن هنا فهل من مقاتل»!، وعاد بعدها إلي المدينة، فمتي عرفت الحروب في تاريخها الطويل جيشاً منتصراً فر من أمام جيش مهزوم يتعقبه، ورجع لبلده يدعي نصراً وليس معه أسير واحد أسره ولا عقال بعير غنمه؟.

د. يحيى نور الدين طراف

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق