«كورونا» رسخ مبدأ «التباعد الاجتماعي»، الذى يعتقد أنه سيبقى مهيمنا لفترة غير وجيزة. فكان الاعتماد أكثر فأكثر خلال الأيام الأخيرة على أدوات تواصل متعددة لتسيير شئون الحياة، خاصة فى أوساط قطاعات الاقتصاد واتخاذ القرار دوليا.
وكان من الفائزين، تطبيق « زووم» الخاص بإجراء لقاءات عن بعد بمشاركة عدد من الأفراد. فشهد رواجا كبيرا بلغ حد استخدامه من قبل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون لعقد اجتماع لإدارة الأزمة.
ولكن كما نال رواجا واسعا، نال «زووم» أيضا انتقادات قوية بشأن خصائصه الأمنية، وقدرته على الصمود أمام معدلات الطلب المتزايدة.
وفقا لتقارير إعلامية بريطانية بدأت أزمة «زووم» عندما غرد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، قبل يوم واحد من إعلان إصابته بـ«كورونا»، حول قراره تخصيص 210 ملايين جنيه استرالينى إضافى لدعم الأبحاث الهادفة لإيجاد «مصل» واقى من الفيروس الجديد. والتغريدة جاءت مصحوبة بصورة لجونسون يعقد اجتماعا عن بعد باستخدام تقنية «زووم» مع عدد من مسئولى الدولة البريطانية.
فورا وفى أعقاب التغريدة، وردت تقارير حول تعليق وزارة الدفاع البريطانية استخدام التطبيق ذاته، مخافة وجود ثغرات أمنية تعرض المعلومات التى قد تتضمنها هذه الإجتماعات رفيعة المستوى إلى التسريب. ولكن الوزارة البريطانية عادت ونفت خبر التعليق، كما نفت الاستعانة بخدمات «زووم» من قبل لإجراء الاجتماعات ذات الطبيعة السرية. وخرج أيضا المتحدث باسم الحكومة البريطانية ليؤكد أن الظرف الحالى يفرض استخدام «أدوات تواصل غير تقليدية» وأن الاستعانة بـ « زووم» تمت بمراعاة معايير السلامة المحددة من «مركز الأمن السيبرالى الوطني» فى بريطانيا.
المسألة لم تنته هنا، فقد هب « زووم» إلى الدفاع عن نفسه بتأكيد أنه يتم الاستعانة بخدماته من جانب أكثر من ألفى جهة حول العالم، مع الإشارة لتنوع المجالات التى تعمل بها هذه الجهات ما بين خدمات مالية ومزودى خدمات الإنترنت، فضلا عن وكالات حكومية وجامعات. وذلك غير الاجتماعات العائلية التى باتت تحتاج إلى وسيط «إلكتروني» لإتمامها.
لكن المشكلة الفعلية أن « زووم»، التى بدأت فعليا عام 2011 على أيدى مطور صينى للبرمجيات يدعى أريك يوان، سبق وعانت من وقائع قرصنة. كما فى حالات إنهاء مشاركة بعض الحاضرين لإجتماعاتها الإليكترونية، أو إزالة بعض الرسائل المتبادلة. كما أن التطبيق الذى بدأ بإمكانات متواضعة تسمح بإدارة اجتماع لا تزيد مدته على 40 دقيقة ويشمل ثلاثة مشاركين على الأكثر، سارع بتطوير قدراته فى مرحلة ما بعد « كورونا» لتلبية الطلب المتزايد من أجل التواصل فى زمن «التباعد». فارتفع أعداد مستخدميه إلى 50 مليون حول العالم وخلال أيام قليلة، ما يثير أسئلة عن إمكانية استمرار الاعتماد عليه رغم حداثة تجربته.
تزيد الانتقادات إزاء «زووم» وأخوته أو تقل، الواقع يؤكد أن فى جميع الحالات، ستستمر الاستعانة بمثل هذه التطبيقات وسيتم التوسع فى تطويرها لتجاوز مرحلة «كورونا» وفترة ما بعد الانحسار المأمول للفيروس، والتى يتوقع أن تسيطر عليها مشاعر وإجراءات الحيطة والحذر.
رابط دائم: