-
التباطؤ فى إعادة الأنشطة الاقتصادية الدولية سيمثل عامل ضغط سلبيا على الاقتصاد المصرى
الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية للعام المالى الجديد 2020/2021 التى سيبدأ مجلس النواب الفترة المقبلة مناقشتها فى لجنة الخطة والموازنة واللجان النوعية كل فى تخصصه وستطرح للتصويت عليها عقب عيد الفطر، تعد استثنائية للغاية فهى تأتى فى ظل أزمة فيروس كورونا الذى أثر على اقتصادات دول كبرى وتسبب فى مخاطر اقتصادية لمستقبل الكثير من الدول.
الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب وصف موازنة عام 2020 / 2021 بأنها موازنة الأزمة والتحديات والأولويات، فكيف تضع الحكومة أولوياتها؟ وما هى التحديات المستقبلية للاقتصاد المصرى فى ظل حالة الانكماش؟ وماذا عن الخطط الطموح؟ والتأثيرات السلبية على شرائح الطبقة الوسطى والفقيرة؟ وتساؤلات أخرى يجيب عنها الدكتور حسين عيسى فى حواره للأهرام.

لا أعباء ضريبية جديدة على محدودى الدخل والفقراء
ما هى قراءتك لأرقام الموازنة الاستثنائية 2020 / 2021؟
نبدأ بالاستخدامات فالأجور 335 مليار جنيه،و شراء السلع والخدمات 100 مليار جنيه، والفوائد 556 مليار جنيه، والدعم والمزايا الاجتماعية 326 مليار جنيه، والمصروفات الأخرى 105 مليارات جنيه، والاستثمارات 280 مليار جنيه، وجملة المصروفات تريليون و700 مليار جنيه، وسداد القروض 555 مليار جنيه. وتشكل الأجور 14.5% من الموازنة والفوائد 24% والدعم والمنح 14 %،وسداد القروض المحلية والأجنبية 24%، بمعنى أن القروض وفوائدها 50% من الموازنة العامة للدولة، و30% من الموازنة ما بين الأجور والدعم والمنح، و 4 بنود: الأجور والدعم والمنح وفوائد وسداد القروض يشكلون أكثر من 85 % من الموازنة. وعن الإيرادات، فالضرائب 964 مليار جنيه ، والمنح 2 مليار جنيه فقط والإيرادات الأخرى 321 مليار جنيه، وبذلك جملة الإيرادات تريليون و300 مليار جنيه بعجز نحو 400 مليار جنيه، والضرائب زادت على العام السابق 12 %، و 900 مليار جنيه حجم الاقتراض الذى تحتاجه الدولة.
هل موازنة الدولة للعام المالى 2020 / 2021 توصف بأنها «موازنة الأزمة»؟
أوافق على وصف موازنة العامة للدولة المصرية 2020 / 2021 بأنها موازنة التحديات،وموازنة الأولويات، وموازنة الأزمة لسبب بسيط أن الموازنات السابقة كان يربطها خيط وهو خيط برنامج الإصلاح الاقتصادى، بالإضافة لتطورات تحدث فيه من تطوير سعر الصرف إلى قوانين جديدة فى مجالات المشروعات الاقتصادية إلى مشروعات قومية عملاقة تتم بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، كل عام كان هناك انعكاس لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، لكن موازنة 2020 /2021 على الرغم من أنه تم تحضيرها فى الشهور السابقة على أزمة كورونا، فالموازنة تعكس توقعاتنا وتصوراتنا الطبيعية التى كنا نتوقعها وأزمة كورونا كان لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها، ومن ثم فإن الموازنة هى موازنة تحديات وأزمة والتحدى أمام الحكومة الآن ليس مجرد طرح سيناريوهات وفقا للمدة الزمنية للأزمة والتحدى والقصة الحقيقية فى مواجهة الأزمة هى كيف تستطيع الحكومة تحقيق الأرقام على أرض الواقع، فالجميع يتحدث عن التوقعات ولا أحد يركز على كيفية تطبيق أرقام هذه الموازنة على أرض الواقع، فى ظل بيئة اقتصادية يصعب جدا التوقع معها بأى شىء.
هل توجد تحديات أخرى أمام الحكومة فى الموازنة الجديدة بخلاف تحقيق رقم الموارد؟
النفقات وإعادة ترتيب أولويات النفقات تحد كبير للغاية أمام الحكومة وهى المصروفات والالتزامات التى تقع على كاهل الحكومة التى يجب صرفها والسؤال فى هذه اللحظة فيما سأنفق 1.7 تريليون جنيه مصرى خاصة أن لدينا قطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم ونفقات الحماية الاجتماعية ونفقات الاتصالات والبنية التحتية. أتصور أن يكون التركيز على هذه القطاعات بشكل كبير الفترة المقبلة، فالقطاع الصحى لابد من دعمه فى جميع قطاعاته خاصة فى ظل هذه الأزمة، ونحن رأينا دولا كبرى انكشفت فى هذه الأزمة من جراء إهمالها النفقات الصحية، وعدم التنبؤ والتوقع بالأزمة، بالإضافة للتعليم والبحث العلمى ودعمهما.
الإجراءات الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا كيف ستتحملها الحكومة وما هى آثارها على عجز الموازنة الجديدة؟
كل الإجراءات المتعلقة بالعلاوات الجديدة والمعاشات وفرق الخمس علاوات ودعم السلع والخدمات وغيرها مدرجة ضمن موارد الموازنة الجديدة 1.7 تريليون جنيه، أما برنامج الرئيس لتحمل مواجهة أعباء أزمة كورونا جزء منه ـ طبقا لكلام وزير المالية ـ تم صرفه من موازنة 2019 / 2020 وهو 100 مليار لمواجهة تداعيات أزمة كورونا ، تم صرفها من احتياطيات الموازنة السابقة وجزء آخر من الموازنة الجديدة، كل هذه الأعباء والزيادات مدرجة إلا أنها تشكل أعباء فالعجز الحالى 430 مليار جنيه، ومازال هيكل الاستخدامات لم يتغير فالأجور 333 مليار جنيه، وشراء السلع والخدمات 100 مليار جنيه والفوائد 566 مليار جنيه والدعم 326 مليارا وسداد القروض 555 مليار جنيه، ويتبقى الاستثمارات 280 مليارا، فتوجد نسبة فى زيادة الاستثمارات بنحو 32 % وهذه زيادة من الحكومة ستقوم بضخها، وأقساط سداد القروض كانت 375 مليارا وأصبحت 555 مليارا، والأجور زادت 11 %، والدعم لم يتحرك كثيرا ويدخل ضمن منهج ترشيد الدعم فتم تثبيته ولكن تتم إعادة ترتيبه من داخله، فالموازنة بحالتها بعيدا عن الأزمة تعكس رؤية إيجابية للاقتصاد المصرى فى محاولة زيادة نسبة الاستثمار والأجور ومراعاة برامج الحماية الاجتماعية فهناك محاولة للحفاظ على مؤشرات الاقتصاد الكلى من خلال الحفاظ على معدل النمو وإنقاص فى معدل التضخم والبطالة والعجز.
هل الأعباء سيتحملها الأكثر قدرة أم ستتكبد الفئات الضعيفة خسائر؟
المفترض أن الأكثر قدرة هو من يتحمل، وشرائح الضرائب التى وافق عليها المجلس حتى 600 ألف جنيه محدودة جدا، لكن فوق 600 ألف وفوق مليون فهذا يعد مبلغا كبيرا، وبالتالى ستدفع ضرائب وفقا لهذا المبلغ، ووفقا لشريحة وليس على إجمالى دخلك، فلا يوجد تطبيق فعلى لفكرة الضرائب التصاعدية على الدخل.ولكن يجب على الحكومة أن تفكر فى موارد لزيادة محدودى الدخل وليس كافيا رفع حد الإعفاء الضريبى لأنه لن يمثل وسيلة لزيادة الدخول، ولكن أريد أن أؤكد أن جدول الشرائح الضريبية جميعها بلا استثناء تم تخفيضها أى تخفيض نسبة الضرائب عليها والجميع استفادوا من القانون الجديد ولا صحة أن هناك أعباء ضريبية جديدة فلا توجد شريحة واحدة نسبة ضرائبها ارتفعت ولكن الجميع انخفض وبنسب متفاوتة.
ما هى سلبيات أزمة كورونا بخلاف أثرها على معدلات النمو؟
نفترض جدلا انه حدث تباطؤ فى فتح اقتصادات الدول المحيطة وهذا ستكون له آثار سلبية ضخمة فأتصور أن هذا سيؤثر على حركة الصادرات الخاصة بمصر وحركة الواردات وهذا أمر خطير لأنه متعلق بمستلزمات الإنتاج التى تمنحك قدرة على التصنيع، وحركة السياحة وحركة الطيران والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالخدمات بشكل عام، التأثير على جملة هذه الأشياء بدون شك، وبالتالى إجمالى الناتج القومى من الممكن أن ينخفض، ومعدل النمو ينخفض وهذا تأثير شامل فمعدل النمو فى الموازنة 5.6 % وفى ظل الأزمة من الممكن أن يصل إلى 3 أو 3.5 %، وصندوق النقد صرح بأن مصر من الدول المرشحة أن يكون معدل النمو فيها بالموجب وليس بالسالب كما يحدث فى بعض الدول بسبب أزمة كورونا، فتحقيق معدل نمو 3 % فى ظل الأزمة سيعكس نجاحا بمقارنة بدول أخرى، والسؤال المهم فى المرحلة المقبلة أى من اقتصادات الدول التى نحتك بها ونتعامل معها تعافت بشكل أسرع لكى يعود النشاط الاقتصادى الطبيعى؟.
كيف تقرأ انسحاب بعض الاستثمارات من الدول الناشئة وانسحاب الأجانب من سوق الدين المصرى؟
هناك فرق بين الاستثمار المباشر والاستثمار غير المباشر، معظم الانسحابات كانت استثمارات غير مباشرة لمن يقومون بشراء أذون خزانة وسندات حكومية وهذه معظمها أموال ساخنة تقوم بالشراء من أجل البيع، فهى تشترى من أجل أن تكسب الفائدة، وهنا عناصر المخاطرة تلعب دورا كبيرا، فما الذى يجعلنى أحصل على 5% فى اقتصاد عنده مخاطر بل أحصل على فائدة 1 % فقط ولكن فى اقتصاد آمن فهذه نقطة لا نستطيع التحكم فيها كثيرا نظرا لأنها مرتبطة بسعر الفائدة العالمية وظروف اقتصادية دولية لكن بالتأكيد هذا الشيء يوجد نوع من الارتباك فالبعض طرح كميات من المال ثم أعاد سحبها، لكن لابد أن يكون هذا فى ذهن الحكومة، والأخطر من هذا هو الاستثمار المباشر الذى احتاج إليه وهو غير موجود، والأكثر خطرا استثمار موجود ويريد الرحيل ويريد أن يصفى الاستثمار وعلى سبيل المثال بيع حصة شركة اتصالات عالمية ما يلفت الانتباه أن الرأى العام اتجه نحو من يشتري؟ مع انه من المفترض أن نتساءل لماذا تلجأ هذه الشركة للبيع وتريد الخروج من السوق المصرية وهذه هى القضية الحقيقية فلا يوجد مقال أو رأى واحد يدرس هذه الإشكالية، بالتأكيد هذه الشركات لها أسبابها ويجب تدارسها وتفادى هذا الأمر، فلابد أن نعطى ملف الاستثمار وزنه وحجمه وأهميته وبعض الترتيبات الإدارية تحتاج إلى إزالة العقبات فيجب منح أولوية قصوى لملف الاستثمار من قبل الحكومة، بالإضافة لحتمية الإصلاح الإدارى للدولة ولابد من أن يكون هناك مسئول مباشر عن ملف الإصلاح الإدارى.
هل ترى أنه من الضرورى إعادة توزيع الفائض لدى الهيئات الاقتصادية فلا توجد قواعد موحدة لتوزيع هذا الفائض وهل يجب إصدار تشريع لتنظيم هذه المسألة؟
نحن فى حاجة إلى قانون جديد لتنظيم العمل فى الهيئات الاقتصادية فيوجد لدينا ما يقرب من 52 هيئة أداؤها غير مرض، حتى من يحقق منها مكاسب اقتصادية، أما الهيئات الخاسرة موضوع كبير وفى الحقيقة أن الهيئات الاقتصادية تهدف لتحقيق فائض يغذى الخزانة العامة للدولة وتقدم منتجا أو خدمة بسعر يفوق التكلفة والواقع العملى غير ذلك تماما فالهيئات الاقتصادية بسبب إدمان تحقيق الخسائر وإدمان الاعتماد على الدولة أصبحت شبه هيئات حكومية فلابد من قانون جديد ينظم عمل هذه الهيئات ويكون موجها بالدرجة الأولى إلى كيفية تحقيق آليات إدارة الهيئة, وسأضرب مثلا بالصحف القومية وخسائرها، الصحف القومية على إطلاقها تمتلك أصولا ضخمة جدا وقيما سوقية عالية جدا وعدم وضوح مالك هذه الصحف تسبب فى أزمات، فلابد من وضع دراسة محدد ودقيقة بتحويل كل مؤسسة صحفية قومية إلى شركة مساهمة وهذا ليس أمرا صعبا، ويجب أن نعيد تقييم أصولها وديونها ونضع قيمة عادلة للسهم ونطرح هذه الأسهم للدولة ممثلة فى وزارة الإعلام والعاملين بهذه المؤسسة ولأفراد الشعب ومن الممكن فى المراحل الأولى أن يكون الاستحواذ 60 % للدولة و40 % للعاملين.
رابط دائم: