رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نتائج إيجابية لـ (كوفيد 19 ) على البيئة والمناخ

فاطمة محمود مهدى

دفعت جائحة كورونا العالم إلى ترتيب أولوياته، بعدما تأكد أن التقدم الاقتصادى والتفوق العسكرى غير كاف لتحقيق الاستقرار والأمن،و أثبتت هذه الأزمة أن الصحة فى الوضع الحالى تأتى فى المقدمة ، فلقد عانت الدول الكبرى من الفيروس الذى أصاب اقتصادها بالشلل ،وأفراد جيوشها بالمرض،ولذلك قامت الدول برصد ميزانيات بمليارات الدولارات لكبح جماح كوفيد -19 والوصول للقاح لمواجهته و تم جمع تبرعات بمبلغ 8٫1مليار دولار لإنتاج لقاح ضد الفيروس القاتل. ولأن حياة البشر مرتبطة  بوضع الصحة والبيئة المحيطة بهم،كان لابد أن يتم رصد تأثيرتفشى كورونا على البيئة ومدى تغيرالمناخ ،وهنا ظهرت صورة أخرى معاكسة لأوضاع كافة مناحى الحياة ،حيث تحقق تحسن ملحوظ لم يتحقق منذ أكثر من 30 عاما.

وأصبح على سكان العالم ،الذين يقدر عددهم بنحو 10مليارات نسمة، تغييرسلوكياتهم وعلاقتهم بالطبيعة ،وعلى الحكومات التحول إلى الاقتصاد الأخضر،للمحافظة على المكاسب المناخية التى ساهم فيروس كورونا فى تحقيقها نتيجة للإجراءات الاحترازية التى تم فرضها على البشر للحد من تفشى الوباء. فلقد تحسنت جودة الهواء فى 337 مدينة حول العالم بنسبة 11٫4 فى المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن انبعاثات الكربون ستتراجع بنسبة 6% خلال العام الحالي بسبب انخفاض الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل والمصانع وإنتاج الطاقة ، وهو ما حدث بالفعل فى الصين  حيث انخفضت انبعاثات الكربون بنسبة 25% فى فبراير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى ، وانخفض مستوى ثانى أكسيد النيتروجين بنسبة 42% ، وهو من الغازات الدفيئة التى يمكن أن تسبب السرطان و مشكلات فى الجهاز التنفسى ، وتراجع استهلاك الفحم بنسبة 40 %فى ست من أكبر محطات الطاقة فى الصين ، وتراجعت مستويات التلوث فى نيويورك بنحو 50 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.وشهدت دول أوروبا «انخفاضا ملحوظا» فى تلوث الهواء حيث تراجعت فى ايطاليا انبعاثات ثانى أكسيد النيتروجين، ،وانخفض مستوى أكسيد النيتروز بنسبة 56% فى إسبانيا،وهو ماحدث ايضا فى العديد من العواصم والمدن الأوروبية،وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن برنامج «كوبرنيكوس» لتغير المناخ، أن أوروبا فى شهر مارس، كان متوسط درجات الحرارة بها أعلى بدرجتين تقريبا على معدل 1981-  2010،وهو ما يؤكد تراجع متوسط مستويات التلوث،وانخفاض انبعاثات الكربون العالمية لأقل مستوى منذ 30 عاما.وبالرغم من اختلاف آراء الخبراء إلا أن البعض يرى أن تحسن المناخ بسبب إجراءات الحد من تفشى كورونا ساهم فى  إغلاق ثقب الأوزون . ويرى العلماء أن هذا الانخفاض ربما أنقذ ما لا يقل عن 77000 كائن حي،والتحسن طال أيضا الحياة البرية فبعد سنين من الحماية الفيدرالية للشعب المرجانية ،أصبحت فى مأمن وعادت إلى طبيعتها الخلابة، وزادت نقاوة الممرات المائية فى مدينة البندقية بصورة غير مسبوقة، والحيوانات البرية عادت للتجول بحرية .

أصدرت الصين  قرارا بوقف تجارة واستهلاك الحيوانات البرية بشكل دائم وهى تجارة تقدر بـ 74مليار دولار،وجرمت تناول الكلاب والقطط .

والسؤال هل يمكن ان يستفيد المناخ من الإجراءات المتخذة لمكافحة الفيروس المستجد على المدى الطويل ؟وكيف نحقق الهدف المنصوص عليه فى اتفاق باريس للمناخ، بشأن احتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض بحلول عام 2030، بما لا يتجاوز 1٫5درجة مئوية أكثر من المستوى الذى كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وتقليص حجم الغازات المسببة للاحتباس الحرارى بنسبة تقارب 60 %؟،وجاءت الإجابات لتؤكد أن التأثير الإيجابى الذى خلفه الوباء على المناخ لن يدوم ،فبمجرد مرور الأزمة سيستأنف الكوكب أعماله من جديد ،وبشكل مكثف وسريع ليتخلص  العالم من حالة الركود الاقتصادى والخسائر التى عانى منها خلال فترة العزل والحجر الصحي،ولذلك فإن التحدى الحقيقى يكمن فى تبنى الدول لاقتصاد يتوافق مع السياسة الخاصة بتغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة، بمعنى انتهاج سياسة تعتمد على أن دعم القطاعات يجب أن يكون مشروطا باحترام المناخ والبيئة،بما فى ذلك الشركات متعددة الجنسيات والطيران وصناعة السيارات ،بعدما أثبتت الجائحة أن الدول الديمقراطية اتخذت إجراءات مشددة مخالفة لسياساتها عندما تعرضت حياة السكان للخطر.

بالفعل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تؤثر على درجات الحرارة والرطوبة ،مما يؤثر بشكل مباشر على بقاء الميكروبات والفيروسات فى البيئة،حيث أكدت الأبحاث العلمية أن أوبئة الأمراض ستصبح أكثر انتشارا مع تغير المناخ،وذلك أدعى للمحافظة على التوازن الطبيعى والاهتمام بالبحث العلمى المختص بحماية البيئة وصرف المليارات لدعمه ودعم الرعاية الصحية . ومن هذا المنطلق اجتمع وزراء البيئة لـ30 دولة فى مؤتمر عقد الأسبوع الماضى عبر الانترنت وأطلق عليه»حوار بطرسبرج بشأن المناخ» وركز التجمع على كيفية تنظيم تعاف اقتصادى «صديق للبيئة «بعد انتهاء المرحلة الحادة من الوباء ،والتوصل إلى اتفاق دولى بشأن خفض انبعاثات الكربون ،وجدير بالذكر أنه تم تأجيل عقد مؤتمر الأمم المتحدة الدولى الـ 26بشأن تغير المناخ ،والذى كان مقرر عقده فى اسكتلندا نوفمبر 2020 إلى عام 2021بسبب فيروس كورونا ،وهو ما جعل العديد من الخبراء يرى أن الفيروس القاتل أضر بالمناخ أكثر مما أفاده ،باعتبار أن هناك نقاطا مفصلية وملزمة كان سيتم اتخاذها فى هذا الاجتماع من أجل تفعيل اتفاقية باريس 2015. ولكن يرى البعض أن هناك دولا لن تتخلى عن خططها التنموية القائمة على الانبعاثات الكربونية الكثيفةمثل الصين و الولايات المتحدة التى تعهدت بإنقاذ شركات الوقود الأحفورى المتعثرة ،وأن الاقتصاد الأخضر كان يمثل تحديا هائلا للاقتصاد فى قمة نشاطه، ولكن بعد أزمة كورونا وتدهور الاقتصاد أصبح هناك استحالة فى تطبيقه،ولكن يمكن أن تطبق الشركات التكنولوجيا النظيفة بشكل تدريجي،لتحقيق الالتزام بخفض انبعاثاتها الضارة بالبيئة بما يتماشى مع الأهداف الدولية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق