«لكل ميناء حكاية» والحكاية عند مايسة السلكاوى عبقرية مكان وزمان تدور حول اربعة ثغور مصرية أثرت ليس فقط فى تاريخ مصر بل البشرية جمعاء . فهى تحمل الكثير من الحكايات والقصص، عن شخصيات عظيمة لها بصماتها الواضحة والمؤثرة فى تاريخنا الطويل .
الاسكندرية ورشيد ودمياط وبورسعيد، موان كانت محور الارتكاز عند الكاتبة الصحفية مايسة السلكاوي، تلمست جغرافيتها وتاريخها فى كتابها الصادر أخيرا عن مؤسسة الاهرام بعنوان «لكل ميناء حكاية». بذلت الكاتبة جهدا كبيرا للتعريف بأهمية جغرافية وتاريخ هذه الموانى وتأثيرها الكبير ركزت فيها على هؤلاء الابطال الاربعة لما يمثلونه من حلقات الاتصال بين مصر ومدن العالم ففيهم تشكلت ثقافات وحضارات وتبدلت أحوال لمدنها وشهدت أحداثا كان لها عظيم الأثر فى تشكيل الوعى المصرى والأهم أنهم كثغور كانت حصن الامان لمصر على مر الزمان و شاهد عيان على حقب تاريخية عاشتها مصر فى أزمان مختلفة .
تستهل السلكاوى الحكايات بإسكندرية الاسكندر الاكبر مدينته التى طالما حلم بها وتاريخه الواسع العظيم فى القضاء على الامبراطورية الفارسية، مستعرضة تاريخ المدينة ومنارتها ومكتبتها وعمود السواري، والنهضة العمرانية الاولى والثانية للمدينة، والاحتلال البريطانى ومذبحة الاسكندرية، وضربها وحريقها، وبورصة الاسكندرية وحكاية الترام، والكورنيش، والجاليات الاجنبية ومطاعمها ومقاهيها كل ذلك بأسلوب بسيط وعبارات رصينة ومفردات قوية تتخللها صور نادرة لهذا التاريخ حصلت عليها من مصادر موثوق فيها .
ثم عرجت على رشيد حديقة مصر بلد المليون نخلة كما أطلق عليها الرحالة سونينى تناولت فيه المدينة على مر العصور وخلال الحملة الفرنسية، التى ارتبطت بزواج مينو، القائد الفرنسى من زبيدة، «غادة رشيد» كما اطلق عليها الكاتب على الجارم، وتطرقت إلى حجر رشيد وحملة فريزر والسلانكلى بك، والجولة الثانية لملحمة رشيد مطعمة هى الاخرى بصور نادرة .
وجاءت حكايتها الثالثة عن دمياط مرج البحرين والعصر الايوبى والحملة الصليبية الثالثة موقعة دمياط العظمي، وحملة لويس التاسع، ومنفى الملوك والامراء، ورأس البر وصناعات دمياط معززة بصور رائعة الجمال .
ثم تأتى حكاية «بور سعيد» بوابة مصر الشرقية التى تمتد جذورها لمئات القرون حيث «الفرما» وقد قال الاديب الانجليزى «روديارد كبلينج» عن بور سعيد «أذا اردتم ملاقاة شخص ما تعرفونه وهو دائم السفر فهناك مكانان على الكرة الارضية .... لندن وبورسعيد» مما يدل على مدى شهرتها عالميا كمدينة وميناء بحرى متميز منذ نهاية القرن التاسع عشر، مستعرضة تاريخها التى نسبت إلى سعيد باشا حاكم مصر من حيث نشأتها وفنارها وتخطيطها وتنظيم شوارعها وحكاية «البمبوطية»، وأبرز معالمها، والجاليات الاجنبية وحديقة «فريال» والاحتفالات الاسطورية لافتتاح القناة .
وتختتم السلكاوى كتابها بشخصيات بذلت الكثير فى عشق مصر بعضهم قد لا يعرفه الكثيرون، منهم من تصدى للاحتلال كحسن طوبار زعيم إقليم المنزلة ومنهم من ارتقى بالاسطول البحرى المصرى حتى كانت الثالثة على مستوى العالم كحسن الاسكندرانى أمير البحار، ومنهم من وهبت كل ما تملكه للنهوض بالاسطول المصرى مثل عصمت الاسكندرانى أم البحرية المصرية، واخيرا المهندس المصرى من أصول يونانية صاحب فكرة مشروع مصر العملاق بناء السد العالى المهندس أدريان دانينوس، مختتمة بعدو الانجليز الخديو الاخير لمصر والسودان عباس حلمى .
رابط دائم: