رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الوحدة الإنسانية

لعل العالم الإنسانى يستوعب الدرس الإلهى بعد محنة وباء فيروس كورونا الذى اجتاح الكرة الأرضية دون سابق إنذار وانتشر كالنار فى الهشيم بسرعة لم يتوقعها أحد ولم تقدر على رصدها وحساب اجتياحها كل أساليب العلم الحديث، فالفيروس لم يميز بين أمير وخفير ولا بين أبيض وأسود ولا بين مسلم أو غير مسلم، والآن وقد انكشف المستور ولم تنفع القوة فى استغلال الضعيف ولا الظالم فى الجور على حق المظلوم، فإن العالم انكشف أيضا وظهرت عورات الطغاة والمتجبرين ولم يسلم أحد من الأذي، ولم نستطع الهروب من قدر الله: وليس أمام الجمع الإنسانى سوى الوحدة والانصهار فى بوتقة الحق والعدل والرحمة والتراحم.

إن الوحدة الإنسانية هى الأقوى والأبقى من أى اتجاه آخر، وإن العالم يحكمه الضمير والشرائع السماوية والقوة هى قوة الحق والعدل وليست قوة السلاح والعتاد والمال كما أن القانون هو قانون الإنسانية وليس قانون الغاب، وسبحان من جعل هذا الفيروس الضئيل يهز العالم بأسره ويضع البشر فى امتحان صعب لكى نعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ولا منجى ولا ملجأ إلا إليه جل وعلا، فهل يفيق العالم على «نوبة صحيان» ويعود إلى رشده ويفيق من غفلته وتتوقف أساليب التهديد والوعيد واستعراض القوة، واستغلال النفوذ والتآمر على الشعوب الضعيفة المغلوبة على أمرها وحرمان البعض من أدنى حق إنسانى للبشر وهو حق الحياة والعيش فى أمان وسكينة، وهل يعلم المجتمع الإنسانى أن «قانون الإنسانية» يتسع لكل البشر ويضمن البقاء لسكان الأرض، وأن الحماية هى حماية الله خالق الكون، وهل استدعاء الرحمة والتكافل الإنسانى لا يجوز إلا فى وقت المحن والشدائد فقط أم أنه أساس للتعايش السلمى وللاستفادة من خبرات الأرض وإعمارها وغرس دعائم الاستقرار عليها؟ وهل يستوعب البشر فى كل أرجاء الدنيا أنهم مخلوقات ضئيلة لا تستطيع أن تحتمى بقوة السلاح والعتاد ولا يمكنها أن تعتدى بقوة البطش الطغيان وفساد النفوس والذمم؟.. حقا إنه درس إلهى صعب حل علينا ونحن فى غفلة من أمرنا هو جرس إنذار وتفكير بقانون الإنسانية وإلغاء لقانون «البقاء للأصلح» فإنه لا صلاح ولا إصلاح إلا بكلمة الحق العدل الذى يقول للشيء كن فيكون، ومع كل ما يحيط بظروف هذا الوباء والبلاء فإن استيعاب العبرة والعظة أساس الدرس الذى يعيد الأمور الحياتية إلى نصابها وأحوال البشر جميعا إلى صوابها.

د. يسرى عبدالمحسن

أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق