رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قصــة الشلولو
«يا مجمع الأحبة فى عيد العذراء»

محمد شمروخ

ثار الحديث عن طعام اسمه «شلولو» وتعامل الكثيرون معه كأنه وصفة طبية شعبية فى هيئة طعام للعلاج أو الوقاية من البرد خاصة مع انتشار فيروس كورونا كأحدث فيروس من عائلة الإنفلونزا» ولكن هذا أبعد ما يكون عنه.

والبعض تعامل مع هذا الأمر على أنه نوع من الدعايات الإعلامية وآخرون على أنه مجرد طرفة عجيبة تنتمى لزمن الأساطير وحواديت جدتى وجدتك.

والشلولو أحد الأطعمة الشعبية فى الصعيد خاصة، الجوانى ولكنه الآن انضم أو كاد، إلى قائمة الأطعمة المنقرضة لكن أحدا على وجه التحديد، لم يشرح ما هو الشلولو.



"طبيخ ستى على الفرشة"

"يمكن اعتباره أول "فاست فود" فى التاريخ ذلك لأن "أكلة الشلولو" لا يستغرق إعدادها أكثر من بضع دقائق ولا تستخدم فيها النار ولا أى مصدر حرارى وكل ما هنالك أن تقوم ربة البيت بإحضار المكونات الأساسية وهى على سبيل الحصر"ملوخية جافة وثوم وليمون وملح وماء بارد وشطة" فتقوم أولا بدهس فصوص الثوم التى تحددها أو تقطيعها مع خلطها بالملوخية الجافة وتقليبها بملعقة فى الإناء حتى تختلط ويغل قوامها ثم تخفف بالماء رويدا مع عصر الليمون والتقليب ثم مضاعفة كمية الماء حتى يملأ الإناء وتوضع أنصاف الليمون بعد عصرها لتطفو على سطح الشلولو وحينئذ يكون جاهزا للأكل.

ولذلك أطلق الصعايدة عليه المسمى الضاحك "طبيخ ستى على الفرشة" بسبب سهولة إعداده وسرعة تجهيزه، حيث تحدد الست الكمية المراد إعدادها من الشلولو وعدد وحجم العناصر المكونة، فتكفى 5 فصوص توم وحفنة ملوخية و5 ليمونات لطبق كبير يكفى من 5 : 7 أشخاص، حيث يعتمد الشلولو على كمية الماء الذى يتخذ طعم الخليط مع غلبة اللون الأخضر للملوخية ولثغة الليمون والملح، مع الأخذ فى الاعتبار بأن العيش الشمسى هو وحده الصالح للشلولو دون أى أنواع أخرى من الخبز وذلك حتى تتشبع اللقمة بأكبر قدر ممكن للمحلول مع توزيع أنصاف الليمون الطافية لامتصاص ما تعلق بها.

"بارتى شلولو"

والطقس الأهم للشلولو هو أن يكون تناوله جماعيا فهو طعام يشارك فيه الأهل والجيران وبدون ذلك فلا طعم ولا معني، حيث يتم فرش الحصير ويوضع الطبق الكبير فى الوسط وحوله المشاركون فى الوليمة وعادة تنتابهم سعادة غامرة بسبب شهية الطعام وما يفرضه التجمع من روح احتفالية وبالمناسبة فالشلولو طعام موسمى يرتبط تناوله بأيام صوم السيدة العذراء من أول شهر مسرى وحتى منتصفه فى التقويم القبطى الذى ترتبط به الزراعة فى مصر، ففى نهاية الصوم "عيد السيدة العذراء 16 مسري" يتم الاحتفال بالمشاركة الجماعية فى البيوت حول طبق الشلولو وتجتمع عليه العائلات المسيحية مع عائلات المسلمين الذين لا يقلون حرصا على تناوله فى هذه المناسبة، تماما كما يحدث فى شم النسيم، فتراك لو ذاكرت رجلا مسنا مسيحيا أم مسلما عن ذكريات الشلولو لأجابك باسما فى أسى لبعد العهد، بأنه لا يلذ أكله إلا فى "عيد العذراء".

ولا نعرف سبب الربط بين الشلولو والاحتفالات بهذه المناسبة ولابد أن له أصلا تاريخيا موغلا فى القدم لكنه لا يزال مجهولا، لكن لم يتتبعه أحد، إلا أنه عادة متوارثة ككثير من عادات الاحتفالات المصرية خاصة فى الصعيد - خزينة التراث المصرى وحافظته العظمي- ومع ظهور الثلاجات بدأ استخدام مكعبات الثلج لتوضع فى الإناء، خاصة مع شدة حرارة مسرى ويأتى مع أغسطس وهو من أشد شهور الصيف حرا لكن لم يتم أى إضافات أخري.

ومع تقلب الزمن نسى الناس أو كادوا، الشلولو حتى فى الصعيد الجوانى وبدأ يشكل عند كثيرين خلفيات بعيد لذكريات فى عمق الزمان، خاصة أن طقوس أكل الشلولو لا تناسب تحولات الحياة الاجتماعية والثقافية وتم التعامل معه كأكل من تاريخ لتفاعل الفقر والجوع، لاسيما أنه لا يصلح كوجبة أساسية وتناوله يتم كطقس احتفالى يقتضى الجلوس على الأرض وغالبا أمام عتبات البيوت فى يوم صيفى طويل بالمشاركة فى إناء واحد وهو أهم طقوس الشلولو لأنه لا يوزع فى أطيلق ولا تستخدم فيه ملاعق أو شوك، كما كاد الناس نسيان العيش الشمسى الذى لا يحلو طعم الشلولو إلا به.

وهذا ببساطة مختصر قصة الشلولو الذى أثيرت خلال الأيام الماضية فهو أكلة بسيطة بطريقة أكثر بساطة وجميع المدعوين من البسطاء ولذلك اتخذ منذ زمن طويل مكانا شاحبا فى ذاكرة المأكولات المنسية فى جوف الزمن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق