أنا فتاة فى الخامسة والثلاثين من عمرى، متدينة وجميلة، وجامعية ومن وسط اجتماعى راق، ولم أتزوج بعد، وأخشى المجهول، فالحقيقة أننى أرغب فى الارتباط بمن يعيننى على طاعة الله ورسوله، ويشد أزرى، فأنا أبحث عنه منذ أن أنهيت دراستى الجامعية حتى الآن، وأعيش حالة من الانعزال التام، وليس لى من يعيننى على تحمل أعباء الحياة، بل أتحملها وحدى فى جلد وصبر، ولا أستطيع أن أصف لك مرارة الوحدة التى أعانيها وحدى.. إن أهلى لا يغالون مثل باقى الأسر فى متطلبات الزواج من مهر وشبكة وجهاز وخلافه، ويريدون أن يفرحوا بى، وأنا أيضا لا أغالى فى طلباتي مثل باقى الفتيات اللاتى سبقننى وتزوجن برغم أن أغلبهن غالين فى طلباتهن، فما هى نصيحتك لى؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
لا يتوقف أمر الزواج على التشدد فقط فى الطلبات المادية، وإنما قد يرفضون العريس الذى يتقدم لابنتهم لأسباب أخرى كثيرة، ففى الواقع يشترط بعض الآباء في شريك حياة ابنتهم، شروطاً معينة، وكثيراً ما يأتي خُطَّاب لابنة أحدهم ويردُّهم، هذا لأنه من طبقة دون طبقته، أو عائلة غير عائلته، وهو ما لم يقرُّه الدين الذى يجب الالتزام بتعاليمه في تيسير عملية الزواج؛ فلا يرهق أهل الفتاة الشاب بما لا يتحمله، فالحياة هينة وسهلة، ولا تستحق كل التعقيدات التي يضعها الأهل في طريقه وهو مقبل على الزواج؛ حيث يجب النظر للدين؛ فالرجل المتدين هو الذي يرعى الله في زوجته وأهله؛ فالزواج سكنٌ ورحمةٌ ومودَّةٌ بين الزوجين، وليس مالاً وجاهاً ومركزاً مرموقاً؛ فقد قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، فكلام الله يوجب علينا الالتزام به، حتى نصل بأبنائنا إلى الطريق المستقيم؛ ليحيوا حياةً طيبةً.
وهناك تغيرات اجتماعية موجودة، مثل اللامبالاة، وعدم الرغبة في تحمل المسئولية، والإحباط العام، وفقدان الشعور بالأمن والثقة في المستقبل، وهذه العوامل تأتي قبل العامل الاقتصادي، الذي يتمثل في الدخل المتدنِّي، وندرة فرص العمل، والبطالة المتزايدة، وكم أتمنى عودة المفهوم الصحيح للزواج كالسكن والمودة والرحمة، ودور الأسرة في توعية أبنائها وتربيتهم علي تحمل المسئولية وتفهُّم معني الزواج، وإعداد أبنائها وبناتها للقيام بهذا الدور.. إن نصيحتى لك هى أن تلتزمى الخط الواضح الذى انتهجته فى حياتك، وأن تتيحى لمن يتقدم لك مساحة من التعارف، وأن تعطيه الفرصة لكى يتعرف على كل ما يخصكم، فالتعامل وحده هو الكفيل بتوضيح الصورة الحقيقية لكلا الطرفين، وليس الكلام المزين الذى سرعان ما تذروه الرياح، وتنكشف الأمور على حقيقتها.. اهدئى بالا وثقى فى أن نصيبك العادل سوف يأتيك حين يأذن الله.
رابط دائم: