«عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة، فالأمر محسوم»..هذا ما أكده أحد الشباب المسلمين الذين يقيمون فى ولاية جورجيا الأمريكية. فالولايات المتحدة من البلاد القليلة التى لم تفرض الحظر الإجبارى فى مواجهة فيروس كورونا، لحماية مواطنيها. ولكن مسلمى أمريكا أثبتوا أنهم من أكثر الفئات حرصا على حماية الصحة العامة. فعلى الرغم من أن الولايات الأمريكية لم تمنع التجمعات الدينية، فإن مسلمى أمريكا قرروا إغلاق المساجد، التزاما منهم بقواعد التباعد الاجتماعي. وهو ما انعكس بالطبع على الأجواء الروحانية الرمضانية.
أمريكا بوتقة تنصهر فيها مختلف الجنسيات بثقافاتهم المختلفة، وهو ما يجعل لرمضان والأعياد طابعا مختلفا. المسلمون هناك يجتهدون لخلق أجواء تقربهم من بلادهم ومن ذكرياتهم للشهر المعظم، التى أفقدتهم غربتهم جانبا كبيرا منها. وبالتالى كان الجامع الكبير لكل منطقة هو الملاذ الآمن الذى يوفر لهم بعض الصحبة والأجواء الروحانية التى تعيدهم إلى بلادهم. ومع مرور الوقت، خلقوا أجواء خاصة بهم. ولكن للأسف .. تمكن فيروس كورونا من سرقتها منهم هذا العام. وبالتالي، أصبح عليهم البحث عن بدائل جديدة تضمن لهم بعض الأجواء التى يفتقدونها.
خلال الشهرين الماضيين، تسببت الأزمات الناجمة عن تفشى فيروس كورونا والخسائر التى تكبدتها الشركات الصغيرة واضطرارها لتسريح العمالة فى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 22 مليون شخص، إلى جانب خفض رواتب الكثيرين. وبالتالي، أصبحت الكثير من الأسر تعانى مع دخول الشهر الكريم.
ومن هنا جاء دور التكنولوجيا الحديثة، لتكون الملاذ الآمن للمسلمين فى أمريكا. فقد بدأ المسلمون فى كل أنحاء الولايات المتحدة فى استحداث برامج وتطبيقات الكترونية تمكنهم من ممارسة شعائرهم ونشر الخير دون اللجوء للتجمعات التى تهدد بنشر الفيروس.
وبالتالي، فقد تم وضع تطبيق تحت عنوان «تحدى رمضان.. أطلق الخير»، والتطبيق خاص بتقديم المساعدات المالية والغذائية للمحتاجين فى كل منطقة سواء من كبار السن أو المرضى أوالعاطلين عن العمل، ويمتد إلى تقديم المساعدات للمسلمين مثل الروهينجا. ويتيح التطبيق الفرصة للمتبرع لتعقب مساعداته والتأكد من وصولها للجهة والأفراد المستهدفين، حيث يركز بالأساس على المحتاجين من جميع الجنسيات داخل الولايات المتحدة.
كما تم تحديد مواعيد على تطبيق «زووم» الإلكترونى للمشاركة فى جلسات جماعية لقراءة القرآن، بالإضافة إلى توفير دروس إلكترونية استعدادا لشهر رمضان دينيا ورحانيا، إلى جانب التقارب بين المسلمين ومعرفة مشاكلهم حتى يتسنى لكل فرد تقديم المساعدة للآخرين.
وتم نشر بالفعل عدد من الدروس والإرشادات حول كيفية صلاة التراويح فى المنزل بسبب إغلاق المساجد، إلى جانب توفير إمكانية الصلاة عبر بعض التطبيقات الإلكترونية لتشجيع المسلمين لبعضهم البعض على أداء الصلاة فى مواعيدها. أما الأطباء، فلجأوا إلى التطوع للخدمة فى الأحياء الفقيرة ومساعدة المحتاجين من المسلمين وغيرهم، وذلك بعد أن اكتظت المستشفيات الأمريكية بضحايا فيروس كورونا، ولم تعد قادرة على استيعاب المرضى الذين يشكون من أى أمراض أخرى.
رمضان مختلف هذا العالم، ولكن المسلمين فى الخارج نجحوا فى تأكيد قدرتهم على تجاوز المحنة والحفاظ على روابط الخير وتقديم المساعدات للجميع من المسلمين وغيرهم ، وروضوا التكنولوجيا الحديثة لدعم مساعى الخير.
رابط دائم: