رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فيه استرد المسلمون هيبتهم وقوتهم..
«بـدر الكبرى».. يوم الفرقان بين الحق والباطل

جيهان إمام

كانت هذه المعركة بين الكفر والايمان فقاتل فيها الرجل عمه وأباه وأبنه وأخاه وخاله، قتل فيها عمربن الخطاب رضي الله عنه خاله العاص بن هشام، وواجه فيها أبوبكر أبنه عبدالرحمن، وأسر فيها المسلمون العباس وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلى فيها كلمة الايمان على كلمة الكفر وفرق بين الحق والباطل فسمي ذلك اليوم يوم الفرقان.

 

تفاصيل المعركة يرويها الدكتور محمد عادل عبدالعزيز أستاذ التاريخ الإسلامى جامعة الأزهر، قائلا: غزوة بدر كانت في اليوم السابع عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة، وسببها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يريد متابعة قافلة قريش العائدة من الشام إلى مكة، ولم يكن يريد قتالاً، وعلى الرغم من أن القافلة والتي كان يقودها أبو سفيان قد نجت بعد أن كان أرسل إلى قريش يستنقذها لحماية القافلة، فخرجت قريش في نحو ألف مقاتل، منهم ستمائة دارع (لابس للدرع) ومائة فرس عليها مائة درع سوى دروع المشاة، وسبعمائة بعير، ومعهم القيان يضربن بالدفوف، ويغنين بهجاء المسلمين.

أما المسلمون فكان عليهم أن يعدوا العدة لمواجهة العدوان القادم من قريش، فكانت عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلاً، أكثرهم من الأنصار، وكان معهم سبعون جملاً، وفرسان أو ثلاثة أفراس فحسب، وكان يتعاقب النفر اليسير على الجمل الواحد فترة بعد أخرى، وقبل المعركة أراد النبي صلي الله عليه وسلم، أراد أن يستشير أصحابه، وخاصة الأنصار، في خوض المعركة، فأشار عليه المهاجرون بخوضها وتكلموا خيراً، ثم علم الأنصار أنه يريدهم، فقال له سعد بن معاذ وهو سيد الأنصار جميعا: يا رسول الله قد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، ما نكره أن تلقي بنا عدونا غداً، وإنا لصبر عند الحرب، وصدق عند اللقاء، لعل الله يريك من ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، وقال غيره مثل ذلك.

وحينئذ سر الرسول – صلى الله عليه وسلم – لذلك وقال: سيروا على بركة الله، وأبشروا، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، إما العير، وإما النفير، ثم سار الرسول – صلى الله عليه وسلم – حتى وصل أدنى ماء من بدر فنزل به، فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله.. أهذا منزل أنزله الله تعالى: لا تتقدمه، ولا تتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال الرسول – صلى الله عليه وسلم – بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فأشار عليه الحباب بن المنذر أن يسير إلى مكان آخر هو أصلح وأمكن للمسلمين من قطع ماء بدر عن المشركين، فنهض الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه حتى وصلوا إلى المكان الذي أشار به الحباب، فأقاموا فيه، ثم أشار سعد بن معاذ أن يبني للرسول – صلى الله عليه وسلم – عريشاً وراء صفوف المسلمين، فإن أعزهم الله كان ما أحب، وإلا جلس على ركائبه ولحق بمن في المدينة، وقال له سعد: فقد تخلف عنا أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً لما تخلفوه عنك، فدعا له النبي – صلى الله عليه وسلم - وأمر أن يبني له العريش، ولما التقى الجمعان، أخذ الرسول يسوي صفوف المسلمين، ويحرضهم على القتال، ويرغبهم في الشهادة، وقال: "والذي نفسي بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابراً محتسباً، مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة" ورجع إلى عريشه ومعه أبو بكر، ويحرسه سعد بن معاذ متوشحاً بسيفه، وأخذ الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الدعاء، ومن دعائه: "اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم أن تهلك هذه العصابة (المؤمنون المحاربون) لا تعبد في الأرض" وأطال في سجوده، حتى قال له أبو بكر: حسبك، فإن الله سينجز لك وعدك، ثم حمى القتال، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين، وقد قتل من المشركين نحو من السبعين، فيهم أشركهم أبو جهل وبعض زعمائهم، وأسر منهم نحو السبعين، ثم أمر بدفن القتلى جميعا، وعاد إلى المدينة، ثم استشار أصحابه في أمر الأسرى – فأشار عليه عمر بقتلهم، وأشار عليه أبو بكر بفدائهم، فقبل الرسول – صلى الله عليه وسلم – مشورة أبي بكر، وافتدى المشركون أسراهم بالمال.

وقد نزل في معركة بدر آيات من كتاب الله الكريم، قال الله تعالى في سورة آل عمران: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ).

كما نزل العتاب لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قبوله فداء الأسرى، فقال الله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

دروس مستفادة

ومن أهم الدروس التي يمكن أن نتعلمها من غزوة بدر هو صدق التوكل علي الله واليقين بنصره مهما كان العدد والعدة قليلا، بالإضافة إلي تطبيق مبدأ الشورى، وتعويد الأمة على ممارستها، وبيان أهميتها، وذلك أسوة بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، حين استشار أصحابه وأخذ بمشورة الحباب بن المنذر.

ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط سابقا:  نتعلم من غزوة بدر أمورا كثيرة، أولها: الثقة بقدرة الله عز وجل وليتذكر المسلم قوله تعالى «كم من فئة قليلة غلبت فئه كثيرة الا بإذن الله» فالمسلمون فى غزوة بدر كانو أقل من ثلث المشركين، ومع ذلك نصرهم الله سبحانه وتعالى نصرا مبينا، كما قال تعالى: «وما النصر الا من عند الله ان الله عزيز حكيم».

ومن الغزوة نتعلم أيضا التوحد والترابط بين أفراد المجتمع واعتبار أن الكل فى سفينة واحدة، وأنه يجب الدفاع عن الوطن وعدم التهاون في استرداد حقوقه الضائعة، فالمسلمون فى غزوة بدر استردوا هيبتهم وقوتهم وبعضا من الأموال المنهوبة التى فقدوها فى مكة وهذا ما جعل لهم هيبة وقوة فى الجزيرة العربية لأول مرة منذ ظهور الاسلام فصدق الله تعالى إذ يقول "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة". كما نتعلم كذلك: الفرح بنعمة الله عز وجل حينما ينال الانسان خيرا من الله تعالى، وقد فرح المسلمون بما من الله عليهم من نصر، وذلك أمر مشروع وحبذا لو جعل الانسان ذلك الأمر منهجا لحياته ، قال تعالى "قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا وهو خير مما يجمعون". 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق