الممنوع مرغوب

عندما يدرك الناس أن حريات معينة سوف تسحب منهم بناء على قانون جديد أو قاعدة تنظيمية دائمة أو مؤقتة، فإنهم لا يخرقون هذه القاعدة فحسب، بل يتعدونها بأفعال ما كانوا ليفعلوها من قبل، وذلك في محاولة لاستعادة حريتهم التي سلبت منهم حتى وإن كان هذا السلب من أجل الحفاظ على حياتهم أو ممتلكاتهم أو مصلحة خاصة لهم، فنرى هذا السلوك مثلاً عندما ينخرط فرد في نشاط محظور من أجل السخرية عمداً من السلطة التي تحظر ذلك بغض النظر عن عدم جدوى أو فائدة هذا النشاط.

إن الطبيعة الإنسانية تركض وراء كل ما هو ممنوع، فهو مرغوب دائماً كما يقال ولا يمكن تحجيم أو كبح هذه الطبيعة إلا بالعقوبات الصارمة التي لا تهاون فيها حتى تستقيم الأمور خاصة إذا كان الضرر الناجم عن كسر هذه القواعد لا يضر خارقها فقط بل ينسحب على من حوله.

إن آدم عليه السلام وزوجته قد أخرجا من نعيم الجنة بسبب أكلهما من شجرة منعت عنهما بأمر من الله عز وجل، فقد أباح الله لهما كل ما كان في جنتهما باستثناء شجرة واحدة، وقد وسوس لهما الشيطان فأغواهما ورغبهما في تلك الشجرة حتى أكلا منها وعصيا أمر ربهما فحق عليهما عقابه، فالإنسان بطبعه ومنذ بدء الخليقة محب للمعرفة والاستكشاف ولكن عليه أن يتوقف عنهما إذا علم أن هناك ضرراً سيقع عليه أو على من حوله بسببهما، وهنا أتساءل: إذا كانت حريتك قد انتقصت من أجل الحفاظ على حياتك في ظل انتشار الوباء، فأي قاعدة ستكسر إذن؟.

مى عبدالرؤوف بسيونى