معركة وجود

بالفعل هى معركة وجود, أن تنطلق مصر الدولة للأمام وتخرج من عُنق زجاجة حُبست بداخلها قرونًا طويلة, وإن كانت الدولة سابقة فى وجودها على فكرة التاريخ, وعلى نشأة الأمم الإنسانية التى نعرفها اليوم, إلاّ أن مأساتنا هو وعينا, فحينما تعى الدولة قيمتها على المستويين الإقليمى والدولي, وتبدأ فى رفع هامتها لأخد وضعها الطبيعي, عندئذ يتكاتف ضدها صديق اليوم وعدو الأمس, وتتلاشى خيوط الكراهية بينهم وتتآلف المصلحة, وتتوارى الهوية واللغة والقومية والدين جانبًا, يصبح القاسم المشترك بين من يجاورك حدودك هو الوجود, وجودك أن تُصبح تابعًا تتسوّل سنبلة القمح, ويبقى منتهى أملك أن تقضى يومك تلو الآخر دون كارثة تهددك.

إن سيناء مساحة جغرافية تقارب 7% من مساحة «مصر الدولة» مساحة كبيرة تتجاوز التى يعيش عليها مائة مليون نسمة بطول مصر وعرضها الآن، وهى مطمع من قديم الأزل, والعمل على تنميتها عقب نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادى يؤرق هؤلاء جميعًا, ولذا فإن العمليات الارهابية التى تحدث على أرضها هى دلالات لسياسات رسمها آخرون لعرقلة الدول , ولكن هؤلاء تجاهلوا أن لكل قانون استثناء يرد عليه، وأن الضغط المستمر لا يولّد انفجارًا دائمًا, بل مزيدا من التلاحم والتماسك والإصرار، فالطريق أصبح واضحًا، وإن تنمية سيناء مصير لابُد منه, وكلما زادت التضحيات، دانت الثمرة وأصبحت قريبة المنال.

محمود حمدون