رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى مواجهة «كورونا»..الوعى وحده لا يكفى

تحقيق ـــ نيرمين قطب

  • محمود علم الدين: الإعلام لعب دورا فى توعية المواطنين بخطورة الوضع
  • سعيد صادق: على الدولة استخدام  أدواتها الرقابية قبل المراهنة على وعى المواطن
  • عمر سكر: التواصل الفعال أحد معايير إدارة الأزمات ويدفع المواطن للتفاعل الإيجابى

 

بعد ثلاثة أشهر من العزلة الإجبارية والترقب والقلق بدأ العالم يفتح أبوابه بحذر، وما بين الامل فى انحسار الغمة ووصول العلم لعلاج ناجع أصبح التعايش مع العدو المستجد ضرورة وواقعا لا مفر منه. وخلال الشهور السابقة، راهنت العديد من الدول على وعى مواطنيها والتزامهم بقواعد الصحة العامة والإجراءات الاحترازية فى مواجهة فيروس «كورونا»، وأجبرت دول أخرى مواطنيها على الالتزام بفرض غرامات كبيرة عليهم فى حال تخطى تلك الإجراءات.

 

وفى مصر كما فى العديد من الدول وضعت الحكومة عددا من الإجراءات، وراهنت على وعى المواطن بأهمية دوره فى الحد من انتشار فيروس كورونا وحماية نفسه والمجتمع من هذا الخطر الجديد، وهو ما تقبله الكثيرون بصدر رحب والتزام جاد، وكما تقول نادرة عصام الموظفة بإحدى الشركات الخاصة والتى اتبعت إجراءات عدم النزول إلا للضرورة القصوى وساعدها على ذلك التزام شركتها بقرار تخفيض العمالة، مضيفة: «ألتزم بقدر الإمكان بكل الاجراءات الاحترازية فلا اخرج إلى محال البقالة مثلاً من دون «الماسك» و«الجوانتي» واغلب المحال الكبرى تلزم عمالها بهذا الإجراء أيضا ولكن أشعر بالقلق من أن بعض الأفراد لا يلتزمون بقاعدة التباعد الاجتماعى، لذا قررت عدم دخول اى محل إلا إذا كانت الأعداد قليلة داخله، واتمنى أن يتم تنظيم عملية وجود الأفراد فى هذه الأماكن حتى نلبى مطالبنا بدون خوف».

ويتفق معها صالح أحمد موظف على المعاش والذى التزم أيضا بعدم الخروج إلا للضرورة القصوى كونه من الحالات الأكثر عرضة للإصابة، وقال: «لا أخرج أبدا وابنائى يوفرون لى كل الطلبات ولكنى اضطررت للنزول مرة أو اثنتين إلى البنك، والحقيقة أنهم يحاولون تطبيق إجراءات مثل ضرورة ارتداء كمامة وايضا دخول عدد معين داخل المقر ولكن لابد من ابتكار إجراءات أخرى لأن الزحام ينتقل من داخل البنك إلى خارجة وللاسف أغلبنا لا يلتزم إلا بالإجبار». أما رانيا ممدوح وهى موظفة فى احدى المصالح الحكومية فتضطر إلى الخروج بشكل شبه يومى إلى عملها حيث ان الإدارة التى تعمل بها لا يوجد بها العديد من الموظفين فتم تقسيم العمل بينهم على مدار الأسبوع، وتقول: اركب المواصلات العامة والمترو من وإلى عملى، والحقيقة أنها ليست مزدحمة بشكل كبير بسبب قلة أعداد المواطنين فى هذه الفترة، ولكن هذا ليس وضعا دائما، وللاسف فى المواصلات لا يمكنك إجبار الناس على فكرة التباعد الاجتماعى وحتى إن سمحت لك مواصلة مثل المترو أن تبتعد أنت عن الناس فكيف ستفعل ذلك فى الميكروباص مثلا حيث لا يتحرك إلا بعد «تحميل» مقاعده بالكامل.

ويرى ولاء نادى ــ مهندس ــ أن المواطن عليه دور كبير ولكن هذا الالتزام الشخصى ينبع من كونه شخصا مثقفا ومتعلما ويعى جيدا خطورة الموقف الذى يمر به العالم كله ولكن للأسف فى مجتمع تنتشر فيه نسبة من الأمية والعديد من العادات السلبية فلا مجال للمراهنة على هذا الوعى ومن الضرورى وجود قوانين صارمة، ويقول: تابعنا فى وسائل الإعلام كيف خرج البعض فى مظاهرات ضد كورونا وكيف نظم آخرون مائدة افطار فى احد الاحياء الشعبية وآخرون خرجوا للإفطار على الشواطئ، بالاضافة للشباب الذين يتجمعون فى المنازل وفوق الأسطح وكأن التباعد الاجتماعى قاعدة تطبق فقط فى الشوارع والأماكن العامة.

ثلاثة أبعاد

ولكن كيف تقنع الدولة البعض بأهمية دورهم فى هذا التوقيت الحرج؟ ..السطور التالية تحمل اجابة السؤال من خبراء الإعلام وعلم النفس والاجتماع: 

«الموضوع له ثلاثة أبعاد اساسية» هكذا بدأ الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة حديثه معنا، موضحاً أن البعد الأول يرتبط بالمواطن والرؤية التى تكونت لديه عن الفيروس وتأثير هذا المرض عليه وهل وصل إلى وعى وقناعة بخطورته ام لا، والبعد الثانى يرتبط بالضوابط التى وضعتها الدولة للالتزام بها وعقوبة الخروج عن هذا الالتزام. ثم يأتى البعد الثالث «الوسيط» وهو «الإعلام» الذى يلعب دورا مزدوجا يوضحه علم الدين، قائلا: «فى بداية الأزمة لعب الإعلام دوره فى تعريف الناس بخطورة المرض وتداعياته وذكر لهم بوضوح الأرقام وتفسيرها. ويرى أستاذ الإعلام أن دور المواطن لا يتوقف فقط فى هذه المرحلة على حماية نفسه والمجتمع من خطر انتشار كورونا ولكن عليه دور ايضا فى إنقاذ الاقتصاد بتنفيذ بعض إجراءات الاقتصاد فى الإنفاق والتقشف وتغيير عادات الاستهلاك، وأنه بالرغم من صعوبة تحقيق الإقناع والتغيير بصورة سريعة داخل المجتمعات إلا أن هذه المرحلة قد تكون فرصة لتغيير بعض العادات والأنماط داخل المجتمع.

تغيير القناعات

واتفق معه الدكتور طه أبو حسين أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة القاهرة موضحا أن تغيير القناعات واحد من أصعب المهام لأن كل مجتمع به فئات مختلفة ولا تتوافق جميعا على نفس المبادئ وايضا لا يمتلك كل أفراد المجتمع نفس القناعات حتى ان بعضهم لا يثق فى الحكومة ولا يصدق انها «تخاف عليه» ولتحقيق الإقناع لابد من توافر شرطين الأول هو التصديق والثانى عدم العبث فى الثوابت، ويوضح قائلا: «أولا لابد أن يصدق المواطن الحكومة ويعى أهمية الإجراءات التى تطلب منه تنفيذها، لذا على الحكومة واعضائها وكل المسئولين فى الدولة أن ينفذوا إجراءات مثل التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات مثلا فى كل الأوقات، فلا نرى مثلا مسئولا يطلب من الناس تنفيذ هذه الإجراءات وهو لا يطبقها أمامهم، ثم يأتى عدم العبث فى الثوابت كعامل ضرورى للإقناع.

رهان على الوعى

«على الدولة أن تستخدم أدواتها قبل الرهان على وعى المواطن»، هكذا حسم الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى وجهة نظره موضحا أن وعى المواطن هو عنصر أساسى ومهم فى مواجهة الأزمات وهو نتاج حصيلة التعليم والتربية والتدريب وغيرها من العناصر التى للأسف قد تكون غائبة عند بعض أفراد المجتمع لذا يأتى الدور الأهم وهو دور الدولة وليس دورها فى وضع قوانين ولكن فى تطبيقها بشكل حاسم جدا وبخاصة فى وقت الأزمات.

فبحسب نظرية العقد الاجتماعى لتوماس هوبز فإن الحكومات هى التى تصنع الانضباط وأن الإنسان سوف يعيش فى حالة فوضى إذا لم تكن هناك حكومة لذا فإن الدور الاساسى فى تخطى مثل هذه الأزمات لا يقع على المواطن ولكن على الحكومة التى تملك أدوات يجب عليها أن تستخدمها بحسم، مضيفاً: يجب ألا تلقى الحكومة اللوم على المواطن وعليها ان تلعب دورها بكل حزم وأن تفعل الجهات الرقابية لتنفيذ القواعد والقوانين التى وضعتها لاحتواء هذه الأزمة.

ومن ناحية أخرى، فإن إدارة الأزمات أصبحت علما ذا قواعد واضحة ومعايير قابلة للتطبيق ومن تلك المعايير ضرورة وجود نظام للاتصال ذى كفاءة وفعالية والذى بدوره يرفع من وعى المواطن ويعزز من دوره فى تخطيها، ويوضح الدكتور عمر سكر ــ خبير فى الإدارة ما سبق قائلاً: «يمثل انتشار فيروس كورونا ازمة عالمية تتعامل معها الدول والمؤسسات المختلفة وحتى داخل اصغر منظومة أصبح من الضرورى أن تضع لنفسها خطة لتخطى هذه الأزمة الطارئة وتخطط كيف سوف تتعامل مع العنصر البشرى الذى يتداخل فى العديد من محاور الأزمة كعنصر مؤثر فيها أو متأثر بها واذا نظرنا لادارة الدولة لهذه الازمة سنرى انها سعت بالفعل خلال الفترة الماضية وقبل ظهور الأزمة لتدريب الموظفين الحكوميين على علوم مثل علم إدارة الأزمات من خلال المبادرات الرئاسية وبرامج الأكاديمية الوطنية للتدريب وهو ما كان من حسن الطالع وخلق لدى مؤسساتها استعدادا مبكرا لمواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة. ولقياس مدى كفاءة إدارة المؤسسة للأزمة فلابد من توافر خمسة معايير أساسية، أولها إدراك اهمية الوقت وهو ما يعنى هل اللجنة أو الجهة المنوطة بها إدارة الأزمة تتخذ القرارات فى التوقيت المناسب. أما المعيار الثانى، فهو توفير المعلومات فكلما وفرت المؤسسة قاعدة بيانات واضحة وأصدرت المعلومات بشفافية كانت إدارتها للأزمة أفضل. 

ويتوقف المعيار الثالث على الاستعداد المسبق ويعنى هل تم تشكيل لجنة لإدارة الأزمة قبل وقوعها أم أن المؤسسة قررت اثناء الأزمة تشكيلها، ثم يأتى المعيار الرابع وهو مدى توافر الموارد وحشدها مثل الموارد الطبية والمادية والبشرية. أما المعيار الخامس والأخير فهو وجود نظام للاتصال بكفاءة وفاعلية أى هل تقوم المؤسسة بتوصيل رسائلها فى الوقت المناسب وعبر قنوات صحيحة وبالكثافة المضبوطة وهذا المعيار هو الذى سيحدد كيف سيتفاعل المواطن مع الأزمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق