رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حديث السرادقات

بريد;

فرضت الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، حظراً على إقامة ليالي العزاء وسرادقاته، ولا أعتقد أن أحداً قد ضاق ذرعاً بذلك أو تبرم منه، إن لم يكن قد صادف هذا الحظر هوى في نفوس الكثيرين، فإقامة سرادقات العزاء كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على أهل المتوفى، نفسياً ومادياً، إذ يجدون أنفسهم وهم في لوعة الحزن وألم الفراق، مشغولين رغم أنوفهم بالإعداد لليلة العزاء، ومضطرين للخروج والوقوف ساعات في استقبال المعزين، بدلاً من أن يخلوا بعضهم ببعض، ويستجمعوا شتات أنفسهم التي مزقها مصابهم الأليم، كما تتكلف السرادقات مبالغ ليست بالقليلة، من تكلفة الفراشة والمشروبات، وأجرة المقرئين، والمصاحف والمطبوعات التي صار أهل الميت يطبعونها ليأخذها المعزون، كما صارت ليالى العزاء في أحيان كثيرة، مضماراً للتنافس والتفاخر، حتى حرص العديد على تصوير وقائعها ومن يؤمها من علية القوم، ونشر الصور والكليبات في مواقع التواصل والفضائيات.

وعلى صعيد آخر، يرى الكثيرون أن تأدية واجب العزاء في السرادق صار واجباً ثقيلاً عليهم، فحركة المرور اليوم كثيفة وبطيئة، وشد الرحال إلى دور المناسبات بالمساجد قد يستغرق ساعات طويلة، فضلاً عن تعذر العثور على مكان لركن السيارات، ولم يعد معظم رواد السرادقات يستحضرون الموت ولا جلاله، بل حولوا الأمر إلى مناسبة اجتماعية، فيتحادثون معاً ويتضاحكون، ولا يقيمون احتراماً للقرآن الذي يُتلى، بل ويخطو بعضهم مسرعاً من مكانه خطوات حثيثة ليتبادل العناق والقبلات مع صديقٍ لمحه أو قريبٍ رآه، أو خليلٍ قديمٍ لم يلقه من زمن، فيسعى إليه لينعما معاً بطيب التداني بعد طول تناء.

ليتنا بعد انحسار موجة الوباء عن بلادنا، وزوال غمته، ألا نعود مرة أخرى لسرادقات العزاء، فما هي إلا التزام أدبي مكروه من جانب أهل الميت يأتونه بسيف الحياء، وتكلفة مالية لا داعي لها، وعبء على وفود المعزين القادمين من كل مكان، وسبب من أسباب ازدحام الشوارع بالسيارات بلا داع، فضلاً عن أنها صارت ميداناً لممارسات وعادات اجتماعية مؤذية، أبعد ما تكون عن جلال الموت.

د. يحيى نور الدين طراف

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق