رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سياحة الصحارى

 لمست كلمة أ. أحمد البرى في الأهرام بعنوان» التعايش السياحي مع كورونا» ما يجيش في نفوسنا جميعا، من رغبة في الهدوء والطمأنينة، لا تتحقق إلا بالخروج من ضيق المدن إلى سعة الصحراء من خلال سياحة السفارى، وهى والحمد الله تحقق التباعد الاجتماعى والرعاية الصحية المطلوبة بما نملك من صحارى شاسعة ومنتجعات وقرى سياحية عديدة مجهزة طبيا، بالإضافة إلي ثقافة «المخيمات البيئية» التي بدأت تنتشر في جميع المحميات الطبيعية والصحارى المصرية وتدعمها وزارة البيئة،

وأنقل لكم بعض ما عايشناه عندما كنا نسير في الصحراء ونقضي الليالي بصحبة البدو (سكان الصحراء) ونحيا حياتهم البسيطة بعيدا عن صخب المدينة وزحامها، فتقدم لنا الصحراء والطبيعة الخلابة بسمات الأمل للأنفس المضطربة وتأخذنا من أمل إلي أمل دون ملل أو كلل، وذات مرة ذهبنا إلي وادى جبل عباس والقلت الأزرق وما حولهما من حدائق الصحراء وما بها من أشجار اللوز والمشمش والفواكه الأخري التي يحرصون علي تقديمها للضيوف قبل القهوة أو الطعام، وفي المساء ونحن ملتفون حول النار نشاهد النجوم، ظهرت من بعيد أطلال قصر عباس باشا فسألت مضيفنا من البدو ما حكاية هذا القصر فقال: إن الخديو عباس (خديو مصر) قد مرض مرضا شديدا ونصحه الأطباء بأن يبعد عن المدينة وأدرانها ويذهب للاستشفاء في ذلك المكان لنقاء جوه وطيب رائحته، فأمر بإنشاء طريق من سانت كاترين إلي ذلك المكان والشروع في بناء قصر له هناك يشرف منه علي الأودية الخضراء وعيون الماء، وأن يُجهز مكان للاغتسال في مياه القلت الأزرق (بحيرة صغيرة من الماء العذب الصافي وسط الجبال)، ولكن لم تمهله الحياة للذهاب هناك ووافته المنية قبل اكتمال بناء القصر وبقيت أطلال القصر والطريق المعروفان الآن باسمه دليلا علي ما يمكن أن تقدمه الطبيعة الصافية للإنسان في وقت الشدة.

ويوجد في سيناء العديد من المنتجعات السياحية سواء علي خليج السويس (رأس سدر) أو خليج العقبة (شرم الشيخ) أو ساحل البحر المتوسط (العريش) والتي يمكن أن ينطلق منها رواد السياحة الداخلية لممارسة سياحة السفارى وقضاء بعض الليالي في الأودية والجبال المحيطة برفقة دليل من أهل المكان «البدو» الذي يحمل متعلقاتك وكيس النوم الخاص بك علي جمله ويسير أمامك إلي أول نقطة للتخييم والاستمتاع بالطبيعة الخلابة وما بها من نباتات طبية ذات روائح تسعد النفس، وعيون ماء تخرج من الجبال علي هيئة شلالات صغيرة، وعندما تتقاطع مع ضوء الشمس تذكرنا بقوس قزح بألوانه المتعددة وبعدما تشاهد ذلك تجد أن الدليل قد قام بتجهيز المكان وإشعال النار وأعد لك كوبا من شاي الجبل (الحبق) وجمع لك بعض الفواكه من حديقته القريبة وبعض الزعتر من الجبال لإضافته إلي الطعام، فتشعر بعد أول ليلة بنشاط غريب وطاقة متجددة، فتقرر العودة كل عام.

إن سياحة السفاري للصحاري ليست مقصورة علي سيناء فحسب فهناك العديد من المنتجعات والقري السياحية علي شاطئ البحر الأحمر تنظم رحلات إلي جبال وأودية الصحراء الشرقية بصحبة أحد أبناء العبابدة وزيارة المحميات الطبيعية هناك، كما أن الصحراء الغربية ومدائنها (الواحات البحرية، سيوة، الفرافرة، الداخلة، الخارجة، العوينات) يمكن الانطلاق منها لزيارة الصحراء البيضاء والتزلج علي الرمال وكذلك البحث عن النيازك التي سقطت علي الصحراء الغربية منذ آلاف السنين، حيث يصل سعر الجرام الواحد منها إلي أكثر من 1000 دولار، بالإضافة إلي تجميع الحفريات والصخور ذات الأشكال الغريبة، كما توجد البحيرات وعيون الماء الدالة علي رحمة الله، ففي منطقة الباويطي يوجد نبعان من المياه يخرجان من مكان واحد أحدهما عذب وبارد (عين الباشمو) والآخر مالح وحار (عين الدردير) فسبحان من فجر الصخر بنقيضين من مكان واحد، وهناك الكثير الذي يمكن أن يستمتع به المصريون، لذا فإنني أدعوهم لانتهاز فرصة وقت الحجر وقرب انتهاء أبنائنا الطلاب من دراساتهم والذهاب في سياحة داخلية إلي الصحاري المصرية الشاسعة للاستمتاع بالمحميات الطبيعية وتجديد النشاط في مكان يناسب دخلك (منتجع سياحي أو مأوى بيئى) مع ضرورة توافر الشروط الصحية التي حددتها الحكومة للحماية الصحية والتباعد الاجتماعى.

 

د. كمال عودة غُديف

أستاذ بجامعة قناة السويس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق