-
التوتر يخنق خلايا المناعة ويضعف مقاومة الجسم
-
-
شدة الخوف من المرض تؤدى إلى الاضطراب والاكتئاب
-
-
أسرتى كانت وحشانى.. وبقيت أدخل المطبخ
-
-
أرجو الابتعاد عدة ساعات يوميًا عن متابعة الأخبار وتجنب شائعات مواقع التواصل الاجتماعى
ابتعد لعدة ساعات يوميًا عن المتابعة المستمرة للأخبار، واجتنب شائعات مواقع التواصل الاجتماعى، واتخذ كافة التدابير الوقائية ورفع مناعتك فهى سلاحك. عليك بالاستراحة فى مكان هادئ، وأخذ نفس منتظم وهادئ وعميق، والعمل على استرخاء العضلات المحيطة بالعين وعضلات الكتفين.
العودة لمشاعر القلب الأصلية مثل الحب والتراحم والتكافل والتفاؤل والصبر والرضى والرحمة والشعور بالآخرين، مما يساعدك على تنشيط جهاز المناعة وزيادة قدرته على المواجهة. تقديم المساعدة للآخرين مما ينشط شبكة التواصل الإجتماعى فى مراكز المخ، وتجعل وظائفه تعمل بشكل أفضل وبطريقة متناغمة. قم بعملية مصالحة مع نفسك ومع الناس وتواصل هاتفيا مع أقاربك وأصدقائك القدامى، وهذا يقلل من صراعاتك التى تستنزف طاقاتك وتجعلك فى حالة وهن جسدى ونفسى.
راجع نمط حياتك قبل الأزمة، وقم فورا بعمليات تصحيح، وتطهر روحيا.
تطهر روحيا بالتوبة عن الأخطاء السابقة، ورد المظالم لأصحابها وحسن سلوكياتك وتواصل مع السماء. احرص على أخذ وقت كاف من النوم مع ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم فى المنزل، واقرأ وتعلم مهارة أو لغة جديدة، فأصبح الاشتراك مجانيا على شبكة الانترنت فى الكثير من المكتبات والمراكز البحثية.
تأكد أن الأوبئة والأزمات والكوارث لا تدوم، فهى دائما تكون نوبات طارئة وتزول.كن إيجابيا فى مواجهة الأزمة حسب ما تتيحه لك الظروف، وكن مبدعا فى التكيف مع ظروفها الصعبة،حتى ولو كان بدخولك المطبخ. هذه هى نصائح استاذ الطب النفسى دكتور محمد المهدى استاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، والتى تعد روشتة ناجحة لمواجهة فيروس كورونا الذى يجتاح العالم.
ما قراءتك للمشهد العالمى وانتشار الفيروس بشكل مرعب؟
الحقيقة أن هناك دولا عديدة استهترت كثيرا بالفيروس، ومارس شعوبها حياتهم بشكل طبيعى دون حظر ولا اى إجراءات وقائية، فأقاموا المباريات وتنزهوا فى الحدائق، ثم أفاق الشعب على هذه الكارثة، ليجدوا رائحة الموت تزكم الانوف وتجرح القلوب.
اللافت أن بعض الدول لم تتخذ حتى الآن قرارا بفرض الحظر رغم أن الإصابات تتجاوز الآلاف؟
هى سياسة مقصودة، فهناك دول أجنبية كانت تغلب مبدأ «السلامة مقابل الاقتصاد» أى أن الاقتصاد أهم من السلامة، ومبدأ «مناعة القطيع» وتعنى ترك عدد كبير من السكان يصاب بالفيروس ليكتسب الباقون مناعة جماعية حتى لو وصل المصابون إلى نسبة 70% من الشعب، حتى زادت اعداد الإصابات والموتى، فعلت أصوات العلماء داخل دولهم تطالب بوقف عجلة الاقتصاد، ووقف تلك السياسات،فضلا عن أن منظمة الصحة العالمية أعدت بروتوكلات منظمة فى هذا الشأن، وأجبرتهم على اتخاذ قرارات بالحظر لحماية الشعوب.
وفى مصر؟
لا..الامر مختلف تماما، فكل إجراءات الوقاية والرعاية الطبية والاجتماعية تقدمها الحكومة بدقة، لكن المهم التزام الشعب.
الملاحظ يا دكتور أن الشعب منقسم، فهناك المستهترون، وهناك من يلتزم بشدة بالإجراءات الوقائية إلى حد الرعب والخوف من الإصابة؟
الخوف فى وقت الخطر شعور تكيفى طبيعى له وظيفة هى الاستعداد لمواجهة الخطر إما بتفادى مصدره أو مواجهته، والخوف أيضا يحافظ على سلامة الإنسان وبقائه إذا كان فى الحدود المعقولة.
وإذا زاد ليصل إلى الرعب؟
هذا الرعب أو الهلع هو عين الخطر، لأن الجسم حين يستشعر دخول فيروس كورونا يطلق ملايين الخلايا المناعية لمهاجمته ومحاصرته والقضاء عليه، فإذا كان الإنسان فى حالة رعب فإنه يطلق شلالات من الكورتيزول «هورمون الضغوط» تخنق خلايا المناعة وتضعفها،وبالتالى يصبح الشخص أكثر قابلية لتوحش الفيروس حيث يتوغل فى خلايا الرئتين على وجه الخصوص ويوجه النواة لإنتاج بروتين مماثل لشفرته الجينية وهنا تتحول الخلية لمصنع هائل لإنتاج الفيروس تنتشر بسرعة هائلة فى أجزاء الجسم.
لكن هل يصاب الشخص بالاكتئاب؟
يصاب بعض الناس ونسبتهم تتراوح ما بين 2 و 01% بما يسمى «اضطراب قلق المرض»، فهولاء الناس مشغولون طول الوقت وخائفون إلى حد الرعب من الإصابة بالمرض،وفى وقت الأوبئة تزداد نسبتهم جدا، وقد تظهر عليهم أعراض المرض بسبب الإيحاء الذاتى، وإذا استمرت حالة الرعب فإن الكورتيزول الذى يفرز بسبب الخوف يؤثر فى نسبة من الناقلات العصبية فى المخ فيؤدى إلى الإصابة بالاكتئاب، وهو أيضا من أشد أعداء جهاز المناعة فى الجسم.
وهل استقبلت حالات فى عيادتك لديها مشكلات نفسية بسبب كورونا؟
نعم.
ما الأعراض، وماذا كان العلاج؟
يشكون قلة النوم والتوتر والخوف من كل شيء، الخوف على أنفسهم من الإصابة وعلى أولادهم واموالهم أيضا،حتى أن أحدهم قال لى إنه يخشى أن تحدث مجاعة وأن تغلق البنوك فلا يستطيع سحب أمواله،وعلاجى معهم يتركز فى الدعم النفسى، والبعض يأخذ مهدئا لينام.
على النقيض من الخائفين، نجد من يهملون تماما ويقولون «خليها على الله» وشاهدنا من يقضون أوقاتهم على الشواطئ ويغلقون المقهى عليهم فى حالة من اللامبالاة.. كيف تفسر هذا؟
هؤلاء يظنون أن الفيروس بعيد عنهم ولن يطالهم وأنه مرتبط بالصين والغرب فقط.. فينكرون الحدث تماما، والإنكار هنا وسيلة دفاعية فى اللاوعى من الخوف الزائد، وهناك فئة أخرى من المراهقين والشباب لديهم حب المغامرة والعناد فيفعلون عكس المطلوب منهم، وكل هؤلاء يشكلون خطرا كبيرا على أنفسهم وعلى المخالطين لهم،إذ يصبحون جسرًا يعبر عليه الفيروس من شخص لآخر وتطول فترة حياته وتستمر الكارثة لفترات طويلة،وهنا يبرز دور وسائل الاعلام فى التوعية.
هل لـ «كورونا» جانب مضىء؟
الحقيقة أن الأوبئة والكوارث على قدر آلامها وخسائرها فإنها تحمل فى طياتها جانبا آخر من الرحمة والعطاء الربانى وتحمل أيضا فرصا للإبداع الإنسانى فى استكشاف طرق للعلاج والوقاية وتضافر الجهود وتغيير أنماط الحياة للأفضل ومحاولة التخلص من العادات الحياتية السيئة، وإعادة ترتيب أولويات فئات المجتمع والاهتمام بالاطباء والبحث العلمى، ولا ننسى الجهود الذاتية للاطباء وتضافرهم للكشف «أون لاين» على المرضى تحت شعار «خليك فى البيت».
وهل للحظر تأثير على العلاقات الزوجية..؟
تأثير إيجابى كبير جدا..فهناك أزواج سعداء فى حياتهم ومتفاهمون، وظروف الحياة وضغوطها ومواعيد العمل كانت تمنعهم من قضاء وقت لطيف.. وهؤلاء سعداء جدا ويعتبرونها فرصة لالتقاط الانفاس والتواصل مع الأبناء.
وحتى الأزواج الذين يعيشون حياة باردة، بدأت حياتهم تتغير للاحسن، فهم مضطرون للحديث عن إجراءات الوقاية وأيضا تجرهم مشكلة الوباء للتواصل المستمر والنقاش.
وهل تعلمين أيضا أن نسبة الخلافات الزوجية تراجعت عند فئة كبيرة، بل إن معدل الطلاق أيضا تراجع، أو للدقة تم تأجيل قرار الطلاق إلى ما بعد انتهاء الازمة..وبالطبع سنحتاج إلى دراسة واعية لمعدلات الطلاق بعد انتهاء الوباء.
ولماذا تتراجع نسبة الطلاق من وجهة نظرك؟
هذا النوع من الأزواج كان يعيش على الحياد مع الطرف الآخر، ووجد نفسه محبوسا مع طرف يقبله على مضض، وهنا تفكر الزوجة هل تنفصل عن زوجها وتستقر بحياتها بعيدا عنه وهنا تواجهها مشكلة السكن بعد الطلاق، فأين تذهب، فاللجوء إلى بيت الاب أو الأخ صعب بسبب الحظر الاجتماعى، ولو فكرت فى الحياة بمفردها ستكون فى مواجهة مرض محتمل وهذا أصعب، والزوج الذى كان يود الانفصال عن زوجته بات يفكر هو الآخر فى حياته وحيدا، وهنا يكون الخيار الأمثل للطرفين هو الاستمرار ليبحر المركب بهدوء فى مواجهة الوباء، فأى خلاف لا مجال له حاليا من وجهة نظرهم.
أى الفئات أكثر تأثرا بحالات الأوبئة؟
الأطفال، لعدة أسباب فهم يلاحظون أن الاب او الام ابتعدوا عنهم، أنا مثلا ابتعدت عن أحفادى وعمرهم أقل من 6 سنوات، فلا أحضان ولا قبلات، ولا لعب معهم ولا «تنطيط» فكل هذا تغير.
فماذا قلت لهم، وماذا نقول للأطفال فى تلك السن؟
قلت «ان هناك حاجة صغيرة اسمها كورونا لو دخلت الجسم ممكن تعدى الكل، وعشان كده بابا لا يذهب للشغل ولا نستطيع الخروج ولا أحضان ولا قبلات».
وطبعا الطفل يتقبل فى هذه السن الكلام بصعوبة لانه يقتنع ويعتمد على الادراك الحسى للاشياء، فما لا يراه من الصعب تخيله.
والأطفال بعد عمر السادسة؟
طبعا هؤلاء سعداء جدا بالاجازة من الدراسة والهروب من الواجبات المدرسية، لكنهم يشعرون بملل التواجد فى المنزل، فلا نادى ولا مول ولا اى زيارات، وهم يفهمون طبيعة الفيروس لكن لابد ان نتابعهم فى الإجراءات الوقائية ونتابع حالتهم الصحية باستمرار، ونحاول ان نشاركهم الهوايات الخاصة بهم ونمارس معهم الرياضة المنزلية.
وفى حال إصابة أحد الوالدين –لا قدر الله- كيف يتعامل المحيطون بالطفل معه؟
يراعى المحيطون به ضبط مشاعرهم والتعامل بهدوء وتوضيح ان المريض – أيا كانت درجة قرابته للطفل- سوف يعود بعد شفائه سالمًا بإذن الله، ويجب الاهتمام بالطفل جدا والتعامل بحذر وهدوء، فالازمات فى فترة الطفولة تجعل الانسان فيما بعد أكثر قابلية للتأثر بالضغوط،بل إن تقدير الضغوط ودرجة توازن المشاعر ترتبط بالطفولة الى حد كبير.
وطبعا كبار السن معرضون للإصابة؟
الحقيقة أن كل إنسان معرض للإصابة، وذلك حسب حالته المناعية والنفسية، وكبار السن وأصحاب الامراض المزمنة معرضون أكثر للإصابة والموت بسبب الوباء،لذلك يجب الاهتمام بهم جدا.
تنتشر على السوشيال ميديا الكثير من الأدعية لرفع البلاء، بل إن غير المنتظمين فى الصلاة حزنوا لغلق المساجد والحرمين رغم يقينهم بأن هذا هو الإجراء الصحيح لمواجهة الوباء..بماذا تفسر هذا التناقض؟
لان الانسان بدأ يشعر أن الموت قريب وأن هذا الوباء فتاك..فلم نجد علاجا أو لقاحا للفيروس حتى الآن..لذلك أرى أن المجتمع حاليًا فى حاجة إلى علمائنا الاجلاء ليخرجوا إلى الناس عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى ليأخذوا بأيديهم فى رحلة تضرع إلى الله وانضباط سلوكى،وخاصة أن نفوس الناس تكون مهيأة لتلك الرسائل الروحية وهم تحت تأثير الخوف وهى فرصة ذهبية للتغيير النفسى والاجتماعى والروحى، لأن الناس وهم فى حالة الرفاهة والسلام والأمن لا يستمعون إلى المواعظ والتوجيهات بل يكونون فى حالة كبر وغرور،أما الآن وهم جالسون فى بيوتهم حذر الموت فتكون أفئدتهم أكثر قبولا للموعظة وعقولهم أكثر قبولا للتغيير. وإذا نجحنا فى ذلك سنخرج بعائد سلوكى ايجابى عظيم.
وكيف تقضى وقتك فى الحظر؟
ضحك وقال، أصبحت أدخل المطبخ، حاليا باعمل شاى وكمان أعمل بيض أومليت،وده تقدم ملحوظ.
وطبعا ألغيت العيادة فى الفترة المسائية، واستمتعت بالجلوس مع اسرتى، اللى كانت وحشااانى، وأكيد أقرأ وأتابع الاخبار.
رابط دائم: