رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كامنجز.. رئيس أركان «داوننج ستريت»

لندن ــ منال لطفى

لم يدخل «10 داوننج ستريت» مستشار سياسى مثير للجدل مثل دومينيك كامنجز، المستشار السياسى لرئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون.

ففى نظر البعض، يدير المستشار المثير للجدل بريطانيا فعلياً بسبب تأثيره الكبير على جونسون. لكن كامنجز لا يلعب أبدا وفقا للقواعد المتبعة فى أروقة «دواننج ستريت» أو مع الإعلام البريطانى القوى. فمنذ صعوده سادت ما اسمته الصحف البريطانية بـ «ثقافة الرعب»، حيث فرض الكثير من الشروط والمحظورات على العاملين فى الحكومة حتى الوزراء ومستشاريهم. فمثلاً بات محظوراً على المستشارين فى الحكومة الحديث للصحافة إلا بأمر من كامنجز نفسه، كما بات محظوراً عليهم الالتقاء والاختلاط بعناصر محسوبة على التيار المعتدل فى الحزب. ولم يكن قد مر عليه أشهر قليلة فى «داوننج ستريت» قبل أن يطبق عملياً وعلى الملأ طريقة إدارته للأمور فى الحكومة، عندما طرد سونيا خان، مستشارة وزير الخزانة آنذاك ساجد جاويد من مكتبها بعدما علم أنها على تواصل مع زملاء من حقبة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون.

لم تكن حادثة الطرد فقط هى ما أثارت حالة هلع فى الأوساط السياسية والاعلامية البريطانية، بل طريقة الطرد، فقد دخل كامنجز مكتبها فى «دواننج ستريت» وأخذ منها هاتفها المحمول وفتشه ثم اخبرها بالاستغناء عن خدماتها خلال دقائق. وهى ذاهلة، وأعطاها حقيبة يدها وطلب الأمن ليرافقها حتى الباب. كل هذا بدون إخبار رئيسها المباشر، ساجد جاويد.

وظلت الحادثة عالقة فى الأجواء بين الاثنين. وعندما جرت التعديلات الوزارية فى فبراير الماضى، رفض جاويد تولى منصب وزير الخزانة مجددا بعدما اشترط كامنجز، دمج مستشارى كل الوزارات مع مكتب رئيس الوزراء، فى خطوة وصفتها الصحف البريطانية بـ «غير المسبوقة»، متهمة كامنجز بأنه يريد تحويل النظام البرلمانى فى بريطانيا إلى ما يشبه النظام الرئاسى. وفى نظر الكثيرين، فإن هذه الحادثة وغيرها، يعزز وجهة النظر حول كامنجز كشخص غريب الأطوار، يتصرف بصلاحيات أكبر كثيراً من تلك المخولة له بحكم منصبه، فهو ليس سياسياً منتخباً، ولا عضواً بالبرلمان، أو بحزب المحافظين الحاكم.  

وفى ضوء الكراهية له والشكوك حوله فى أروقة التيار المعتدل فى حزب المحافظين الحاكم، والأوصاف التى أطلقها كبار مسئولى الحزب عليه مثل «فيروس متحور» و«غير مهذب» و«مريض نفسى» و«العبقرى الشرير»، لم يكن من المنطقى صعود كامنجز لمنصب كبير مستشارى رئيس الوزراء البريطانى.. لكن هذا ما حدث.

ولد كامنجز فى مدينة دورهام، شمال شرق انجلترا. وكان والده روبرت مهندس بترول، ووالدته، موراج، معلمة وأخصائية سلوكية. ولانتماء العائلة للطبقة الوسطى، درس كامنجز فى مدارس خاصة فى دورهام، ثم تخرج من جامعة أكسفورد بدرجة  امتياز فى التاريخ الحديث. وبعد تخرجه قضى بعض الوقت فى روسيا، حيث شارك فى محاولة فاشلة لإطلاق شركة طيران. وبعد عودته لبريطانيا، أمضى كامنجز ثمانية أشهر كمستشار سياسى للزعيم السابق لحزب المحافظين آيان دنكان سميث الذى تولى زعامة الحزب وسط أجواء غير مسبوقة بعد هجمات 11 سبتمبر. وكان دنكان سميث من أوائل السياسيين البريطانيين الذين دعموا الغزو الأمريكى للعراق.

وبعدما ترك كامنجز عمله فى لندن، توجه إلى مزرعة والده فى دورهام، حيث قضى وقته فى قراءة كتب العلوم والتاريخ. لكنه عاد للظهور من جديد فى عام 2007 كمستشار خاص لمايكل جوف، الذى أصبح وزيرا للتعليم فى حكومة كاميرون عام 2010 وظل كامنجز مستشاراً لجوف حتى 2013. وخلال فترة عمله كمستشار لجوف، أثار كامنجز الكثير من الانتقادات من قيادات الحزب وموظفى الخدمة المدنية الذين وصفوه بأنه يتبع «أساليب تخويف»، ويحتقر العاملين فى قطاع الخدمة المدنية. كما وصفه كاميرون بأنه  «مريض نفسى» فى 2014 بعد معركة كامنجر مع الموظفين المدنيين فى وزارة التعليم.

ومع إعلان كاميرون استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبى 2016، ترأس كامنجز حملة المغادرة التى انتهجت عددا من الاستراتيجيات والأساليب التى وصفت بغير الأمينة، إذ استخدمت الحملة حججا ومعلومات تفتقد الصحة والدقة، وابتكر كامنجز شعار «استعادة السيطرة» الذى بات الشعار الأساسى للحملة، كما أنه صاحب الوعد بتوفير 350 مليون جنيه استرلينى أسبوعيا لنظام الرعاية الصحية فور الخروج من الاتحاد الأوروبى، والتركيز على الفوبيا من المهاجرين خلال استفتاء البريكست. ولاحقاً تبين أن حملة مغادرة الاتحاد الأوروبى انتهكت قانون الانتخابات بشأن حدود الإنفاق المالى من قبل اللجنة الانتخابية.

وعندما أصبح جونسون رئيسا للوزراء فى يوليو 2019، تم تعيين كامنجز كبير مستشارى داوننج ستريت. وبعد الفوز الكاسح لجونسون فى الانتخابات العامة المبكرة منتصف ديسمبر الماضى، أصبح كامنجز عمليا «رئيس أركان» حكومة  جونسون، وأقوى شخصية سياسية غير منتخبة فى البلاد.

وبحسب مصادر فى «داوننج ستريت»، فإن كامنجز بمثابة «الرئيس التنفيذى، يدير مكتب رئيس الوزراء والاجتماعات اليومية»، وهذا تحديداً ما يثير قلقا عارماً لدى الكثيرين. فإضافة إلى ازدرائه للبرلمان، وعدائه للصحافة، وقبضته الحديدية، وشخصيته الفظة، فإن كامنجز غير المنتخب والذى لا يخضع للمساءلة أو المحاسبة والمنتقد الدائم لقطاع الخدمة المدنية (الجناح الآخر للحكم فى بريطانيا والذى يقدم للوزراء نصائح غير سياسية حول كل الملفات الساخنة)، مقامرة كبيرة من جونسون فى هذه الأوقات الحاسمة.  

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق