-
ارفعوا قلوبكم إلى الله وقولوا جميعا مسلمين وأقباطا «يارب ارحمنا»
-
الجائحة جرس إنذار للإنسان الذى تناسى وجود الخالق
-
أطباء مصر جنود بواسل وأوجه لهم تحية تقدير وعرفان
-
متألم جدا لوقف الصلاة بالكنائس.. ولكن صحة الناس أهم
فى هذا الوقت الذى تخوض فيه مصر حربا ضروسا فى مواجهة جائحة ڤيروس«كورونا»، الصمت خيانة للنفس وللوطن، ولأننا تعودنا أن يكون قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندريه وبطريرك الكرازة المرقسية فى أول الصفوف للدفاع عن الوطن قبل كل شيء، فاستحق لقب البابا الثائر ولن ينسى له المصريون عبارته الخالدة ( وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن )، استجاب لدعوة «الأهرام» لإجراء حوار مطول أكد فيه أن قرار اغلاق الكنائس لم تفرضه الدولة على الكنيسة، ولم يتخذه البابا بمفرده، وأشاد باجراءات الدولة فى مواجهة جائحة «كورونا» ووصفها بأنها أكثر من رائعة، واعترف بأنه متألم جدا لوقف الصلاة فى الكنائس خاصة فى أسبوع الآلام ولكن صحة الناس أهم، وأوضح ان كل أجيال البشر الموجودة على قيد الحياة لم تختبر انتشار وباء، مؤكدا أن ذلك بمثابة جرس انذار للانسان الذى تناسى وجود الخالق، وطالب كل المصريين مع حلول شهر رمضان الكريم وعيد القيامة المجيد بأن يرفعوا قلوبهم الى الله ويقولوا «يارب ارحمنا، يا رب ارحمنا»، ولأن حوارنا مع قداسة البابا، جاء قبل ايام قليلة من أحد السعف الذى سيحتفل به الأقباط بدون دخول الكنائس كالمعتاد، وبدون أن يحملوا فى أيديهم سعف النخيل بدأنا حوارنا مع قداسة البابا عن أحد السعف الذى يحل بعد يومين وبالتحديد 12 ابريل الحالي.
ما أهمية أحد السعف بالنسبة للاقباط؟
أحد السعف هو أحد الاعياد السيدية، أى التى تخص السيد المسيح فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو الأحد السابق لعيد القيامة المجيد، وأحد السعف يمثل يوم فرح، وله طقوسه الخاصة، ويمثل فى الفرح الخاص به دخول السيد المسيح الى مدينة أورشليم وترحيب الشعب به كبارا وصغارا مستخدمين أدوات بسيطة مثل سعف النخيل وأغصان الزيتون، والسيد المسيح نفسه ركب على أتان ( أنثى الحمار أو والدة الجحش الصغير ) كرمز للعهد القديم وبعدها ركب الجحش الصغير كرمز للعهد الجديد تطبيقا لآية الانجيل ( أنا لم آت لأنقض بل لأكمل )، وأحد السعف هو اليوم الوحيد الذى نذهب فيه للكنيسة ونحن نمسك بسعف النخيل، أيضا هذا اليوم تنتهى صلواته بطقس الجناز العام، لأنه بعد أحد السعف يكون الجميع مهتما فى أسبوع الآلام أنهم يعيشون ساعة بساعة، لحظات آلام السيد المسيح حتى الصلب وحتى القيامة، وحتى لاتنشغل الكنيسة فى حالة وفاة أحد الاشخاص ووداعه تعمل جنازا عاما لكل الشعب، وتكون هناك مياه تمت الصلاة عليها، ونكتفى برش هذه المياه على المتوفى فى طقوس بسيطة.
لماذا يسمى أحد السعف باسم أحد الشعانين؟
كلمة شعانين أصلها كلمة هوشعنا باللغة الآرامية ومعناها خلصنا، وكان اليهود يظنون أن السيد المسيح جاء كمخلص مدنى أو بصورة أخرى كمخلص عسكرى من حكم الرومان الذى كان سائدا فى هذا الزمان، فكانوا يرددون كلمة هوشعنا، ولذلك نسميه أحد السعف أو الشعانين أو الأحد الذى تقال فيه كلمة هوشعنا.
عدد كبير من الأقباط يشعر بحزن كبير لأنه لأول مرة فى حياته يأتى أحد السعف ولا يكون هناك سعف ولا كنيسة يصلى فيها أحد السعف وأسبوع الآلام وعيد القيامة ؟
بلا شك، الظروف الحاضرة الآن وانتشار هذا الوباء وبلادنا مصر تأثرت به جدا والارقام تزداد يوما وراء يوم، صحيح حالة مصر نشكر الله لم تصل الى الحالات الصعبة التى عاشتها الصين وايطاليا واسبانيا وأمريكا، لكن الظروف الصحية هى التى منعت ذلك، وطبعا ممارسة التجمع للناس فيه خطورة كبيرة لانتشار العدوى بين عشرات ومئات وآلاف، وطبعا الامكانات الصحية الموجودة فى أى بلد، إمكانات مهما كبرت فهى محدودة، ولا نريد فى مصر أن نصل للحالة، إن إنسانا يصاب ولا نجد له علاجا أو طبيبا أو ممرضا أو سريرا أو دواء، فربنا لا يسمح بأن نصل الى هذه الحالة، فهى ظروف استثنائية سنجتازها كلنا من أجل الحفاظ على صحة وسلامة الناس.

البابا تواضروس مع مندوب الأهرام
من يشتاق للتناول من الأسرار المقدسة هل هناك كنائس مهيأة طبيا لذلك؟
الأسرار المقدسة التى هى القداس الإلهى والتناول، بلا شك كلنا نشتاق له، ولأن هذه صلواتنا اليومية وصلواتنا التى نفرح بها باستمرار، لكن الفكرة كلها فى التجمع، تجمع الناس معا فى عدد أكثر من «اثنين ثلاثة» يكون سببا فى متاعب كثيرة، وسببا فى نشر العدوى واتساع دائرة الاصابات فى البلد، نحن تناولنا قبل ذلك مرات ومرات، وقضينا ساعات طويلة فى الكنيسة، والظروف القليلة التى نمر بها يعتبرها الانسان وكأنه سافر لمدة شهرين ثلاثة الى بلد ليست بها كنيسة، أو واحد ـ ربنا يحفظ الجميع ـ مريض وملازم الفراش فترة وهكذا، فنحن نحتمل هذه الفترة ونصبر حتى يمر هذا الوباء ويكون الجميع بصحة طيبة.
هناك من يطالب بتغيير طريقة تناول الأسرار المقدسة فجميع الشعب يأخذ (عصير العنب الذى يرمز لدم السيد المسيح) من كأس واحدة وبملعقة واحدة، وفى زمن «كورونا» قد يتسبب ذلك فى نقل العدوى لكثيرين؟
طقس التناول وطقس القداس ثابت فى الكنيسة له زمن طويل بالقرون، وهذا الطقس عشنا فيه ونعيش به، وحسب الاعتقاد والايمان المسيحى ( من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فيا وانا أثبت فيه، وهذا هو ايماننا الذى نعيشه فى القداس، ولا يوجد مجال أن نتكلم على أى شيء فى هذه الطقوس أنها تكون غير مناسبة، والفكرة أننا لما أوقفنا الصلوات والأسرار الإلهية المقدسة كان القصد هو الابتعاد عن التجمعات التى يمكن أن تكون وسيلة لنقل العدوى وانتشارها أكثر.
كيف سيكون احتفال الأقباط بعيد القيامة الذى سيحل يوم 19 أبريل الحالي؟
الاحتفال هذه السنة لن يكون بالصورة المعتادة، وأعتقد أن الجميع يقدر الظروف التى يمر بها العالم أجمع بسبب «كورونا»، بنعمة ربنا سنصلى فى إحدى كنائس الدير الصغيرة مع عدد محدود من الآباء الأساقف والاباء الرهبان ونراعى الاشتراطات الصحية، وتنقل القنوات التليفزيونية على الهواء مباشرة هذه الصلاة ليلة العيد مساء سبت النور، وتكون هذه فرصة أن يعيش كل انسان هذه اللحظات الجميلة مع أسرته فى بيته، وطبعا هذا وضع غير طبيعى ولكنه وضع استثنائى فرضته الظروف الصحية التى يمر بها العالم، وأنبه بأننا فى كنيستنا القبطية الارثوذكسية لا نحتفل بالقيامة فى يوم واحد، ولكن الاحتفال يمتد لمدة خمسين يوما ونسميها الخماسين المقدسة، وكل أسبوع عبر السنة نحتفل بالقيامة يوم الأحد ونقول عنه ( هذا هو اليوم الذى صنعه الرب، ونحتفل كل يوم بالقيامة ونحن نصلى صلاة باكر ونسميها صلاة نور والمقصود نور القيامة.
بابا الفاتيكان احتفل مع المصلين بعيد القيامة بتأمين مسافة نحو مترين بين كل مصل وآخر فلماذا لم تفعلوا ذلك فى مصر ؟
كل بلد لها ظروفها الخاصة، نحن ظروفنا هنا لاتسمح فكنائسنا غالبيتها مساحاتها صغيرة جدا بالنسبة لعدد الشعب، ولن يكون من المناسب ابدا ازدحام الشعب فى مكان محدد وتكون هناك فرصة لانتشار أو التقاط عدوى من أى أحد، نحن نعتمد على وسائل التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية نحن ننقل الصلوات بحيث إن الجميع يعيش فرحة القيامة.
فى جنازة أحد الكهنة تم كسر القرار الصادر عن المجمع المقدس بتعليق الصلاة واقتصار حضور صلاة الجنازة على أهل المتوفى فقط، ما الإجراءات التى اتخذتها الكنيسة لمنع تكرار هذا الأمر؟
لابد أن نقدر المشاعر عن وفاة أحد الاحباء، وبدون وعى تجمع الناس لوداع ابيهم الذى خدمهم لسنين طويلة وتناسوا للحظات الوباء الموجود والمرض الموجود، وبالطبع هذا أمر لا يليق وليس مناسبا من أجل صحة الجميع، والكنيسة لها إجراءاتها الخاصة التى تتخذها مع أى انسان مخالف.
متى يعود الأقباط للصلاة فى كنائسهم والاحتفال بزفاف العرسان والصلاة على جثامين المتوفين؟
الأمر متعلق بالظروف الصحية فى البلد، واحقاقا للحق وزارة الصحة ومجلس الوزراء والسيد الرئيس وكل المسئولين يقومون بدور بالغ والعالم يشهد باهتمام مصر بالوقاية من «كورونا» وكلنا نصلى ونرفع قلوبنا الى الله بأن ينتهى هذا الوباء ليس من مصر ولكن من العالم كله والامور تعود الى مجاريها وتكون الصلاة فى الكنائس والمساجد وتعود احتفالات الخطوبة والزفاف وأيضا الصلاة على أحبائنا الذين ينتقلون، وأتمنى أن يكون هذا عاجلا.

البابا تواضروس الثانى
أى كارثة مهما كانت فداحتها يكون لها وجه ايجابي، فما ايجابية انتشار ڤيروس «كورونا» بالنسبة للعالم والكنيسة؟
ڤيروس «كورونا» أظهر تماما أن الانسان ضعيف جدا، فمهما كانت قوته أو أمواله أو انجازاته أو مناصبه، أو استعراض العظمة التى فيها الانسان، ظهر أمام هذا الڤيروس الصغير جدا أنه ضعيف للغاية، أيضا الانتشار الواسع للڤيروس هو بمثابة جرس انذار ليرجع عن أخطائه، ففى عشرات السنين الأخيرة، بدأ الانسان يعبد مزاجه، ويعيش فى ضعفات وخطايا كثيرة، وزاد عدد الملحدين وأيضا الذين يعيشون فى أفكار شاذة مثل الشذوذ والزواج المثلي، فبلا شك انتشار الڤيروس نوع من التوقف ليعود الانسان الى مسئوليته، أنا شاهدت ڤيديوهات تبين أن بعض الاماكن عادت لها خضرتها وجمالها بفضل اجراءات الوقاية من «كورونا»، أيضا ڤيروس «كورونا» ساعد أسرا كثيرة على أن تجلس مع بعضها ليستمتع أفراد الاسرة ببعضهم البعض بعيدا عن البحث عن مزيد من المال الذى يشغل الجميع، ونحن نقول عن الاسرة بالانجليزية family وهى اختصار لستة حروف وست كلمات ( father - mother - i love you ) أين ممارسة هذا الحب فى الاسرة، أعتقد ڤيروس «كورونا» أهدى كل أسرة فرصة ذهبية جدا ليشبع أفراد الاسرة من بعضهم البعض.
لماذا اتخذتم قرار استمرار تعليق الصلاة فى الكنائس وحرمتم الأقباط ربما لأول مرة فى التاريخ من صلوات وطقوس أسبوع الآلام وقداس العيد برغم وجود بدائل مثل تخفيض عدد المصلين؟
هذا القرار لم نتخذه بفكر فردي، ولكن الظروف هى التى حتمت علينا ذلك.
هل فرض عليكم قرار غلق الكنائس من الدولة أم كنتم أنتم اصحاب القرار، ومن تشاور مع قداستكم قبل صدور القرار ثم قبل اعلان استمراره؟
لا طبعا لم يفرض، ولكن واقع انتشار هذا المرض وهذا الوباء هو الذى فرض علينا جميعا اتخاذ هذا القرار الصعب، لأن الصحة هى أغلى شيء، وصحة الانسان لاتعوض، وجميعنا حافظون العبارة الشهيرة الصحه تاج على رءوس الأصحاء لا يراه الا المرضي، ولا يصح أن نترك انفسنا نواجه المرض أو نجرب الرب إلهنا ويصير المجتمع مجتمعا مريضا، من أجل ذلك وتعليق الصلاة وهو تعليق مؤقت، ونستبدله باستخدام وسائل التواصل وهذا القرار لم آخذه بمفردى لكن عندما بدأت تظهر بوادر هذا الأمر اجتمعت اللجنة الدائمة وهى إحدى لجان المجمع المقدس، ويمكن ان نسميها المجمع المقدس المصغر، اجتمعنا وتناقشنا وأخذنا مجموعة من الاجراءات فيها فى المرة الاولى 5 مارس، وفى المرة الثانية 21 مارس وكانت الصورة تتضح شيئا فشيئاولأن الحالات كانت تزداد فى مصر والعالم وفى كنائسنا بالخارج، كان القرار بأن نعلق الصلاة تماما والأمر صعب.
كصيدلى لديه معرفة باجراءات الوقاية ما رؤيتكم لإجراءات الدولة فى مواجهة «كورونا»؟
بلا شك إجراءات الدولة أكثر من رائعة على كل مجال داخل وخارج مصر، الاجراءات الصحية والاقتصادية والاجتماعية وفى الخارج تمت اعادة كل العالقين بطيران خاص، وكان هناك تنسيق كامل بين الوزارات المعنية بقيادة وزارة الصحة، وفى هذا الصدد أؤكد أن أطباء مصر جيشنا الابيض جنود بواسل أوجه لهم تحية تقدير وعرفان، كما أوجه التحية لرجال الجيش والشرطة.
هل قداستكم متضرر من منع الصلاة فى الكنائس ؟
بلا شك طبعا، وكما قلت من قبل هذا قرار صعب وأنا شخصيا متألم جدا لكن ما فى اليد حيلة ويهمنى جدا صحة الناس، كم يكون الأمر مؤلما للغاية أن يمرض انسان ولا يجد علاجا.
ما الروحانيات التى توصى المصريين باللجوء إليها لمواجهة هذه الجائحة؟
فى هذه الجائحة أو هذا الوباء العالمى الذى اجتاح الكثير من دول العالم بالإصابة، فرصة الحياة داخل البيت ومطالعة الكتب الدينية، ومشاهدة التليفزيون وممارسة الهوايات الخاصة المفيدة والابتهال إلى الله، وأقول للمصريين جميعا: «ارفعوا قلوبكم الى الله وقولوا جميعا مسلمين وأقباطا يارب ارحمنا».
كيف جاءت فكرة بث خطبة الجمعة وعظة الأحد على قنوات الشركة المتحدة لإعلام المصريين (on tv - cbc - dmc - الحياة) ومن صاحب الفكرة وهل حققت الهدف المرجو منها؟
طبعا فكرة جيدة أن تكون هناك عظة أحد وتبث على القنوات العامة، وأرجو أن تستمر، أنا بدأت أول عظة وبعدها تناوب مجموعة من الآباء الاساقفة على تقديم العظة، وأعتقد أن الشركة المتحدة لإعلام المصريين هى صاحبة الفكرة، وكل أجهزة الدولة دبرت هذا الأمر والاستاذ تامر مرسى مع فريق العمل الكبير القائم على تقديم خطبة الجمعه وعظة الأحد حققوا نجاحا كبيرا فى أسابيع قليلة.
رابط دائم: