رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دانيلا..صحفية إيطالية تواجه أخبار «كورونا» الكاذبة

كتب ــ أشرف أمين

عشرون يوما أو أكثر قضتها دانيلا أوفاديا بمنزلها بمدينة ميلانو الإيطالية ملتزمة هى وبناتها وزوجها فابيو تورونى شأن كافة الإيطاليين بإجراءات الحظر التام. ولإدراكها لدورها وخبراتها الأكاديمية قررت أن تمضى يوميا 12 ساعة خلف جهاز الكمبيوتر تتابع الأخبار وتتقصى صحة أى معلومة متداولة عن فيروس كورونا.

دانيلا ذات الأصول المصرية طبيبة سابقة قررت منذ سنوات أن تتفرغ للصحافة العلمية كتابة وتدريسا للأجيال الجديدة إضافة إلى تأليف الكتب عن أخلاقيات الكتابة العلمية. ولثقة متابعيها وطلابها فيها تحولت صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» إلى منصة تجمع المهتمين بقضايا العلوم والصحة. لذلك لم يكن من المستعجب حين حل الوباء وانتشر المرض فى شمال إيطاليا أن تكرس دانيلا وقتها وطاقتها دعما لزملائها من أطباء العزل ومتابعيها.

تقول دانيلا فى تصريحات للأهرام، «نعيش أياما بالغة الصعوبة ولا يوجد أى يقين فيما يتم تداوله عن فيروس كورونا ما إذا كانت معلومات أو شائعات وعلينا أن نتقبل الوضع الراهن وأن نتعامل مع الأحداث اليومية». أول تلك الشائعات الرائجة، حسب دانيلا، حين تهافت الناس فى إيطاليا على محلات الفواكه والصيدليات لشراء كل ما توافر من البرتقال ومنتجات «فيتامين سى» أملا فى الشفاء من الفيروس. وكانت النتيجة فى ملاحظات أطباء مستشفيات العزل حول ارتفاع نسب «فيتامين سي» فى أجساد المرضى دون أن يكون لها أى دور فى الحد من مضاعفات المرض. فكتبت دانيلا لمتابعيها وقرائها، موضحة أن تناول الفواكه باعتدال مفيد قبل الإصابة لتحسين المناعة إلا أنها غير مجدية لمن أصيبوا بالفيروس فعليا.

قبل أيام قليلة عاشت دانيلا موقفا آخر بالغ الصعوبة حين تم تداول بعض الأخبار من فرنسا عن التأثير السلبى لأحد الأدوية المخفضة للحرارة والمضادة للالتهاب على مرضى كورونا. تذكر أنها تلقت أسئلة كثيرة من زملائها الأطباء يطالبونها بتقصى المعلومة والرد عليهم بسرعة خاصة وأنهم يسعفون مرضى يعانون من ارتفاع شديد بالحرارة وليس أمامهم غير هذا الدواء. ساعات طويلة قضتها دانيلا محاولة تقصى مصدر المعلومة وأى دلائل علمية تؤكد المخاطر المزعومة والمنتشرة عبر صفحات الـ «سوشيال ميديا»، وانتهت إلى أنه لاتوجد أى دلائل واضحة لمخاطر مخفض الحرارة.

وتحكى «تطلب الأمر بعض الأيام حتى تحقق مسئولو منظمة الصحة العالمية من المعلومة. لم يكن لدينا تلك الرفاهية من الوقت لذلك تحملت المسئولية وأبلغت الأطباء أنه لاتوجد أى دراسات أو ما يؤكد خطورة منح المصابين مخفض الحرارة وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية لاحقا».

منذ أيام قليلة، شاركت دانيلا متابعيها غلاف صحيفة «لاريبوبليكا» وعنوانها «اصمدى يا ميلانو»ٌ، فالمدينة هى آخر خطوط الدفاع للمنظومة الصحية المهددة بالانهيار. فالأطباء فى ميلانو ليس لديهم الوقت لمتابعة الأبحاث الجديدة والإرشادات الدولية لمواجهة فيروس كورونا ويعتمدون عليها فى إمدادهم بالمعلومات، وهو ما حتم عليها التخلى عن مبدأ الحيادية كصحفية متخصصة والإدلاء برأيها فيما تقرأ كطبيبة سابقة تصارع الزمن كى تنقذ الأرواح مع زملائها متمنية ألا تسئ التقدير فيما تكتب أو تقول.

بالرغم من تلك الأجواء الصعبة ووفاة ثلاثة من أصدقائها خلال الأيام الأخيرة، تتشبث دانيلا بالأمل فتحكى عن قيام بعض المبتكرين بتحويل أقنعة الغوص إلى أجهزة مكملة للتنفس الصناعى وتصنيع بعض القطع غير المتوفرة بالطابعات ثلاثية الأبعاد. كما قامت مؤخرا بجمع تبرعات عبر صفحتها لسرعة استيراد عدد من قطع الغيار للأجهزة الطبية.

كما تروى دانيلا للأهرام عن الجهود التى تتم فى نابولى حيث يعمل فريق من الباحثين التابعين للوكالة الإيطالية للدواء على جمع كم هائل من المعلومات عن الأدوية التجريبية المختلفة التى يتم منحها للمرضى فى مستشفيات العزل. فإلى جانب الأدوية الشهيرة التى يتم تجربتها حاليا دوليا، هناك ضمن قائمة الأطباء الإيطاليين دوءان محليا الصنع لعلاج فيروس الإنفلونزا، ويتوقع العلماء أن يسهما فى التغلب على «كورونا». ولسهولة جمع المعلومات اللازمة فى هذا الشأن، قام الباحثون فى نابولى بتصميم نظام الكترونى مبسط يتيح للأطباء سرعة الإدلاء بنتائج التجارب الدوائية ومدى فاعليتها.

وحسب دانيلا، فالأمل معقود أن يتم اعتماد عدد من الأدوية الفعالة للتغلب على الفيروس خلال شهر من الآن وفقا لنتائج التجارب السريرية التى تتم حاليا فى كافة دول العالم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وهو ما يعنى باب أمل للعالم، فكلنا فى نهاية الأمر فى «مركب واحدة».


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق