رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى انتظار معجزة

** محمد حربى**

إلى فتحى عبدالله

…………………..

غَفيرُ الماءِ

1

بِفَأْسٍ منْ حُروفٍ مُقَطَّعَةٍ،ومِنْجَلٍ من كلامٍ لا يَبِينُ تماماً يَحْصُدُ الفَراغَ منَ الكَوْنِ

ويَجْدِلَهُ حَصيراً مُمْتَدَّاً لِوَقْتِ السَّحَرِيَحْرُسُ المياهَ من قُطَّاعِ الطرُقُ ويُعْلِنُ الشَّراسَةَ دِيناً لَهُ وَحْدَه فى وجوهِ من يَمْنَعون «الكونشرتو» من عَزفِ مَقْطوعَةٍ فى المقابِرِ المُجَاورَةِ للحقولِ الخَضْراء

2

يَلْتِهِمُ قصيدَتَيْنِ كُلَّ صباحٍ بِأَمْرِ الأَطِبَّاءِ،الذين لا يَفْهَمونَ غالِباً فى الشِّعْرِثمَّ يهْبِطُ المدينةَ مُتَأَبِّطاً صورَتَيْنِ مَخْبوزَتَيْن من لَيْلَةِ الأَمْسِ فى أَفْرانِ الطِّينِ،ويَحْتَسى قَصيدَتَيْ خَمْرٍ رَخيصٍ فى المَقَاهى النَّائِيَة’يطَرَدَهُ الشُّعَراءُ العابِرونَ إلى نَثْرِهِ المُقيمِ فينْتَقَى صمتاً يُحاوِرُهُ أو يَسُبُّهُ عندَ اللُّزومِ فهوَ لا يَخْشَى فى الخمْرِ أقْماراً هارِبةً أو أنْهَاراً مُتَقَاعِدَةً

3

لَبِسَ الشُّعَرَاءُ لَأْمَةَ الحرب تُروساً وتَفْعيلاتٍ ودُروعاً من لَحْمِ الكتُبِ وأضابيرِ المتاحفِ وانْتَعَلوا طيناً يابِساً من كلام القُدامَى، ثُمَّ الْتَفَتوا إلى المِصْباحِ الوحيدِ بالغرفةِ وأَطْفَأوا المِحْبَرَة ثم هَبَطوا إلى الدُّخانِ

4

يعودُ فى المساءِ حامِلاً حَقْلَيْنَ تحتَ إِبِطِهِ وحِفْنَةً مِنْ خُضْرَةٍ ذابِلَةٍ

لِيُطْعِمَ القصائدَ التى باتَتْ جائِعَةً تحتَ السَّريرِوهوَ يُناضِلُ بِصَمْتِهِ بينَ العُيونِ

5

قبْلَ أنْ يَنام يصْرُخُ مُسْتَنْجِداً بالحُقُولِ البَعيدَةِ ويَسأَلُ الطيورَ أن تُرافِقَهُ فى مَنْفَى النَّوْمِ السَّريعِ على مِحَطَّاتِ القِطارِ أو المِتْرُو

6

عِنْدَما يَعودُ لِلْمِياهِ يُخْرِجُ غَلَّةَ المدينَةِ مِنْ خَمْرٍ وقَصائِد يُلْقى بِها فى التُّرَعِ المَنْذورَةِ لِلْخصْبِ،يُخْرِجُ أَرْغولاً صغيراً ويَحْكى لِلْماءِ قِصَّةَ الأمْسِ حتَّى ينامَ النهرُ بين يَدَيْهِ فى الفجرِ يسْتَيْقِظانِ منَ الحُلْمِ على الترابِ والغُبارِ،والحُقُولُ تصْرُخُ مِنْ ظَمَأ

صَمْتَاً فالحَرَسُ يَمُرُّونَ الآنَ تحتَ النافِذَةِ

7

يأتى النهرُ حامِلا ًغَنيمَتَه طمْياً أَسْمَرَ وعُشْباً جثثا ووصايا،فيَنْتَقِى الغَفيرُ المُوكَلُ بالسِّقايَةِ أجْسادَ الصَّبايا المَخْبوءَةِ تحتَ جِلْدِ المَوْجِ، ويَفُكُّ أَكْفانَهُنَّ على مَهل ثم يأْخُذُهُنَّ إلى الحقولِ لِيُعَلِّمَهُنَّ الرَّقْصَ

يَطْرُدُ أَشْباحَ الجُثَثِ من الماءِ ويُعيدُ إِلَيْهِنَّ أَقْراطَهُنَّ الفِضِّيَّة ثمَّ يُطْلِقُ عَقيرَتَهُ بالغِناءِ ويُصَفِّى الطمىَ منْ آثَارِ الجوعِ

................

كونشرتو

................

ليس هناك مُلاكِمون فى حَلبةِ الطين ولا عازفو طُبولٍ فى ملابسَ عسكريةٍ على قارِعَةِ الحُقول يُساعدون أبقاراً على مُمَارَسَةِ الغَرام أو دَرِّ اللَّبن ِ.

ولا يستطيعُ الكونشِرْتو مهْما كانَتْ أنْغامُهُ خَفيفَةً أنْ يَمُرَّ منْ ثُقْبٍ صغيرٍ بالحَظيرَةِ لِيَرى النِّساءَ يَحْلِبْنَ فَتَشْتَعِلُ السِّيقانُ عُرْيَاً فاتِناً يُسْكِتُ الآلاتَ لِتُصْغى لِطَرَبِ اهْتِزازِ الأيْدى وهيَ تَجْلِبُ المطرَ الأبيضَ بموسيقى أنامل خشنة نسيت نكهة الغرام فى الحقول

................

الحُقولُ مَنْذورَةٌ لِعَرَقٍ لَزِجٍ وطينٍ يَتَشَقَّقُ جِلْدَاً يَمُرُّ فوقَ الحَصَى فلِماذا عَليْنا أنْ نُصَدِّقَ شاعراً يكتبُ عن موسيقَى تَنْعَسُ فى الغُرَفِ الطينِيَّةِ،وموسيقِيِّينَ بِفُؤوسٍ صغيرةٍيقلبون تربة الغيوم الاسفنجية لترقص الملائكة رقصة الجذور

ولماذا عَلَيْنا أنْ نقْرأَ القصيدةَ وهى عارِيَةٌ فى حقولِ الذرةِ والشَّاعِرُ يَنْفُثُ غَيْظُهُ فى المْقهَى مُنْتَظِراً مُعْجِزَةً ما.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق