«1» شاطئُ المحبة
يقف أمام البحر وحيداً
رجلُ المظلاتِ..
لا تؤثر فى صلعتهِ السخونةُ
ولا تجرؤ الرمال الملتهبةُ
على لسع أصابع قدميه الكبيرتين..
عندما يذهب الجميع
ويبقى هو مع الشاطئ
يجلس ضاماً قدميه
ومطأطئاً رأسه
حتى ينزل فى الرمل وينزل
ولا يبقى فى الصورة إلا عينين تلمعان..
كان يخدع الجميع باختفاءاتهِ الدائمة
لكنَّ البحرَ بالطبع يعلم
ويرسل موجته الطيبة التى تفوتُ على ظِلِّهِ
لينام هانئاً مع أولاده و أصحابهِ
ورفاق الطريق..
...... كان أخطبوطاً
حَلُمَ بهذه الشمس
ثم أحبَّها
فاتفق البحرُ مع اللهيب
ومنحاه حياتين......
صدقنى يا ولدي
الأذرع الطويلةُ شُعَاعٌ قريبٌ و بعيد
والأمواجُ جَناحٌ شابٌ
و أصواتُ محبة...
.....................
«2» شظيةٌ تصيبُ الموتَ .. أو لا تصيبُهُ
برصاصةٍ حَطَّمت شهقاتِهِ
وضِحُكَهُ المقعيَّ على ركبتيهِ من الألم
قتلَ صديقى نفسَهُ..
كانَ أمكرَ من سحابةٍ
لكنهُ قرر أن يصونَ ابتسامتهُ
الأخيرةَ
التى لا تأتى فى العمرِ إلا مرة..
قالَ أشيلُ للموتِ شظيةً
تصيبُ يقينَهُ العجوز
ويمسحُ بها
على قلق النازحينَ من البحيرةِ
و النازلين من شقوقِ المدينةِ
و العالقينَ على بوابة الأسئلةِ..
: سؤالٌ يفوتُ النافذةَ خلفهُ
ويُؤذِّنُ للعَدْوِ من الأحبة والأشرار معاً
وسؤالٌ يشقُّ زحامَ السريرِ
ليقبعَ فى الكابوسِ ..
سؤالٌ أبعدَ من المرآةِ و أيامها
و سؤالٌ فى علبةٍ قريبةٍ
لكنها تبتعدُ..
الموتُ لا يحبُ الهدايا
ويقول أقتلُ نفسى أسهل..
كان الموتُ يا أخوتى قديماً
أرقَّ من الحياةِ
لكنهُ قرر أن يشوفَ قسوتهُ
التى يَشُدٌنا لأجلها من العيونِ
الغارقةِ
و النورِ
المرتعش ..
.....................
«3» حياةٌ خاوية
كنتُ ذئباً و قزماً و صورةً
كنتُ وردةً عمرها ضيقٌ
و نهراً و نبياً و شجرةً..
لكنى لم أعد أذكر شيئاً
عن روحى الأصلية..
الأرباب قساةٌ فعلاً
يأخذون أرواحنا قرب الفجر
ويحقنوها فى أجسادٍ أخري
إلى أن تصير الروحُ قديمةً و باهتةً
تنسى شبابها و طفولتها..
عندما سأخرجُ من كل هذا
وأتأمل ما جري
سأضع روحى فى صندوق
ولن أجود بها
إلا عندما أحُلِّقُ فى المرآةِ
و قبلها يحكون معى
ويضحكون
وينظرون يميناً و يساراً
لأتذكر..
سأحفظ روحى دافئةً و عفية
حتى و إن كانت ترتعشُ
كل ساعةٍ
أو تقعُ منها الملامح..
.....................
رابط دائم: