رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الفن شاهد على عصر كورونا

علا الشافعى;

  • رحلة داخل متحف السينما والتليفزيون الألمانى تثبت أهمية التأريخ الفنى لحفظ اللحظات الإنسانية النادرة





أيام صعبة تلك التى يعيشها العالم فى ظل انتشار فيروس كورونا المستجد المسبب للمرض «كوفيد ــــ 19»، فحياة شبه متوقفة على جميع المستويات. خسائر تتخطى المليارات فى الأنشطة والمجالات كافة، وتتباين الخسائر من قطاع لآخر ومن بلد لبلد.. بشر يجلسون فى منازلهم رغم اختلاف الثقافات والانتماءات لكن جميعهم رفع شعار «خليك بالبيت. منهم من راح يسجل تلك اللحظات المريرة التى تعيشها الإنسانية والبعض الآخر راح يغنى ويتغنى معه جيرانه بأغانيهم الوطنية والعاطفية..

...................

وحده الفن هو الذى يسجل تلك اللحظات التى ستغير شكل العالم فيما بعد وهو أيضا من يساعد البشر على التواصل فى ظل الحظر المفروض والإقامات الجبرية بسبب الوباء، تلك المشاهد تجعلنا ندرك أهمية التأريخ، وأرشفة كل تلك المواد لحفظ لحظات إنسانية نادرة، لذلك كان من الطبيعى أن استدعى مشاهد كاملة من الزيارة الأخيرة لمدينة برلين، أثناء انعقاد مهرجانها السينمائى الـ70 وفى اليوم الأخير قبل المغادرة قررنا زيارة «بيت الفيلم»، أو السينماتيك الألمانى، أو متحف السينما والتليفزيون فى بوتسدامر بلاتس بالعاصمة الألمانية، الذى يشغل أربعة طوابق، يدعو خلالها الزوار للقيام برحلة عبر الزمن، واكتشاف أكثر من مئة عام من تاريخ السينما وخمسين عاماً من تاريخ التليفزيون فى ألمانيا الشرقية والغربية، والذى يقع فى مبنى قريب من مقر المهرجان بناية شديدة الحداثة من الخارج، لا توحى بأنها مكان يضم كنوزا نادرة ومشاهد تحمل سحر السينما وصناعها فى مراحل تاريخية متباينة.

دهشة البدايات

بمجرد أن تفتح ذلك الباب الزجاجى الكبير، وتترك وراءك العالم الحديث بكل تفاصيله، ستقف مشدوها للحظات بمجرد أن تطأ قدماك نفقا طويلا وممتدا مليئا بالمرايات وشاشات العرض والتى تعرض لك لقطات من أهم انتاجات السينما الألمانية، ونجوم ونجمات السينما الألمانية على ثلاث شاشات تراهم بصور معكوسة، فى مشاهد من أفلامهم تلك المرايا تتجاور فى ممر يشعرك للحظات أنك دخلت نفقا زمنيا مغايرا أو كأنك ركبت آلة الزمن لتعود للوراء فى تجربة فريدة تأخذ روحك وتسافر لترى ليس فقط مشاهد من انتاجات السينما الألمانية أو وجوها سينمائية تبدو مألوفة بل تحملك إلى زمن بكل تفاصيله من بدايات ظهور السينما، ثم آلات العرض الأولى للصور المتحركة، وصناعة كانت تقدم انتاجات متميزة دون تطور تكنولوجى كبير مثل الذى نعيش فيه، والأهم هو الشعور بأهمية كل ذلك وضرورة الحفاظ عليه إنه سحر السينما وتاريخها.. السينما التى تسجل ملايين اللحظات الإنسانية .

فى مساحة تبلغ 1300م، موزعة على طابقين، الطابق الثالث ثم هبوطاً إلى الطابق الثانى، وخمس عشرة حجرة، يقدم المعرض الدائم للسينما 1000 قطعة يعرض منها: ملابس، وإكسسوارات، ومعدات تقنية، وصورا فوتوغرافية، وأفيشات فضلاً عن وسائط الإعلام المتنوعة، من الفيديو ومراحل الوسائط المتعددة، فهناك أجهزة تقنية ترجع لعام 1895، بدايات صناعة السينما، وحتى الوقت الراهن كاميرات، أجهزة عرض، وأجهزة مونتاج ووحدات تحكم ورسوم متحركة، ومعدات إضاءة وصوت، وكاميرات متحركة على»شاريوهات، وإكسسوارات»، ومجسم لواحد من أهم الاستوديوهات بألمانيا تم تأسيسه فى عام 1914، وكان مبنى من الزجاج ليتم توظيف الضوء الطبيعى فى تصوير الأفلام وقام مهندس معمارى بصنع «ماكيت «يشبه الحقيقى، إضافة إلى العديد من الأدوات التى كانت تستخدم فى دور العرض قديماً كالنظارات أو العدسات المكبرة. إلى جانب أجهزة وأدوات تلقى الضوء على كل ما هو معروض، وهناك دليل صوتى يشرح المعروضات المختارة بثلاث لغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية، كما يوجد فى الطابق الأول، ثلاث حجرات أخرى متاحة للمعارض الخاصة.

أرشيف نادر من الصور

ويضم المتحف بين جدرانه وأقسامه أرشيفا نادرا من الصور تقارب المليون صورة على مطبوعات، وشرائح، وأيضا «نيجاتيفات»، وألواح زجاجية متعلقة بالأفلام والشخصيات العاملة فى الحقل السينمائى، وبالأرشيف ما يزيد على مليون صورة مفهرسة من مراحل عديدة من تاريخ صناعة السينما، خصوصاً من ألمانيا، وأجزاء من أوروبا، وأمريكا، ويركز الأرشيف على تاريخ الأفلام والاستوديوهات ودور العرض، كما يحتوى على ممتلكات شخصية مهداة أو مقتناة بعدسة أشهر المصورين، ومن أبرزها تلك التى للمصور «هاينز كوستر» التى تركز على التاريخ السينمائى لبرلين فى الخمسينيات والستينيات.

كما يضم هذا الأرشيف بطاقات موقعة بخط اليد، تذاكر دخول، برامج سينمائية، مطبوعات دعائية، ودعوات عروضا افتتاحية، ومقالات نقدية، وتسجيلات الرقابة، وسيناريوهات، فضلاً عن مجموعة من النوت الموسيقية للأفلام.

ويحتفظ السينماتيك بمجموعة من الممتلكات الشخصية لعدة فنانين ونقاد وشركات أيضاً، من بينها مواد من كافة الأنواع، حتى تلك المحفوظة لدى أرشيفات أخرى، ومنها الأوراق الخاصة، والمراسلات، والصور الفوتوغرافية الشخصية الخاصة والأدوات الشخصية.

مارلين ديتريش.. الملاك الأزرق لألمانيا

ماربين ديتريش أو مارلينه هى واحدة من أهم نجمات السينما الألمانية والتى عملت فى هوليوود أيضا ووضع المعهد الأمريكى السينمائى ديتريش فى المرتبة التاسعة بين أفضل 100 نجمة ومن أهم افلامها «الملاك الأزرق، ومراكش،» لذلك نجد أن هناك قرابة 3 آلاف قطعة يحتفظ بها الأرشيف من مقتنيات مارلين ديتريش، الكثير منها معروض، ويتمتع خصيصاً بدرجة عالية من الاهتمام والرعاية من أجل المحافظة على أنسجة الملابس من التلف والحشرات وغيرها من العوامل التى قد تسرع فى إفسادها، وذلك لأن الكثير منها مصنوع من الريش أو الفراء أو الحرير، كما أن الموجود منها بالمتحفين الدائمين يجرى عرضها بطريقة خاصة تبرزها وفى نفس الوقت تحافظ عليها وتغطى هذه المقتنيات فترة زمنية تتراوح بين ثمانية عقود، من العشرينيات وحتى التسعينيات، منها 40 ثوبا ظهرت بها فى السينما و30 فى الاستعراضات، 430 زوج حذاء، و400 قبعة، و150 زوج قفازات، و70 حقيبة يدوية، والكثير منها من تصميم أرقى بيوت الأزياء فى أوروبا وأمريكا، ومن بينها شانيل وديور.

كما تحتوى المجموعة على آلاف الصور من حياة هذه النجمة الحافلة بالأحداث، وألف صورة شخصية وعائلية، و2000 نسخة نيجاتيف لأشهر المصورين.

مع وفاتها عام 1992، كانت مارلين قد تركت ما يقترب من 300 ألف وثيقة مختلفة أغلبها رسائل، ومن بينها رسائل مع: يول براينر، وموريس شفاليه، نويل كاورد، جان جابان وأورسون ويلز، وبيلى وايلدر.

ويضم بيت الفيلم أيضا مقتنيات لعدد من صناع السينما الألمانية ومشاهيرها ومنهم راينر فيرنر فاسبيندر، وفولفجانج بيترسن، وهاينز رومان، وفيم فيندرز، وفيرنر هيرتزوج.

بمجرد أن تخرج من هذا العالم الساحر ستجد نفسك تسأل عن آلاف الأفلام المصرية المهدرة وكل ما يتعلق بالصناعة وبداياتها، وأيضا مقتنيات النجوم ومشاهير الصناعة والتى تتوارثها الأجيال ولكن لا ضمانة فى الحفاظ عليها وأكبر دليل على ذلك ما يحدث لمقتنيات النجم أحمد زكى، والتفريط فى تاريخ شديد الثراء يعنى أنك أمة بلا ذاكرة.



رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق