ضاقت زوجة قنصوة الغورى آخر سلاطين دولة المماليك به ذرعا، فقد كان مولعا بجمع التحف والمأثورات، حتى فاض القصر على آخره بما قد تسميه أى زوجة بـ«الكراكيب»، وظل ممزقا بين رغبتين .. أن يرضى زوجته أو يشبع رغبته فى جمع التحف والمقتنيات الفنية.
فنبتت فى رأسه فكرة تأسيس حى الغورية كلوحة مجسدة كبيرة خلطها بعذوبة روحه المحبة للشعر والطرب، حتى صار معمارها معجونا بالمواويل، تتمايل كل تفاصيله كأنها تعزف لحنا مثيرا من التراث الإسلامى.
وبعد أن انتهى من الاطار الخارجى للوحته، فكر فى محتوياتها، فنقل إليها ما كان ببيته وكل ما اختزنه فى خزائن الحجاز من ودائع ثمينة للموروثات الاسلامية، التى من بينها مقتنيات الرسول والصحابة ونسخة مصحف عثمان بن عفان، والعديد من التحف، ولكى يكتمل جمال لوحته قسم معالمها الى مسجد وسبيل وقبة وكتاب ومدرسة ووكالة، ليخلق مدينة فنية متكاملة.
ولم ينس أن يقبل جبين زوجته التى كانت سببا فى دفعه لتحقيق حلمه، وكانت قبلة الجبين عبارة عن سوق كبيرة لبيع وحياكة الأقمشة والملابس والمفروشات.
فقد جعل من الغورية أشهر شوارع القاهرة للهدايا وتجهيز البيوت والعرائس، وقدم لزوجته أول هدية من سوقها.
وصارت الهدايا المقدمة من الغورية أثمن هدايا ..حتى تغنى لها الفنان الراحل محمد قنديل «يا رايحين الغورية .. هاتوا لحبيبى هدية»، وأصبحت مقصدا للسائحين للتمتع بالإرث الاسلامى المتنوع واختيار الثمين من الهدايا.
رابط دائم: