«كورونا» مجرد أحدث تحد تعرض له التعليم حول العالم. ولكن الفيروس المستجد مجرد «طارئ» ليس باستمرارية الكثير من التحديات الأخرى التى شهدتها أنظمة التعليم ومساعى الراغبين فى تحصيل العلم، خاصة بين فتيات ونساء العالم العربى.
لورا بشناق، المصورة الصحفية الفلسطينية، وثقت هذه التحديات،وحيل نساء وفتيات العرب لتجاوزها. فالمصورة الصحفية التى ولدت فى الكويت صاحبة تجربة مهنية مبهرة، تنشر صورها بمنصات إعلامية بارزة حول العالم، مثل صحف «نيويورك تايمز»، و«الجارديان» و «واشنطن بوست»، وغيرهما.

> وشابة تونسية تدرك أن المعرفة هـدف يستحق الحياة > تصوير ــ لورا بشناق
التقت الجماهير بأعمال بوشناق خلال عدد من المعارض، أبرزها التى تناولت مراحل تنفيذ مشروعها التوثيقى الأكبر I read .. I write أو «أنا أقرأ .. أنا أكتب» والذى بدأته قبل عشرة أعوام كاملة لتوثيق سعى نساء العالم العربى لتحصيل التعليم. فكان معرض «أنا أقرأ .. أنا أكتب: مصر وسلسلة مكافحة الأمية»، الذى استضافه المتحف البريطانى عام 2012، ومعرض أحدث للمشروع ذاته بعد تطويره في «أورت جاليري» البريطاني نهاية يناير الماضي.
مجموعة الصور الكاملة لمشروع بوشناق، الذي شمل عدة دول، منها الأردن، واليمن، والمملكة العربية السعودية، وتونس،وغزة، ودول عربية أخرى، صدر مؤخرا فى كتاب حمل ذات الاسم، «أنا أقرأ.. أنا أكتب».
تحكى بوشناق فى تصريحاتها للأهرام، أن صور المشروع لا تأتى منفردة، «بل إن بطلات المشروع يكملن صورهن بكلمات مكتوبة بخط اليد وصادقة فى وصف تجربتهن من أجل نيل التعليم، ذلك عبارة عن اعتمادهن الشخصي للقصة و الصورة».
ولكن لماذا التعليم تحديدا؟ تجيب بوشناق موضحة: الدافع شخصى جدا وراء المشروع، «عندما حصلت على شهادة الثانوية العامة عام 1995 فى الكويت، لم أتمكن من الالتحاق بالجامعة مباشرة، وكان يجب أن أعمل كمسئولة استقبال فى إحدى المدارس لمدة عامين، وحتى أتمكن من ادخار المال اللازم للدراسة». وحققت بوشناق لاحقا رغبتها فى تحصيل التعليم، وإن كان عن بعد لصعوبة سفرها.
وتضيف موضحة، «ولكنى سافرت فعليا عام 1998 إلى لبنان، والتى شهدت لاحقا بداية عملى فى مجال التصوير الذى كان دوما حكرا على الرجال». ولكن تجاوزها للتحديات فى سبيل التعليم، لم ينسها ما مرت به، خاصة بعد إطلاعها على تقرير للأمم المتحدة عام 2005، يوضح أن الدول العربية بها أعلى معدلات للأمية بين النساء والفتيات.
التجربة الشخصية، مع إدراكها للمصاعب التى تواجهها نساء منطقتها جعلها تبدأ مشروعها التوثيقى عام 2009. توضح بوشناق أنها تسعى من خلال الكتاب إلى «إعطاء ملمح عن حياة النساء فى الوطن العربى ومحاولتهن اللجوء إلى اختيارات لم تكن دوما متاحة لهن». وتضيف «ضمنت فى كتابى لقاءات مع نساء وفتيات نجحن فى كسر بعض المعتقدات الاجتماعية حتى يتمكن من تقديم المزيد إلى أسرهن ومجتمعهن».
وحول تحويل مشروعها إلى كتاب، توضح بوشناق أنها مثل أى مصور تسعى إلى البلوغ بعملها أكبر قطاع من الجمهور، وأن استخدام أدوات مختلفة من معارض إلى نشر كتاب يحقق انتشارا أوسع لرسالتها. وتشير المصورة الفلسطينية إلى أن بعض بطلات صورها كان لهن تأثير قوى عليها، مثل فايزة من اليمن، التى تم إجبارها على وقف الدراسة فى سن الثامنة لتتزوج فى سن مبكرة،قبل أن تنال حريتها فى سن الـ 18، لتصبح مطلقة وأما لثلاثة أطفال. ولكن ذلك لم يمنعها من أن تدرس حتى نالت درجة إدارة الأعمال بفضل منحة من مؤسسات غير حكومية. وبخلاف فايزة، كانت قصص فتيات غزة ومعاناتهن ظروف الاحتلال والحواجز الأمنية من أجل نيل التعليم مصدر إلهام آخر.
تتمنى بوشناق لو أن كتابها يلهم الكثيرات من أجل مواصلة السعى وراء التعليم، «أهدى كتابى لكل الفتيات والسيدات اللاتى فتحن أبوابهن وقلوبهن لى، حتى أقاسم العالم قصصهن»، هكذا أكدت بوشناق، التي منحت أيضا زميلاتها من المصورات بالشرق الأوسط فرصة لإبراز أعمالهن من خلال منصة خاصة بمسمى «راوية».
رابط دائم: