المواجهة لا تتجزأ

فى أحوال البأس والخطر كتلك التى نئن تحت وطئتها الآن نكون فى مسيس الحاجة إلى وجود من يُطلق عليهم (رجال المناسبة الحاضرة) وهم أولئك الذين يكونون على قدر أهل العزم، فيخترقون ساحة الأحداث وفقاً لرؤية حقيقية ضمن تشابك معرفى واحد فى محاولةٍ لتنسيق الجهود وتوحيد المجهود من منطلق أن كسر ضراوة فيروس «كورونا» لا يمكن حسمه إلا بمسوغات المشاركة والتكاتف، فالمواجهة لا تتجزأ بل تأتى فى سياق أن يكون الجميع يداً واحدة فى مواجهة التحديات والأزمات عملاً بقول الشاعر:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً

وإذا افترقن تكسرت أفرادا

لقد عبَر رجال المؤسسات الدينية عندنا عن هذا الصنف من البشر عندما دفعوا الناس إلى التخلى أو تغيير بعض الطقوس التى ألِفوها عندما أجازوا إغلاق المساجد، ووقف صلاة الجماعة وأدائها فى المنازل دون نقصٍ فى الثواب، أو مغبة الوقوع فى مرمى العقاب، وأن كل صلوات عيد القيامة تُجرى دون مشاركة، وغلق جميع الكنائس، ويأتى ذلك متزامناً مع إبراز أهمية دعم القرارات والإجراءات الرامية إلى الحد من انتشار الفيروس، وحث الناس بما حباهم الله من احترام وتقدير لهم على ضرورة الالتزام بجميع الإرشادات والنصائح الصادرة عن الجهات المسئولة بل واعتبار مخالفتها بمنزلة مخالفة صريحة لله ورسوله، وتدعيم التضامن الإنسانى عبر مساعدة الفقراء والطبقات المهمشة، والحرص على الأخذ بتدابير الوقاية والتقيد بتعليمات الحماية الذاتية واعتبار ذلك متناغماً مع (لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) .. إن هذا المسلك رسالةً منهم ليبرهنوا من خلالها أن فى جعبتهم خطاباً دينياً من الممكن تقديمه كوحدة مترابطة ليكون عضُداً لطرح الأفكار والمبادرات كرافد من روافد التوجيه الاستراتيجى ليُشكل رافعة حقيقية لإحداث تغيرات فارقة فى خريطة حياتنا برمتها .

عبدالحى الحلاوى