رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العاقل والحمقاء

بريد الجمعة;

أنا سيدة نشأت فى أسرة بسيطة لها عاداتها وتقاليدها المحافظة, وقد كتمت حبى للشاب الذى أسرنى بشخصيته فى سنوات المراهقة، ولم أشعره بذلك, وظللت أراقبه من بعيد, وظل حبى مكتوما فى قلبى حتى تخرجنا ومضى كل منا إلى سبيله.. ومرت سنوات تقدم لى خلالها الكثيرون، ولكن لم يجذبنى أحد, فرفضتهم واحدا بعد الآخر, فاتهمنى من حولى بأننى لا يعجبنى العجب، وأمام الضغوط الأسرية استسلمت للأمر الواقع ووافقت على أحدهم, وخلال فترة وجيزة تزوجته وانتقلت إلى عالم جديد كله صدمات، إذ وجدتنى أمام رجل أناني, يجعل كل شيء جميل أقبح من القبح! فتبدلت من إنسانة جميلة, تحب الآخرين إلى أخرى شريرة، فالكل عرفونى بالتفانى فى خدمة من حولي, وقد أغدقت عليه حبى ومشاعرى، لكنه حولنى إلى شخصية أخري, ولم ينادينى يوما باسمي, وصرت زوجة بلا إسم، وأمعن فى إذلالى لما أحس بضيقى من هذا التصرف.

وإذا عرف أننى أحب شيئا ما فعل عكسه، ولا ينسى أن يذكرنى من حين لآخر بأنه أنقذنى من العنوسة متجاهلا العدد الكبير من الخاطبين الذين رفضتهم وهو يعرفهم واحدا واحدا.

ووسط هذا الجحيم لم يهون علىٌ عذابى سوى ذكرى حبيبى الذى طوت الأيام صفحته!، فكلما تذكرته أشعر أننى مازلت أحمل قلبا عامرا بالحب، وكثيرا ما حلمت بأنه عاد إلىّ، بل ودعوت الله بذلك, وبالفعل حصلت على رقم هاتفه, واتصلت به فقط لأسمع صوته, وتحديت حيائى وحكيت له ما يحدث معى لكنه كان شهما كعهدى به فقدم لى نصائحه.. ولم تخرج مكالماتنا عن حدود الأدب, وظل فى منتهى التحفظ معى..ولقد أعادت عباراته وكلماته نظرتى المتفائلة, وأصبحت أكثر حيوية وإشراقا, وزادت قدرتى على الصبر والتحمل والعطاء والتقرب إلى الله!، والمحزن حقا هو ما عرفته من أنه يفعل ذلك بدافع الإشفاق، وإزاء موقفه عدت من حيث بدأت أكثر انكسارا، وانزوت مشاعرى من جديد، وعادت إلى قلبى حسرته ومرارته وانهزامه.. إننى أعيش فترة اضطراب عصيبة, ولا أدرى أين سترسو سفينتي؟

 

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

 

العامل المشترك فى هذا النوع من المشكلات المتكررة أن كل طرف يلقى باللائمة على الطرف الآخر, ويختلق الذرائع التى يحاول بها أن ينفى تهمة التقصير أو الخيانة عن نفسه، ولقد فعلت ذلك فأسهبت فى الحديث عن نفسك والتزامك الدينى والأخلاقى بعبارات مطولة حذفتها لعدم أهميتها فى سياق الحديث عن مشكلتك، والمعنى الذى قصدتيه من ذلك هو إيضاح أنك إنسانة محبوبة ومسالمة.. إلخ، ولأن قلبك تعلق بشاب من طرف واحد, فإنك رفضت الكثيرين ممن تقدموا لك، وعندما خفت أن تفوتك فرصة الزواج ارتبطت على الفور بمن جاء طالبا يديك دون إمعان فيما إذا كنت ترتاحين إليه أم لا, ومن هنا توالت عليك الصدمات, فاكتشفت أن فتاك الذى غاب عنك مازال فارس أحلامك، وتوقفت عند كل هفوة من زوجك, وحاولت إيجاد المبرر الذى يدفعك إلى إعادة التفكير فى فتاك، فهل هذه هى الأخلاق العالية والتقرب إلى الله الذى تدعين أنك تراعينه فى كل تصرفاتك؟ وهل يعقل أن تكون سيدة على ذمة رجل وقلبها مع رجل آخر وترى أن الله استجاب لدعائها وحلمها بأن تعود المياه إلى مجاريها مع رجل باعدت الأيام بينهما وهى متزوجة برجل آخر، والمدهش أن فتاك السابق يرفض هذه العلاقة التى تلحين عليها, وهو على هذا النحو رجل ملتزم لا يخوض فى علاقات محرمة يرفضها الدين ويأباها العاقل الذى يتحاشى الانزلاق إلى حافة الهاوية.

إن المرأة المتزنة هى التى تستطيع أن تزرع الجمال فى قلب الرجل, وأن تنفذ إليه من باب الحب وحسن العشرة.. جربى ذلك وسوف تجدين النتيجة الطيبة التى تشعرك بأنوثتك واعلمى أنه تزوجك لأنه رأى فيك الشريكة المناسبة التى يطمئن إليها وأن تكونى أما لأبنائه ويكمل معك مسيرة الحياة, فهذه هى الحقيقة التى تتعامين عنها والإيمان بها وانصرفت للحياة فى الخيال مع إنسان آخر له بيت وزوجة وأولاد!!

كفاك حمقا، وانتبهى إلى أبنائك واعلمى أنه يخفق فى الزواج كل من يعجز عن التضحية أو يتردد فى تقديمها.

وإنى أنصح زوجك بأن يغير معاملته لك، وأن يعطيك مساحة من الود، فكل رجل خالص القلب والعزيمة يحترم زوجته ويترفق بها ويحنو عليها وليكن هو هذا الرجل إذا كان حريصا على استقرار بيته وأسرته.

وأسأل الله لكما الهداية والبعد عن المعاصي, فمن آمن واتقى وراعى المولى عز وجل فى كافة أقواله وأفعاله يكون محصنا من الخوف والحزن, وبالتالى لا يقع فيما يغضب الله, ويعيش هادئ النفس مطمئن البال, فاسعدى بأولادك وزوجك فهم مرفأ الأمان لك, ولا أحد غيرهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق