بعد الاتفاق الذى أبرم بين بنيامين نيتانياهو وبينى جانتس لتشكيل حكومة إسرائيلية بشرط فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة فى الأول من يوليو المقبل، تكشفت المساعى الإسرائيلية الحثيثة لتنفيذ الخطة الأمريكية للسلام فى الشرق الأوسط، التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وعندما أعلن وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو أن قرار ضم أراض فى الضفة الغربية المحتلة يعود إلى الحكومة الإسرائيلية، واعتبره مراقبون بمثابة ضوء أخضر لحكومة نيتانياهو– جانتس للمضى قدما فى الترتيبات المتفق عليها بينهما بشأن البدء بفرض السيادة الإسرائيلية على أراض فى الضفة الغربية فور انتهاء الطاقم الأمريكى– الإسرائيلى من رسم الخرائط، التى تتيح لحكومة اسرائيل المباشرة بتنفيذ الصفقة على الأرض من طرف واحد بإجراءات ضم لمناطق الاستيطان وسط انشغال العالم بالحرب على وباء «كورونا».
قرار أمريكى إسرائيلى
وفقا لتقرير صادر عن المكتب الوطنى للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ،أن حديث بومبيو لم يكن ارتجالا بقدر ما هو تقدير متفق عليه فى طاقم العمل الأمريكى– الإسرائيلى المكلف بإنجاز خرائط الضم قبل هذا التاريخ، ليصبح ممكنا وضع الترتيبات العملية لخطوات أحادية من جانب اسرائيل بموافقة أمريكية. وفى تصريح أدلى به نيتانياهو عبر الإنترنت للاحتفال بمرور 100 عام على مؤتمر سان ريمو، الخاص بتقسيم أراضى الشرق الأوسط التى كانت تسيطر عليها الامبراطورية العثمانية بين القوى الأوروبية التى انتصرت فى الحرب العالمية الأولى. وقال نيتانياهو إنه يرغب فى تنفيذ جزء من «خطة السلام» التى وضعها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسلام فى الشرق الأوسط وأعلن عنها فى يناير الماضي، والتى تسمح لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية. وقال إن «الرئيس ترامب تعهد بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على وادى الأردن»، واصفا الخطوة بأنها «لحظة تاريخية». وكان فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وضم غور الأردن جزءا من حملة نيتانياهو الانتخابية الأخيرة فى الثانى من مارس الماضي. كما رحب دافيد فريدمان السفير الأمريكى لدى إسرائيل، بالاتفاق الذى جرى بين بنيامين نيتانياهو، وبينى جانتس، بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، معربا عن التطلع إلى العمل عن كثب مع الحكومة الجديدة لتعزيز المصالح المشتركة بين واشنطن وتل ابيب. جدير بالذكر أن اتفاق نيتانياهو جانتس مرفوض من الشارع الإسرائيلى الذى خرج بالآلاف فى شوارع تل أبيب، معبرا عن رفض حكومة «الوحدة» بتقاسم السلطة 18 شهرا لكل منهم ورفع المتظاهرون الذين كانوا يرتدون ملابس سوداء، شعارات ضد «الفساد» وهتفوا بعبارة «الشعب ضد الحكومة». واعتبروا أنها مناورة من نيتانياهو الذى يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال والإخلال بالأمانة».
تنديد دولى
وقد حذر المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام فى الشرق الأوسط نيكويلاى ميلادينوف، من أن أى ضم محتمل لأراضٍ فلسطينية إلى إسرائيل سيكون ضربة مدمرة لمبدأ حل الدولتين. فيما أكد الممثل الأعلى للاتحاد الاوروبى للشئون الخارجية جوزيب بوريل ، أن الاتحاد الأوروبى لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وأن موقف الاتحاد الأوروبى من وضع الأراضى التى احتلتها إسرائيل عام 1967 لم يتغير، تماشيا مع القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فى ذلك القراران 242 ، و338 . وقد لاقى هذا الاتفاق بفرض «السيادة الإسرائيلية» على مناطق فى الضفة الغربية تنديدا أوروبيا وروسيا، وفى الوقت ذاته أكد غالبية أعضاء مجلس الأمن رفضهم لهذه المخططات أو الاعتراف بأى تغييرات أحادية الجانب تسعى لتقويض حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وأعربت روسيا عن قلقها إزاء خطط التنفيذ الأحادى للخطة الأمريكية للسلام فى الشرق الأوسط، فيما أكد وزير الشئون الخارجية الأيرلندي، سيمون كوفيني، خطورة أى خطوة من قبيل ضم الأراضى فى الضفة الغربية، لأنها جزء من الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأن القانون الدولى يحظر ضم الأراضى بالقوة.
كورونا أداة الاحتلال
وحسب تقرير منظمة التحرير عن الاعتداءات الإسرائيلية ضد القرى الفلسطينية يستغل المستوطنون أزمة «كورونا» للاستيلاء على أراض فى أنحاء الضفة الغربية بدعم من قوات الجيش الإسرائيلى، حيث تفاقم عنف المستوطنين منذ ظهور مؤشرات على انتشار فيروس كورونا فى الأراضى الفلسطينية فى أنحاء الضفة الغربية رغم تقييد الحركة والإغلاقات وسلسلة إجراءات العزل الاجتماعى المشددة التى اتخذتها إسرائيل. ووفق تقرير حديث لمنظمة مركز «بتسيلم» تنتشر ظاهرة عنف المستوطنين فى جميع محافظات الضفة وتبرز فى تلال جنوب الخليل والتى جرى توسيعها ومنطقة «شيلا» وكتلة البؤر الاستيطانية المحيطة بها والتى تطال هجمات مستوطنيها القرى الفلسطينية إضافة لذلك يسوق المستوطنون قطعان أبقارهم وأغنامهم للرعى فى حقول الفلسطينيين الزراعية فى منطقة الأغوار فى ظل الدعم المطلق الذى تمنحه دولة الاحتلال لعنف المستوطنين. وخلال أزمة الوباء العالمى صادق المستشار القضائى لحكومة إسرائيل أفيحاى مندلبليت ، على قرار يقضى بالاستيلاء على أراضى الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل ، وتوظيفها للمشاريع التهويدية والاستيطانية تحت ذريعة التطوير والتوسع . ويتخوف أهالى محافظتى سلفيت وقلقيلية من تدفق مياه الصرف القادمة من المستوطنات فى ظل جائحة كورونا وأصبح التخوف من نقل فيروس «كورونا» عبر مياه الصرف التى تتدفق فى الأودية الفلسطينية بمسافة ثمانية كيلومترات وأكثر، ما أدى إلى تلف أشجار الزيتون وتلوث التربة فى المنطقة، كما اقتحم عشرات المستوطنين (الحريديم) المشتبه بإصابة عدد منهم بفيروس كورونا بلدة كفل حارس قضاء مدينة سلفيت، وأدوا طقوسا تلمودية فى منطقة القبور التاريخية فى البلدة، دون أن تمنعهم قوات الاحتلال التى فرضت قيودا على حركة المواطنين بدعوى مواجهة كورونا. وينتمى هؤلاء لطائفة «براسلاف»، والتى أصيب عدد كبير من أفرادها بفيروس «كورونا»، وقد قدموا من مدينة «بنى براك» المتفشى فيها الفيروس، ومن مناطق أخرى فى الداخل ومن المستوطنات المقامة فى الضفة الغربية.
رابط دائم: