رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى مثلث «الدمار العربى»..لا وقت للحرب

‎ شريف سمير
الأكراد وسنوات من العذاب

عندما أبدع عميد القصة القصيرة الدكتور يوسف إدريس روايته العذبة الشهيرة «لا وقت للحب» والتى تحولت إلى فيلم سينمائى رائع عام ١٩٦٣، لم يكن ليتردد فى كتابة الجزء الثانى من نفس النسيج ليكون عنوان الرواية الجديدة «لا وقت للحرب» إذا ما أمهله العمر أياما ليعيش أجواء فيروس كورونا ودروسه الملتهبة!.

‎إن عشق الوطن علا فوق المشاعر الشخصية فى رواية الستينيات، وبذات المنطق يفترض أن تتوقف آلة الحرب وتصمت لغة الصراعات وجولات المعارك، ليسود مبدأ القتال من أجل الحياة وضد عدو فتاك يتسلل تحت الجلد ويهدد العالم أجمع بالفناء .. وهذا ما طالب به الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش من وقف فورى للصراعات المسلحة فى جميع أنحاء العالم، والعمل على إنشاء ممرات للمساعدات لمواجهة الوباء، فيما أعلن صندوق النقد الدولى أن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ستعانى تراجعا كبيرا فى النمو الاقتصادى خلال ٢٠٢٠ تحت تأثير تفشى الفيروس، وعلى نحو يفوق فاتورة الحروب التى مزقت دولا فى مقدمتها اليمن وسوريا وليبيا. ‎وقد أثار وصول كورونا إلى سوريا شبح المخاوف من انتشاره فى بلد المستشفيات المتهالكة والمخيمات المتكدسة طوال ٩ سنوات ليخترق الفيروس الحدود السورية بسهولة. فقد حذرت مستشارة المجلس النرويجى للاجئين ريتشيل سايدر من تحول سوريا إلى الدولة الأكثر عرضة للوباء عالميا فى ظل انهيار منظومة الخدمات الصحية الأساسية والبنية التحتية. وسريعا تحركت الحكومة السورية بمنع التنقل بين المحافظات وإغلاق المدارس والمطاعم وفرض غرامات باهظة على المخالفين.

‎كما ينذر الوضع فى شمال سوريا بضرورة الحظر وإلزام أطراف الصراع العسكرى بتطبيق هدنة أخرى فى محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها، انطلاقا من أن إدلب عصب العمليات المسلحة و «حصان طروادة» الذى تختبئ خلفه الأطماع التركية لاختراق سوريا وتفتيت أمنها الداخلى. ومع حلول شهر رمضان، يراهن السوريون على «هدوء مؤقت» فى نغمة الحرب وشيوع التعبئة العامة فى الشوارع والمراكز الصحية تحسبا لموجات متوقعة من «تسونامى كورونا».!.

‎ولايختلف الوضع كثيرا فى اليمن، فالأوضاع الإنسانية مستمرة فى التدهور والضياع، ومنذ ٥ سنوات تقف البلاد على حافة كارثة صحية جراء انتشار مرض الكوليرا، ولاتتحمل أعباء كارثة أخرى من قبيل كورونا. ويحذر الخبراء من انتشار سريع للفيروس مع عجز المرافق الصحية عن استيعاب التدفق الكبير للمرضى. ومن ثم، يتحد كورونا والكوليرا فى لعبة «الموت البطىء» أمام ملايين اليمنيين الذين ينتظرون فى لهفة المساعدات المالية العاجلة مع قرب نفاد الاحتياطى النقدى.

‎ وسعت الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن جريفيث، إلى إبرام «هدنة هشة» بين أطراف النزاع (الحوثيون من جهة، والحكومة والتحالف بقيادة السعودية من الجهة الأخرى)، ليستجيب التحالف بإعلان وقف عملياته العسكرية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد، لإتاحة الفرصة لمكافحة المرض ومنح كلا الطرفين مهلة مناسبة لمناقشة العديد من الملفات، بما فى ذلك، الإجراءات التى يمكن أن تسمح بحالة من التنسيق لمواجهة تهديد كورونا وتأثيراته الاقتصادية .. إلا أن الهدنة المؤقتة مهددة بالفشل على ضوء خروقات الحوثيين لبنودها وشروطها والاستمرار فى تصعيد هجماتهم بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والصواريخ الباليستية، وهنا تكمن الخطورة فى إضعاف قدرة اليمن على مواجهة كورونا نتيجة إصرار الجماعة المدعومة من إيران على استغلال الأزمة العالمية أسوأ استغلال!.

‎وتعيش ليبيا نفس الحالة من القلق والتحدى، ولا يكسر حدتها سوى المبادرة التى انطلقت بإشراف مجلس حكماء ليبيا وبتطوع من رجال الأعمال، والمقرر استمرارها طوال شهر رمضان، حيث استهدفت أكثر من ١٠٠٠ أسرة جرى تهجيرها من منازلها، تزامنا مع تكفَل نجوم الرياضة الليبيين بالتبرع لصالح العائلات. واقتدت الحكومة الليبية بهذا الموقف وتسارع حاليا بتوفير السلع الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين وسط إجراءات استثنائية للوقاية من كورونا وصلت إلى حد الحظر الشامل.

‎ولايعكر تلك الجهود لإدارة الأزمة سوى الأطماع التركية التى تتمثل فى ضخ المرتزقة إلى مطارات مصراتة وطرابلس يوميا، ووصول نحو ١٥٠٠ إرهابى إلى ميناء طرابلس قادمين من موانئ تركيا، فضلا عن تهريب الأسلحة إلى ميليشيات طرابلس المرتبطة بحكومة فايز السراج .. وقد تعوق تلك التحرشات العسكرية المشبوهة قدرات ليبيا وتستنزف طاقتها فى احتواء كورونا والتفرغ لمنع انتشاره.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق