رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معركة أوروبية ضد القرار الإسرائيلى

‎عــادل دندراوى

‬التهديد الذى أطلقه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نيتانياهو مؤخرا بأن حكومته بصدد ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، تمثل ما نسبته 30% من مساحة الضفة الغربية، كان بمنزلة «النار فى الهشيم»، وأعلن الفلسطينيون معه ان جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية المبرمة ليس فقط مع اسرائيل ، ولكن مع الولايات المتحدة، تخضع للمراجعة ، وقد توالت خلال الأيام القليلة الماضية ردود الفعل الدولية الغاضبة  والرافضة فى مجملها للمخطط الإسرائيلى، بل المحذرة للحكومة اليمينية الجديدة من محاولة الإقدام عمليا على تنفيذه، وإن كانت الولايات المتحدة لها منظور مغاير، ويمكن  إجمال أسباب ذلك الغضب والرفض فى المعطيات التالية  :

أولا : أن الظرف الراهن يستحيل معه اللعب بنار السياسة والعالم يعانى أزمة وبائية تأتى على الأخضر واليابس من المعاناة الصحية العالمية وضرب الاقتصاد الدولى فى مقتل.

ثانيا : أن إسرائيل ترتكب جريمة قانونية وانتهاكا صارخا بحق القانون الدولى فى الوقت الذى تعجز فيه عن تبرير خطوتها ، إلا وفق معايير القوة وفرض الأمر الواقع.

ثالثا : أن اسرائيل تقدم على ارتكاب جريمة الضم حال تنفيذ تهديدها دون اعتراف أمريكى بإعطاء الضوء الأخضر، بل إن مجمل التصريحات الأمريكية والتى جاءت على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو ، والتى أكد فيها أن اسرائيل وحدها تتحمل  مسئولية الخطوة، وضعت الرأى العام الدولى فى حيرة ولغز، يتماهى مع  الإقرار بالدعم الأمريكى الدائم لإسرائيل.

رابعا : أن الموقف الأوروبى ، هو المعيار الفاصل فى تلك الأزمة التاريخية المستمرة التى تعيد للأذهان المسار التاريخى للاستيطان الاسرائيلى واحتلال الأراضى العربية، إذ إن 25 دولة أوروبية من أصل 27 أعلنت رفضها لمخطط الضم الاسرائيلى  باعتباره ينطوى على انتهاك واضح للقانون الدولى .

خامسا : أن الموقف العالمى يصب فى ذات الإطار الرافض لاستجلاب مشكلات لا حصر لها فى منطقة الشرق الأوسط  المشتعلة أساسا بنيران العديد من المشكلات الأخرى والمتشابكة فى الرؤى والمصالح الاستراتيجية الدولية.

سادسا: محاولة اسرائيل الواضحة لفرض أمر واقع فى المنطقة تستند إلى استقطاب المواقف الدولية وبعض المواقف العربية لمصلحتها من خلال زعمها أن خطوتها  المرتقبة بالضم  ستكون فى مصلحة عملية السلام وحل الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية، وهو ما لم تفلح اسرائيل فى اقناع الراى العام العالمى به.

سابعا: أن  التهديد الاسرائيلى قوبل بردة فعل فلسطينية  وعربية وحتى إيرانية مجتمعة تمثلت فى الرفض  المطلق للخطوة ودعوة الحكومة الجديدة  الى التعقل وعدم الزج بدول المنطقة فى قلاقل جديدة خاصة مع الأطراف  المعنية مثل فلسطين والأردن  وإيران التى رأت، على لسان مرشدها على خامنئى ، أن الدولة القائمة بالاحتلال  بمنزلة «غدة سرطانية « فى المنطقة يجب استئصالها، محرضا الفسطينيين على مزيد من المقاومة، الأمر الذى دفع  رئيس الوزراء الإسرائيلى  الى الرد على المرشد الإيرانى وتهديد دولته وجوديا إذا  ما رغب فى اختبار القوة الاسرائيلية.

وثمة مخاوف أوروبية وردود أفعال دولية واضحة ألقت بظلالها، وفى هذا السياق جاء رد فعل فرنسا واضحا و سريعا على لسان وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لو دريان، الذى أكد  أن قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية جزئيا سيمثل انتهاكا خطيرا، وأن  باريس  تعمل مع شركاء أوروبيين للتوصل إلى خطة تحرك مشتركة لمنع ذلك والرد عليه فى حال أقدمت عليه إسرائيل، وتحرك لو دريان من خلال عدة مؤتمرات بالفيديو مع نظراء أوروبيين، بهدف اتخاذ قرار بشأن إجراء مشترك للمنع والرد فى نهاية المطاف إذا اتخذ مثل هذا القرار.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن وزير خارجيتها مايك بومبيو علق على كل الذين يشككون فى قوة «الضوء الأخضر» الأمريكى لإسرائيل، قائلا: إن أمر ضم أجزاء وأراض من الضفة الغربية، متروك لإسرائيل  وقدم من جانبه «النصيحة» لقادة إسرائيل على الأخذ فى الاعتبار «جميع الاحتمالات» المتعلقة بالضم الفعلى المقترح للضفة الغربية المحتلة حتى تتسق مع خطة واشنطن للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ولعل قراءة أخرى للسفير الأمريكى لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان،  تدعم هذا الاتجاه، عندما قال إن اتخاذ اسرائيل خطوات أحادية لضم أراض بالضفة الغربية المحتلة، سيخاطر بخسارتها دعم الولايات المتحدة لتلك الخطط .

ولعل تصريحا مهما لنيتانياهو أمام أعضاء حكومته مؤخرا قال فيه إن «الاعتراف الأمريكى هو أهم شيء ولا نريد أن نجازف بذلك»!  قد يدفع الى القول بإمكانية تراجعه عن تلك الخطوة فى المدى القريب .

أما الاتحاد الأوروبى فموقفه يتمثل فى  مطالبة  إسرائيل بالتخلى تماما عن خطط ضم أراض فلسطينية فى الضفة الغربية ووفقا لما أعلنه  الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن به «جوزيب بوريل،» فإنه يتعين عليها   ضرورة احترام القانون الدولي، وذلك فى بيان وافقت عليه 25 دولة من بين 27 دولة عضوا ، حث الدولة العبرية على الامتناع عن أى قرار أحادى من شأنه أن يؤدى إلى ضم أى أرض فلسطينية محتلة، وهو الأمر الذى يشكل خرقا للقانون الدولي، ملوحا بإمكانية اتخاذ «إجراءات» ضد إسرائيل فى حال نفذت تهديداتها وقامت بضم أراض فلسطينية , وفى هذا الإطار، أشار المتحدث باسم  بوريل، إلى أن النقاش قائم بين الدول الأعضاء حول ماهية هذه الإجراءات وعمقها، وقال «موقفنا واضح إذا قامت إسرائيل بأى تحرك لضم أراض فلسطينية، فالأمر لن يمر دون رد فعل «.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق