تفجرت ينابيع الخير، فأمطرت السماء مرتين مطرا غزيرا وبكثافة عالية لم تعهدها مصر منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد رآها الكثيرون سوءا، وأراها خيرا وإن شابها بعض الأضرار.. إن الماء حياة، فأينما يوجد الماء توجد الحياة، فالمولى عز وجل يقول فى محكم آياته: «وجعلنا من الماء كل شئ حى».. إنها رسالة سماوية لتنبيه الأذهان إلى أنه آن الأوان للتفكير والتخطيط للاستفادة من مياه الأمطار المهدرة فى بلد أحوج ما يكون لكل قطرة مياه منها.. بلد يعانى الفقر المائى، وتخطى تعداد سكانه مائة مليون نسمة، ويزيد تعداده بمعدل يقترب من ثلاثة ملايين سنويا.
لقد أصبح لزاما علينا لمواجهة الزيادة السكانية ومشروعات التنمية اللازمة للإعاشة أن نبدأ فى مد مواسير موازية لمواسير الصرف الصحى بطول الطريق من الجانبين تتجمع فيها مياه الأمطار على أن يكون رصف الطريق مائلا للانحدار قليلا بحيث يسهل انزلاق المياه صوب البلاعات الموصلة للمواسير حتى لا تبقى قطرة مياه واحدة على نهر الطريق تعيق حركة المرور وتفسد رصف الطريق، وأن تصل هذه المياه فى النهاية إلى شريان من شرايين النهر، ومن ثم ينبغى على ولاة أمورنا عدم التقاعس عن تحقيق هذا الهدف مهما تبلغ تكلفته المالية، فلا شئ أهم من حياة المصريين.. لقد شاهدت فى مدينة الخرطوم أوائل الثمانينيات كيف تخلص السودانيون من تراكم المياه فى الطرق بحفر قنوات جانب الطرق تتجمع فيها مياه الأمطار، لا بقصد الاستفادة منها، وإنما ضمانا لصلاحية الطريق للمرور، ومادمنا نحتاج إلى كل قطرة مياه، فإنه يتعين على الفنيين والمختصين فى بلادنا المبادرة إلى التفكير فى كيفية الاستفادة من ينابيع الخير.
د. جلال الدين الشاعر
رابط دائم: