عيد «منزلي» بلا صلاة أو تبادل للحلوى والبالونات فى ساحات المساجد. عيد «إنعزالي» بلا تزاور أو تجمعات، أو نزهات بالمدن الساحلية والمتنزهات. مشكلة ومصدر ضيق لأغلب المصريين، ولكن المشكلة الأكبر فى ألا يتم الإلتزام بهذه التوجيهات الحكومية. فتكون النتيجة مؤسفة للجميع. ولكن كيف يمكن للمصريين تجاوز أسبوع العيد المقبل بأقل قدر من الآثار الإجتماعية والنفسية السلبية.
النصائح النفسية المناسبة لتجاوز اختبار عيد الفطر 2020، تتمثل فى عدد من الحيل للترويح عن النفس داخل المنزل، والحرص على ما تيسر من عادات وتقاليد العيد «الصغير»، من الإلتزام بشراء، ولو أقل شيء، من ملابس العيد وحلواه من كحك وغيره. وتتضمن النصائح، العمل على تحقيق التواصل الإجتماعى وفقا لسبل التواصل المتاحة والتى لا تشكل انتهاكا لقواعد «التباعد الوقائية».
ولكن هل هذه الحيل تكفى لتجاوز أسبوع العيد وخروج المصريين أكثر استعدادا للتعامل مع متطلبات مرحلة الانفتاح التدريجى الذى يفترض أن تشهدها البلاد اعتبارا من بداية شهر يونيو المقبل؟ يجيب دكتور سعيد صادق، أستاذ دكتور علم الإجتماع السياسي، مشيرا إلى نقطتين أساسيتين. فيوضح أولا، أن الفيروس المستجد « كورونا» سوف يحدث نوعين من التغييرات فى أى مجتمع يدخله، سواء تغييرات قصيرة المدي، مثل بدء إلتزام البعض بعادات الوقاية والتباعد، والتى تضمن إرتداء « الأقنعة الواقية».
ويضيف أن مسألة «الأقنعة» هذه قد تكون أثر طاريء يزول تدريجيا بزوال الغرض منه، ولكن هذه الممارسة بالفعل تم تعريف المجتمع المصرى بها وسوف يعاد استدعاؤها لاحقا إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.
أما التغييرات بعيدة المدي، فهى التى تتمثل فى تعديل السلوك الإجتماعي. وهذه مسألة أكثر صعوبة وتأخذ وقتا، «فلا يمكن الضغط على زر لتعديل سلوك ما»، وفقا لدكتور صادق. ولكن عنصر تهديد الفيروس يساعد فى تسريع عملية التغيير. ويضرب صادق المثل بعادات تبادل القبلات والأحضان التى بدأت تتراجع ولو مؤقتا.
ويشير صادق إلى أن الضغوط الإجتماعية والقانونية وعنصر السلوكيات العامة، كلها تساهم فى تسريع عملية تعديل السلوك والعادات الإجتماعية. ولكن هل تنطبق مثل هذه الرؤية على تعامل المصريين مع فكرة « العيد»؟
أما النقطة الثانية، فوفقا إلى صادق، تتمثل فى حقيقة أن «العيد» مثله مثل باقى المناسبات التى ارتبطت بعادات وتقاليد راسخة لدى المجتمع المصري. ولكن هذه التقاليد يمكن تجاهلها والإلتفاف عليها بحكم ظروف معينة. ويضرب صادق المثال بعيد الفطر الذى عايشه المصريون فى أعقاب معركة العبور العظيم فى السادس من أكتوبر، الموافق العاشر من رمضان 1973. وأشار إلى أن استمرار المعارك وتساقط الشهداء المصريين لم يجعل العيد وقتها عيدا بالمعنى الكامل.
وضرب صادق أمثلة إضافية فيما يخص تقاليد إجتماعية مختلفة مثل حفلات الزفاف التى كانت تمتد إلى ليال طويلة، فباتت لا تزيد عن حفل وفقا لإمكانيات العروسين، وأحيانا يتم الإستغناء عنه تماما.
وعن أفكار التحايل على مشكلة « العيد المنزلي»، أكد صادق أنه حتى من قبل «كورونا»، شهد العيد مثل غيره من المناسبات والتقاليد الإجتماعية بعض التغييرات بفعل الضغوط الاقتصادية والإجتماعية. ولكنه أشار إلى ضرورة الإلتزام بالحد الأدنى من عادات العيد، سواء من حيث التواصل عبر الوسائط التكنولوجية، أو الحرص على ما تيسر من مشتريات العيد. كما أشار إلى إمكانية توزيع «العيديات» على أطفال الأسرى نيابة عن الأقارب الذين لا يمكن الإلتقاء بهم خلال ظروف «الحظر» و «التباعد».
ويؤكد دكتور صادق ضرورة وضع المصلحة العامة أمام أعين المصريين لتجاوز ضغوط الفترة المقبلة. والأهم، ما يؤكده من أن تغييرات مختلفة شجعتها»كورونا»، أبرزها تشجيع فكرة التعليم والعمل «أون لاين»، وإتمام حفلات الزواج فى أضيق الحدود. ويؤكد « تغليب العامل العملى بالتفاعل الإيجابى مع الظرف العام يساهم فى ترسيخ الممارسات الجديدة».
رابط دائم: