لم يعد يخفى على أحد الدور الضخم الذى يلعبه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى رسم الخطوط العريضة لسياسات واشنطن، وما كان خافيا منذ دخول قطب العقارات السابق معترك السياسة لم يعد كذلك، فدور زوج ابنته ومستشاره رفيع المستوى يتضخم يوما بعد يوم. ولم يعد صاحب الوجه الشاحب، والصامت دائما خلال ظهوره العام، سوى صانع ومحرك للأحداث، بل ومحرك لترامب نفسه، حسب مصادر كثيرة داخل الإدارة.
وفى مكتبه بالجناح الغربى فى البيت الأبيض، الأقرب إلى مكتب الرئيس، يمسك جاريد – 39 عاما- بمجريات الأمور وتلابيب الأحداث، فهو يتولى مسئولية العديد من الملفات، وفى مقدمتها الآن إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد فى الولايات المتحدة، إلى جانب كونه مهندس خطة السلام الأمريكية فى الشرق الأوسط، ومهمة بناء الجدار الحدودى مع المكسيك، وتحديد ملامح الدبلوماسية الأمريكية مع الصين والمكسيك، ولبنان، والرعاية الصحية، وتأسيس مكتب الابتكار الأمريكى، وإصلاح نظام السجون، والأهم من هذا كله، تولى مسئولية الحملة الانتخابية لوالد زوجته إيفانكا خلال الانتخابات المقررة فى 2020. وهذه الثقة الكبيرة، ترجع إلى أن جاريد كان أحد أسرار نجاح ترامب فى الفترة السابقة بفضل جهوده الدعائية، وخلفيته فى عالم الصحافة، حيث كان يتولى منصب الناشر أو مالك مجموعة «أوبزرفر ميديا». ونجح فى تحويلها إلى منصة رقمية تحقق أرباحا ضخمة على الرغم من الانتقادات التى طالت إدارته من تراجع المحتوى الثقافى للصحيفة «نيويورك أوبزرفر».
ومنذ ظهوره إلى جوار ترامب فى حملاته الانتخابية، وحتى تحوله إلى «الرجل الثانى»، حسب وصف براد بارسكال المدير السابق لحملة الرئيس الجمهورى للإعلام الرقمى، فلا يوجد من هو أكثر نفوذا داخل البيت الأبيض من جاريد. وتجاوز صهر ترامب الكثير من الأزمات والانتقادات، بداية من التحاقه بجامعة هارفارد، حيث دفع والده قبلها بوقت قصير تبرعا بقيمة مليونى ونصف مليون دولار للجامعة، وهو ما أثار انتقادات حول مدى تأهله للالتحاق بالجامعة العريقة. وتلا ذلك، إدانة والده بالتزوير والتهرب الضريبى ودخوله السجن، وهو ما ترك إدارة ثروة بقيمة 800 مليون دولار وشركة التطوير العقارى فى يد جاريد، الذى تمكن من توسيع أملاك عائلته.
وتزوج جاريد من إيفانكا، التى اعتنقت اليهودية مثل زوجها وعائلته التى تنتمى لأسرة من مهاجرين يهود روس، فى 2009. وأثار جاريد الجدل بسبب أن زوجته تمتلك حضورا وكاريزما بينما يبدو حضوره باهتا، بالإضافة إلى تحوله الأيديولوجى،. فبعد أن كان من بين الداعمين للحزب الديمقراطى، فقد دعم هيلارى كلينتون ماديا وباراك أوباما إعلاميا، إلا أنه أعلن عن إحباطه من سياسات الرئيس الديمقراطى السابق، ليعلن وقوفه إلى جوار الجمهورى ميت رومنى فى انتخابات 2012. ومع صعود ترامب، توالت أزمات جاريد كوشنر بداية من انتهاك قانون مكافحة المحسوبية لعام 1967، والذى يمنع المسئول العام من تعيين أسرته، وتحديدا صهره، فى وكالات أو مكاتب يتولى الإشراف عليها، وتدخل محامى كوشنر مدافعا بأن القانون يتحدث عن الوكالات الفيدرالية وليس البيت الأبيض.
ثم جاءت أزمات متوالية مثل «التصريح الأمنى» للاطلاع على الملفات السرية وحضور اجتماعات الرئيس نتيجة اتهامه فى فضيحة «روسيا جيت» كما أنه المتهم الأول فى الإطاحة بعدد من كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، إلا أنه دائما ما ينفى ذلك. حتى خطة السلام الأمريكية، التى أثارت انتفاضة من الإدانات الدولية، وجهت اتهامات لجاريد بالوقوف إلى الجانب الإسرائيلى بسبب صداقة عائلته الشخصية ببنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى. جاريد يعترف بأنه عندما دخل البيت الأبيض لم يكن يمتلك الخبرة الكافية كصانع للسياسات إلا أنه راض تماما الآن عن عمله. يصف الصهر حماه بأنه «صانع الأمواج» وما عليه سوى ركوب هذه الأمواج، لينأى بنفسه عن الاتهامات التى تلاحقه. وحتى فى إدارة أزمة كورونا، توالت التقارير التى تتهم كوشنر بمحاولة التربح من الأزمة عبر ترشيح شركات تربطه بها علاقات مشبوهة لطرح حلول للوباء الذى أظهر ضعف القوة العظمى. وبين الحديث عن كونه الرجل الثانى أم راكب الأمواج كما يؤكد، فإن استمرار ترامب فى البيت الأبيض سوف يحسم حقيقة دور صهره فى البيت الأبيض.
رابط دائم: