رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد نجاحها فى إدارة أزمة كورونا..
دعوات لاستمرار ميركل لولاية خامسة

أحمد عبد المقصود
ميركل

أخيرا بدأت الحياة تعود تدريجيا إلى شوارع ألمانيا وفتحت المطاعم والكافيهات والمراكز التجارية أبوابها لاستقبال المواطنين الذين ضربوا المثل بالالتزام بتوجيهات حكومة برلين ونجحوا فى محاصرة فيروس كورونا لتصبح نسبة الوفيات «صفرا».

و كانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل كلمة السر وراء خروج ألمانيا من دائرة الموت بهدوء ودون صخب واستطاعت بكل حنكة إدارة الأزمة بكفاءة أثارت إعجاب المعارضين قبل المؤيدين لسياستها..

أسلوب إدارة المستشارة الألمانية لأزمة كورونا اختلف جذريا ليس عن قادة أوروبا فحسب بل عن قادة العالم جميعهم، فهى لم تقم ببث الرعب فى قلوب مواطنيها كما فعل بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطانى، ولم تقم بتهويل الأزمة كما فعل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، كما لم تهون من قدرة الفيروس القاتلة كما فعل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بل قامت باستدعاء تاريخها الأكاديمى كعالمة فيزياء وحاصلة على الدكتوراة فى هذا العلم من أعرق الجامعات الألمانية، فاختارت اسلوبا آخر يعتمد على الهدوء والاكتفاء بالوقائع والحقائق دون ادعاء المعرفة المطلقة، وذكرت المخاطر دون تهوين أو تهويل ومنحت نفسها الفرصة كى تدرس تداعيات هذا الفيروس القاتل ورسمت طريقا محددا لمحاصرته والحد من آثاره.

وطالبت ميركل كل الولايات الألمانية بالتحلى بالهدوء وتوعية المواطنين بأن درء هذا الخطر القادم لن يحدث إلا بتعاون المواطنين أنفسهم والتزامهم بالبروتوكول الذى وضعته وزارة الصحة فى الحكومة الاتحادية.

وأرجع المراقبون نجاح ميركل فى إدارة الأزمة إلى سببين، الأول يعود لتمتعها باسلوب قيادى يعتمد على تحقيق التوافق، والثانى أن لديها عزيمة قوية ترتكز على الحصول على المعلومة ودراسة أبعادها.وأكدوا أيضا أنها أشركت رؤساء حكومات الولايات والمعارضة فى صنع القرار مشيرين إلى أن هذا النمط من إدارة شئون البلاد يختلف بشكل كبير عن أسلوب التحدى والمواجهة وادعاء المعرفة الذى اتبعه بعض قادة العالم.

وفى أحدث استطلاع للرأى فى ألمانيا، أعدته مؤسسة قياسات الرأى «إينفراتيست» بتكليف من برنامج «دويتشلاند تريند» الذى يبث على القناة الألمانية الأولى ، أكد 75% من المشاركين تأييدهم لجميع الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمكافحة فيروس كوفيد-19.. وباتت شعبية المستشارة تحلق عاليا ،ولأول مرة منذ سنوات عديدة، عند نحو 74%..وهذه النسبة لم يسجلها هذا البرنامج الذى يقيس أسبوعيا مزاج الناخب الألمانى منذ إطلاقه عام 1997.

هذا المشهد الذى تعيشة ألمانيا الآن من حياة شبه طبيعية وبأقل خسائر ممكنة أعاد للحياة السياسية زخمها مرة أخرى وبات كثير من المعارضين لميركل يتمنون استمرارها فى الحكم سنوات أطول، لتتحطم جميع التنبؤات بأفول نجمها عقب أزمة اللاجئين التى زلزلت المشهد السياسى الألمانى برمته واتهمتها الأحزاب بأنها كانت سببا فى دخول الأحزاب اليمينية المتطرفة للبوندستاج (البرلمان الألمانى) مما اضطرها للاستقالة من رئاسة حزبها المسيحى الديمقراطى.

وهنا مثلا نجد أن هوريست زيهزفر وزير الداخلية الذى يعتبر من أشد المعارضين لميركل يقول لصحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار «أننا سعداء بأن لدينا مثل هذه المستشارة لقيادة بلادنا فى هذه المرحلة» فى حين انه حتى وقت قريب كان يعلن فى مؤتمراته الصحفية «أنه لم يعد بإمكانه العمل مع تلك المرأة»!!ولم يتوقف ثناء وزير الداخلية عند هذا الحد، بل أشار إلى أنه شارك فى نقاش حول إمكانية إثناء ميركل عن قرارها بعدم الترشح لولاية خامسة.

ويقول أندرياس نيك، عضو البرلمان الألمانى و نائب الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا فى ستراسبورج، فى تصريحات صحفية أن نهج ميركل براجماتى ومحدد الهدف، فهى تحلل الأمور وتقدرها بحرص كما أنها لا تسعى لتحقيق مجد شخصى.

وفى مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية أكد كريستيان دروستن، أحد أبرز علماء الفيروسات الألمان وعضو فريق يقدم المشورة للحكومة خلال هذه الأزمة، أن قوة ميركل تكمن فى درايتها الكبيرة واطلاعها الواسع.. وكونها عالمة فيزياء يساعدها على التعامل السهل مع الأرقام.. هذا يجعل منها قائدة جيدة. وأضاف دروستن أن هناك شيئا آخر يميزها وهو عدم سعيها لتوظيف الأزمة الحالية كفرصة سياسية لصالحها.

وفى الوقت نفسه، أشاد المكتب الأوروبى لمنظمة الصحة العالمية بما تقوم به ألمانيا للتصدى لفيروس كورونا ووصف المدير الإقليمى للمنظمة هانز كلوج أسلوب ألمانيا بأنه الأفضل من حيث القدرة على التعامل مع الجائحة وذلك يرجع إلى امتلاكها بنية أساسية صحية قوية ،وإلى قيادة قوية وواعية للمستشارة ميركل.

ولكن اللافت للنظر فى خضم هذه التطورات هو أن حزب ميركل المسيحي.. كان أكثر المستفيدين من الأزمة الحالية مقارنة بشريكه الاشتراكى الديمقراطي. ففى آخر استطلاع  يجريه على نحو دورى معهد «إنسا» لقياس مؤشرات الرأى بتكليف من صحيفة «بيلد» الألمانية واسعة الانتشار.. حصل حزبها على نسبة تأييد وصلت إلى 36%. بينما استقرت شعبية الحزب الاشتراكى الديمقراطى عند نسبة 15% فقط، وهى النسبة التى حصل عليها فى استطلاعات أجريت قبيل الأزمة.

قبل عام كان كثيرون فى التحالف المسيحى الديمقراطى يشككون فى استمرار ميركل على كرسى الاستشارية وتكهنوا بانسحابها أو إبعادها عن رئاسة الحكومة الألمانية، لكن اليوم ربما لن يمانع كثيرون فى استمرار ميركل فى الحكم مدة أطول قليلاً.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق