كغيرها من باقى قارات العالم، لم تكن أمريكا اللاتينية ببعيدة عن موجة الزحف النسائى نحو كرسى السلطة، حيث شهدت بزوغ نجم العديد من النماذج المؤثرة فى تاريخ دولها، وعلى رأسهن رئيسة تشيلى ميشال باشليت، التى أصبحت عام ٢٠٠٦ أول رئيسة منتخبة لبلدها، مما فتح الباب أمام وجه آخر مثل كريستينا دى كيرشنر للفوز بالانتخابات الرئاسية الأرجنتينية فى ٢٠٠٧، ثم لاحقا ديلما روسيف فى البرازيل عام ٢٠١١، كأول امرأتين تشغلان الرئاسة فى بلديهما.
وشكل انتخاب باشليت كرئيسة لتشيلى فى فترتها الأولى (٢٠٠٦- ٢٠١٠) حدثا تاريخيا نادرا بالقارة اللاتينية، كونها أول امرأة تصل لمنصبها فى انتخابات مباشرة، دون أن تكون زوجة لرئيس أو زعيم سياسى سابق فى أمريكا اللاتينية.
وقد سبق باشليت إلى الرئاسة على مستوى القارة، إيزابيل بيرون رئيسة الأرجنتين (١٩٧٤ـ ١٩٧٦)، فى أعقاب وفاة زوجها خوان بيرون. كذلك رئيسة بنما ميريا موسكوسو (١٩٩٩ـ ٢٠٠٤)، وهى أرملة الرئيس الأسبق أرنولفو آرياس. وتمتعت باشليت بتاريخ سياسى حافل، خاصة مع تعيينها وزيرا للدفاع الوطنى، لتصبح أيضا أول امرأة تشغل هذا المنصب فى أمريكا اللاتينية. وخلال ولايتها، عملت باشليت على توفير الرعاية الصحية المجانية للمرضى كبار السن وإصلاح نظام الضمان الاجتماعى. كما عملت أيضا على إقرار العديد من التشريعات لحماية حقوق العمال وضمان المساواة فى الأجور بين الرجال والنساء.
وعلى نفس درب النجاح، سارت كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، التي قادت الأرجنتين خلال ولايتين (2007- 2015)، خاصة بعد تحقيقها للعديد من الانجازات الاقتصادية، والتى أصبحت معها بلادها من أقوى اقتصادات القارة. وبدأ بزوغ نجم كريستينا السياسى مع نجاحها فى الفوز بعضوية مجلس الشيوخ عام 1995، حيث اشتهرت وقتها بمعارضتها الشديدة لسياسات الرئيس الأسبق كارلوس منعم (1989- 1999)، لتنجح بعدها فى قيادة زوجها نيستور كريشنر للفوز بانتخابات الرئاسة عام 2003، ثم تكرار فوزها مجددا بمقعد فى مجلس الشيوخ للمرة الثانية فى انتخابات 2005 عن العاصمة بوينس آيرس.
واستنادا إلى خبراتها البرلمانية والسياسية كسيدة الأرجنتين الأولى، نجحت كريستينا فى خلافة زوجها فى الحكم 2007، لتقود بلادها إلى تحقيق نهضة اقتصادية كبيرة، حيث ارتفاع دخل الفرد إلى نحو 9 آلاف دولار، بمعدل نمو بلغ 9٫5% ، مما ساهم فى تسديد جزء كبير من ديونها إلى البنك الدولى، بل ودفعها نحو الفوز بفترة ولاية ثانية. ورغم اتهامات الفساد التى طالتها عقب تركها للسلطة، غير أن هذا لم يفلح فى افساد عودتها السياسية عام 2019، لكن هذه المرة كنائب للرئيس البرتو فرنانديز، لتواصل كرستينا مسيرتها السياسية الناجحة، مدعومة بشعبيتها الجارفة بين الأرجنتيين.
ومن الأرجنتين إلى الجارة البرازيل، حيث شقت امرأة أخرى طريقها إلى كرسى السلطة، وهى ديلما فانا روسيف، والتى نجحت فى الفوز بمنصب الرئاسة (يناير2011- أغسطس2016).
وعرفت روسيف بأنها تلميذة الرئيس البرازيلى الأسبق الشهير لولا دا سيلفا، من ثم التزمت خلال ولايتها الأولى بنفس السياسات، خاصة الجانب الاجتماعى منها، حيث انتشال الملايين من براثن الفقر، وخفض التفاوت الحاد فى توزيع الثروة، مع الاستمرار فى تحقيق نسب نمو عالية. إلا أن تلك النجاحات لم تشفع لروسيف لدى بعض قطاعات الشعب، خاصة مع إنفاق الحكومة نحو 11مليار دولار على استضافة كأس العالم لكرة القدم 2014، من ثم انتشار الاحتجاجات على قلة الخدمات والفساد.
وبالرغم من نجاحها فى الفوز بفترة ولاية ثانية، غير أن روسيف فشلت فى استكمالها، حيث أقر مجلس الشيوخ البرازيلى فى مايو 2016 عزلها من منصبها ومحاكمتها، بتهمة انتهاك قوانين الموازنة العامة، لإخفاء حجم العجز المالى للبرازيل.
رابط دائم: