رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رسائل المغتربين: «احمدوا ربنا أنتم فى مصر» !

تحقيق ــ وليد فاروق محمد ــ محمد المراكبى

  • مساعدات مالية للمحتاجين من حركة «شباب الخير » بإيطاليا
  • غرامات على أى تجمعات لأكثر من شخصين فى ألمانيا

 

تصدر المشهد خلال الأسابيع الماضية آلاف المصريين العالقين فى معظم دول العالم، الذين عاد بعضهم ومازال آخرون فى انتظار العودة سواء بشكل فردى أو عبر الرحلات التى تنظمها الحكومة المصرية ووزارة الهجرة لإعادتهم بشكل خاص، لكن هناك جانبا آخر يتعلق بحياة المصريين فى الخارج، كيف يعيشون فى ظل الحجر الصحى العالمي؟ وما هى رسائلهم إلى الوطن؟ هل تمضِى حياتهم بشكل مقبول أم أنهم يقعون تحت ضغوط الغربة والاحتياجات المادية وما شابه ذلك؟ هل ينتظرون من يعيدهم إلى أحضان الوطن الأم أم أن حياتهم تمضى كما هي؟.

تحقيقات «الأهرام» تواصلت مع عدد من المصريين المقيمين بالخارج، واستمعت إليهم عبر وسائل الاتصال المختلفة مثل الهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي.. وعكست هذه الاتصالات ظروفاً مختلفة.. وكانت رسائلهم الأهم »احمدوا ربنا أنتم فى حضن الوطن«.. وتفاصيل كثيرة تحملها السطور التالية...

 

الرسالة الأولى رواها لنا أحمد إبراهيم ـ الذى يعمل فى محل لتصفيف الشعر بالعاصمة الإيطالية روما، وهو لا يخرج من بيته إلا للضرورة القصوى وملتزم بحظر التجوال منذ تفشى الفيروس، خاصة مع إغلاق كل المحال والمقاهى والأسواق العامة، وحتى المحل الذى يعمل به تم إغلاقه، لكن الحكومة الإيطالية ـ على حسب قوله ـ أعلنت أن كل شخص توقف عن العمل ويقيم بشكل شرعى ويدفع الضرائب بإنتظام سوف يسدد له 80% من راتبه طوال فترة الحظر، ويضيف : أنا من محافظة الغربية وليس لى غير أمى وهى سيدة مسنة وأخشى أن أكون حاملاً للفيروس ولم تظهر على الأعراض، وبالتالى لو عدت إلى مصر قد أنقل لأهلى العدوي، وكثير من المصريين المقيمين هنا يفكرون بنفس الطريقة ولذلك رفضوا العودة حينما كان الطيران متاحاً، وبعد أزمة كورونا بدأت بعض الحركات والمبادرات الشبابية المصرية تظهر فى كل مدن إيطاليا منها حركة »شباب الخير« وهم مجموعة من الشباب الذى أعلن عن تطوعه لمساعدة أى مصرى وأسرته سواء مالياً أو لشراء مستلزمات المعيشة لمن يحتاج.

وفى رسالة أخرى أكد ربيع خيرى المقيم فى إيطاليا منذ 2012، أن قيمة الغرامة المالية لكسر الحظر موحدة على الجميع، وتبدأ من 400 يورو وتصل لنحو 3000 يورو، ويضيف : المصريون هنا نوعان ، الأول مقيم بشكل شرعى ويدفع ضرائب وله إقامة، وتلك الفئة لا تواجه مشاكل والحكومة تتكفل بهم وتقدم لهم جميع الخدمات الصحية بالمجان، اما النوع الثانى فهم الذين يقيمون فى إيطاليا بشكل غير شرعي، وهؤلاء فى نظر الحكومة «غير موجودين» وبالتالى ليس لهم أى حقوق وستواجههم أزمة إنتهاء أموالهم خلال الأيام القادمة، لذلك نحن هنا كجالية مصرية نساعدهم قدر الإمكان سواء ضمن مبادرات فردية أو منظمة مثلما يفعل شباب حركة «شباب الخير»، والجالية المصرية هى الوحيدة التى قام فيها أصحاب المشروعات الصغيرة بتقديم إقرار للحكومة بالتنازل والتبرع عن قيمة المنحة والإعانة الشهرية لصالح المستشفيات ولشراء المستلزمات الطبية لمواجهة تفشى فيروس كورونا.

هنا أمريكا

وتواصلنا أيضاً مع المهندس رزق بشرى 42 عاماً، فى ولاية بنسلفانيا الذى يقول أن أرقام المصابين تصاعدت بشكل غير متوقع ولكن هناك تفاوت بين الولايات الأمريكية، والمصريون هنا حالهم مثل بقية الأمريكيين يعيشون فى حالة يمكن وصفها بـ «الخوف المنظم»، بمعنى أن الموضوع بالفعل مرعب.. ولكنه لا يمنع استمرار الحياة اليومية، وميزة الولاية التى أعيش بها أن المساحات فيها كبيرة مما يتيح للكثيرين الخروج بدون إزدحام، ومشاهد تهافت الأمريكيين على الشراء من السوبر ماركت تعود لسببين، أولهما الشعور الطبيعى بالخوف وهو سائد عند كل البشر، والثانى أن الناس هنا بطبيعتها تشترى سلعاً كثيرة وتخزنها لتستهلكها طوال الشهر، لكن هناك تكالب على المنظفات ومواد التطهير، وبشكل عام لا نشعر بتغيير كبير لأن أمريكا بطبيعة الاتصالات المتقدمة مؤهلة لكى يقوم ملايين الموظفين بمختلف تخصصاتهم أو الطلاب فى كل المراحل بمتابعة حياتهم العادية من البيت.

أما أمير إبراهيم فقد هاجر من مصر هو وزوجته منذ 12 سنة ليستقر به الحال بولاية فلوريدا، ويؤكد أن الوضع فى أمريكا «مخيف» وحالات الإصابة تزداد بالآلاف يومياً، وسيارات حفظ الموتى منتشرة بالشوارع مما أصاب الجميع بالذعر والاكتئاب، وأوضح أن حظر التجوال ببعض الولايات بأمريكا اختيارياً وليس إجبارياً، والأزمة يتم استغلالها سياسياً من قبل الحزبين الجمهورى والديموقراطي، وكل طرف يحاول تحقيق مكاسب على حساب الطرف الآخر.

أشباح فى عاصمة النور

أمل عبد الرحمن مواطنة مصرية تعيش فى العاصمة الفرنسية باريس مع زوجها وأولادها منذ 23 عاماً، وعندما سألناها على أحوالها وسط تصاعد كبير فى حجم الإصابات بفيروس كورونا هناك، قالت: الناس تحاول قدر إمكانها أن تعيش حياتها لكن كل شيء تغير.. الإصابات هنا تزداد فى كل لحظة، والمستشفيات مكتظة بالمرضي، والإجراءات صارمة لدرجة أن أى شخص لابد أن يحمل تصريحاً للنزول من بيته والمسموح لهم بالخروج فقط هم المرضى أو الأطباء، وكان المفروض أن الإجازة المدرسية بدأت لكن الأولاد لا يشعرون بذلك لأنهم محبوسون فى البيوت، خاصة أنه غير مسموح بأى زيارات عائلية، وأولادى لم أشاهدهم منذ فترة خاصة أن دور الأنفلونزا العادية منتشر هذه الأيام وبالتالى الكل يعيش فى شك دائم، وأصوات سيارات الإسعاف لا ينقطع، كل احتياجاتنا نشتريها فى أوقات محددة ومسموح لشخص واحد فقط بالنزول، والجالية المصرية كلها هنا مترابطة جدأً لكننا نتواصل فقط تليفونيا، وصراحة أشعر بالضيق من بعض الصور التى تصلنى من مصر لأننى لا أشعر بدرجة كبيرة من الإلتزام بحظر التجوال أو منع التجمعات، ووجدت منذ فترة فيديو لعدد كبير من العائدين لمصر وكانت تبدو على بعضهم علامات الضيق، وأقول لهم كمواطنة تعيش فى الغربة «احمدوا ربنا إنكم فى الوطن».

أما نجوى خلف المقيمة فى فرنسا منذ 20 سنة تقريباً مع زوجها، بدأت حديثها معنا بوصف شارع الشانزليزيه أشهر شوارع فرنسا التجارية والسياحية بـ«شارع الأشباح»، وتقول: منذ قدومى لفرنسا وتلك المدينة كانت لا تنام ويأتى لها الناس من كل أنحاء العالم للسهر، ولكنها اليوم حزينة وكئيبة، ومع بداية تفشى الفيروس بفرنسا اتخذت الدولة عدة إجراءات وقائية، فالخروج بدون تصريح يترتب عليه دفع غرامات مالية أو السجن لمدة 6 أشهر، وجميع الشركات والمصانع متوقفة عن العمل، ولم نتخيل يوماً أن نجد سائق الأتوبيس موجود فى كابينة زجاجية حتى لا يختلط بالركاب، كما أن المواصلات العامة أصبحت بدون مقابل.

ولا يتغير الحال عند محمد واصل وهو شاب مصرى يقيم فى منطقة نوازيل بفرنسا مع زوجته منذ عام 2012، ويعمل بإحدى شركات البناء، وكان يفكر فى العودة إلى مصر وبالتحديد إلى مسقط رأسه بقرية ميت بدر بمحافظة الغربية، لكنه تراجع عن الفكرة خوفاً على أهله من العدوي، ويضيف: فرنسا من أكثر الدول الأوروبية المسجلة لحالات إصابة إيجابية بالفيروس، ويمكن أن نكون حاملين للفيروس لكن لا تظهر أعراض له وإذا عندنا إلى مصر سنؤذى أهالينا من كبار السن.

250 يورو غرامة

أما رجل الاعمال علاء ثابت فهو يعيش فى ألمانيا منذ 38 عاماً، ويرأس حالياً جالية بيت العائلة المصرية بالعاصمة برلين وعندما تواصلنا معه بادرنا قائلاً: حتى هذه اللحظة لا يوجد هنا حظر تجوال لكن ممنوع تواجد أكثر من شخصين فى الشارع ويشترط أن يكونا من نفس العائلة، بمعنى لو شخص ومعه صديقه يدفع الاثنان غرامة تصل لنحو 250 يورو، وأيضاً عند السوبر ماركت أو الصيدليات لابد من وجود مسافة متر ونصف على الأقل بين كل شخصين، ورغم أن العدد كبير فعلاً بين المصابين لكن ميزة ألمانيا فى قوة الكادر والإمكانيات الطبية وهو ما يجعل نسبة الشفاء جيدة وعدد الوفيات قليلا قياساً بإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، كما إنهم تحسبوا لهذه الزيادة ولذلك منذ بداية انتشار الوباء خصصوا أماكن إضافية لاستقبال المصابين مثل منطقة معرض برلين والاستاد وغيرها، وبصراحة لابد من توجيه الشكر للقيادة السياسية ووزارة الصحة فى مصر.. وهذا ليس كلامى فقد شاهدت على إحدى المحطات الفضائية الألمانية تقريراً مطولاً يشيد بالإجراءات المتخذة فى مصر لمواجهة الفيروس، أما بالنسبة للجالية المصرية فالحمد لله عدد الإصابات قليل جداً، وقمنا بحملة اسمها »تعالوا نطمن على بعضنا« لمساعدة كل المصريين بألمانيا فى هذه الظروف، لافتاً إلى أننا نفتقد دفء المعيشة فى مصر، فمهما بلغت الظروف فى مصر إلا أن الحياة تبدو سهلة.

قلق فى مدينة الضباب

فيما يشير حسام على ، 43 عاماً ، صحفى مصرى يعيش فى العاصمة البريطانية لندن، للحالة التى يعيشها المصريون هناك مثل بقية الإنجليز عموماً تبدو مختلفة بعض الشيء عن بقية المجتمعات، ويقول: أنه رغم تسارع وتيرة ارتفاع عدد الحالات المصابة، ومعها تتشدد الاجراءات كل فترة، لكن الحقيقة أن المرحلة الأولى عند بدء الوباء كانت الأكثر قلقاً من الآن بسبب الخوف من هذا المجهول، ولهذا كان هناك تهافت غير عادى على شراء السلع، ولأول مرة منذ سنوات طويلة نرى الأرفف فى المحال البريطانية فارغة.. وهو ما نشر حالة من الذعر، خاصة بعد إصابة ولى العهد ورئيس الوزراء وعدد من المسئولين، وهنا حظر التجوال صارم جداً وهناك 3 حالات يسمحون فيها لنا بالخروج، إما لو كنت تعمل فى وظيفة لا يمكن الاستغناء عنك فيها، أو لممارسة الرياضة لمسافة 100 متر حول بيتك، أو للتسوق وهناك عدد مرات محدودة مسموح لك فيها بشراء احتياجاتك، والمصريون طبعاً لديهم ترابط كبير .

مصريون فى الخليج

وليد عامر مصرى يعيش بالسعودية منذ 12 عاماً حيث يعمل بأحد مكاتب المحاماة بمدينة جدة، ويقول بلا مبالغة أن أحوال المصريين هنا أفضل من حال البعض فى الدول الأوروبية وأن الحكومة السعودية تعاملهم كما لو كانوا من أهل البلد، ومن خلال الهاتف تواصلنا مع الشاب المصرى الذى يعيش فى مكة وجاءت عينته إيجابية، ثم تبين أن والديه اللذين يعيشان معه أيضاً يحملان الفيروس، وتلقى الثلاثة علاجاً وكان حجرهم الصحى فى فندق 5 نجوم على حساب المملكة، كما تم تجديد إقامة كل الأجانب بالداخل والخارج مجاناً لمدة 3 شهور وتم التنبيه على كل أصحاب العمل بأنه ممنوع خصم أى مستحقات للعاملين، وبالتالى حال المصريين هنا مطمئن للغاية.

أما محروس وافى فهو يعمل فى مدينة جدة السعودية ويؤكد أن أحوال كل المصريين هناك بخير رغم إصابة بعضهم بفيروس كورونا، وأشار إلى أن إجراءات المملكة لم تفرق بين المواطن والوافد، كما أن التكافل الاجتماعى هناك يتضح فى مواقف كثيرة منها أن كثيراً من أصحاب العمارات رفضوا الحصول على الإيجار تقديراً لظروف العاملين، كما لاحظ الإلتزام الكبير بحظر التجوال الصارم ومدى وعى الجميع هناك بخطورة الموقف.

أما أمير مصطفى الذى يعمل فى مجال السياحة والفنادق فى الرياض، فيقول: فى بداية الأمر قرر أصحاب الأعمال الخاصة إعطاء العاملين الوافدين إجازة بدون راتب، لكن وزارة العمل السعودية رفضت الأمر تماماً وفرضت على جميع أصحاب الأعمال الاستمرار فى منح رواتب العاملين، كما بدأ تخفيض تواجد العمالة بكل القطاعات إلى نسبة 40%.

ومن السعودية إلى الإمارات حيث تعيش شيرين تهامى أستاذ الموسيقى فى بيت العود التابع لهيئة أبوظبى للثقافة والسياحة، فتقول: أقوم حالياً بالتدريس عن بعد حتى لا تتوقف دروس الطلبة، وأيضاً ابنتى تأخذ دروسها عبر الإنترنت منذ بداية الأزمة، والدولة هنا تقوم بمجهود كبير لاحتواء آثار الأزمة، فمعظم الخدمات الحكومية تتم عبر الإنترنت لمنع التجمعات، وهنا ساعات الحظر تبدأ الثامنة مساء وتنتهى السادسة صباحاً ويمنع فيها التواجد بالشوارع التى يتم تعقيمها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق