-
العالم ينتظر افتتاح المتحف المصرى الكبير
-
شرم الشيخ تعرضت لظلم كبير بسبب حادث الطائرة الروسية
-
إنشاء «مركز تدريب دولى» فى مصر مازال قيد التنفيذ
إلى أى مدى يمكن أن يؤثر فيروس «كورونا المستجد» على حركة السياحة العالمية.. وهل الإجراءات المتبعة مع السائحين فى الحجر الصحى بالمطارات كافية.. وهل ستستمر الصحوة السياحية فى مصر.. وكيف نصل بأعداد السائحين إلى الرقم الذى يتناسب مع إمكاناتنا السياحية.. وما الذى ينقصنا لنكون فى مصاف الدول الكبرى مثل فرنسا وإسبانيا.. وكيف يسهم افتتاح المتحف المصرى الكبير فى النهضة السياحية المأمولة..
هذه الأسئلة وغيرها، حملها «الأهرام» إلى الدكتور سعيد البطوطى المستشار الاقتصادى لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، فى هذا الحوار..
فى البداية، سألناه: كيف تصف التعاون بين مصر ومنظمة السياحة العالمية فى التعامل مع فيروس «كورونا المستجد»؟
قال: هناك تنسيق دائم مع كل الدول السياحية من بينها مصر، فى الإجراءات الواجب اتباعها عن طريق الإرشادات والإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بصفتها المعنية، وهناك بعض التخوفات من التهديدات التى قد تصيب المجتمع السياحى فى ظل القيود المفروضة على السفر والانتقالات بما قد يؤثر بشكل كبير على الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يصل إلى حد الإفلاس.
وهل ستقدم «السياحة العالمية» دعما ماديا للدول المتضررة؟
بصراحة.. لا تفعل المنظمة غالبا ذلك، لأنها لا تملك سلطة القضاء على الفيروس وانتشاره، بينما «الصحة العالمية» هى المسئولة الرئيسية فى هذا الصدد، ولكن منظمة الأمم المتحدة تقدم دعما فى حالات الإغاثة.
كيف تقيم الإجراءات المتبعة مع السائحين فى الحجر الصحى بالموانى الجوية والبرية والبحرية حول العالم؟
الكثير من الدول اتخذت إجراءات وقائية فى منافذها، ولكنها تختلف من دولة إلى أخري، فهناك دول «ماشية بالبركة» مكتفية بتعليق لافتة «اللى عنده كورونا يبلغ السلطات»، وصولا إلى دول أخرى وضعت حجرا صحيا عبارة عن غرفة زجاجية معزولة عند دخول الميناء للكشف على الوافدين بمجرد مرورهم بين بابين عبر حساسات «سينسور» تظهر الأعراض الأولية للإصابة بالفيروس.
ما الأسس التى تعتمد عليها منظمة السياحة العالمية فى تطوير نظام الإحصائيات السياحية للارتقاء بجودة الخدمات؟
المنظمة تعتمد على استقاء المعلومات والبيانات العددية والمالية من الدول الأعضاء بناء على بروتوكولات تعاون، تتضمن عدة أمور منها الشرائح العمرية والجنسية وعدد السائحين وتحليلات كثيرة، وهناك دول ترسلها بشكل منظم ومتطور لاستخدامها التقنية الرقمية، وأخرى تكتفى بإرسال الأرقام فقط.
..وكيف تقدمها مصر للمنظمة؟
نعتمد فى حصر أعداد السائحين وتصنيفاتهم على الكروت التى يتم توزيعها فى منافذ الدخول من خلال مصلحة الجوازات ثم يتم تصنيفها وإعدادها من خلال الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، أما حجم إنفاق السائح فتكون من البنك المركزي.
وهل تقومون بتدقيق الإحصائيات التى تستلمونها من مختلف الدول؟
من الصعب أن تكون الدقة بنسبة 100%، فهناك دول فى إفريقيا وآسيا ترسل إحصائيات بمجرد النظر إليها تدرك أنها غير صحيحة، فنعاود مراسلتهما للاستفسار حولها، وبعدها يرسلونها بأرقام جديدة.
بالرغم من الإشادات التى حصلت مصر عليها فى مجال تنظيم المؤتمرات فإنها مازالت بعيدة عن قائمة الدول الأكثر استقطابا وفقا لإحصائيات منظمة السياحة العالمية.. فما الأسباب؟
إقامة المؤتمرات تدخل ضمن نمط سياحة الأعمال، التى لها متطلبات خاصة، كبنية أساسية وكوادر بشرية مؤهلة وقاعات متطورة وخدمات عالية المستوي، لأن روادها ذوو حيثيات عالية، فيما انشغلت مصر طوال السنوات الأخيرة بالنواحى الأمنية للوصول إلى مرحلة الاستقرار التى تشهدها. وبصراحة..أشعر بالحزن على مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات الذى شُيد على أعلى مستوي، ولا نعرف ما الذى أصابه، أما شرم الشيخ التى تتميز بعدد من قاعات المؤتمرات الرئيسية لا يمكن الاعتماد عليها وحدها، فضلا عن الظلم الذى لحق بها جراء حادث الطائرة الروسية، والتى جعلت الطلب على سيناء متعثرا وليس منعدما، ولكننا نأمل أن تعود بقوة لأن شوارعها ومرافقها أفضل من العاصمة.
عملت مصر بالتنسيق مع منظمة السياحة العالمية، على تحسين معايير الضيافة.. فهل لمست تغيرا حقيقيا خلال زياراتك المتكررة؟
يوجد تحسن نسبى إذا قارنا الأوضاع بالفترة التى أعقبت ثورة «25 يناير»، فالشكاوى أصبحت أقل مع الجهود المبذولة فى تدريب العمالة، لأن المشكلة الرئيسية التى عانت مصر منها، هجرة الكوادر المتميزة، وبعامة إعادة الأمور إلى نصابها تحتاج وقتا يصل إلى سنة، وفقا لاعتبارات منها نوعية المدربين ومضمون الدورات التأهيلية.
اتفقت وزارة السياحة مع أمين عام المنظمة، فى سبتمبر الماضي، على إنشاء «مركز تدريب دولي» فى مصر.. إلى أين وصل الاتفاق؟
مازال التواصل مستمرا.. ولكن دون خطوات عملية فى هذا الاتجاه.. فالحركة بطيئة نظرا لتولى مسئولين جدد مهام وزارة السياحة المصرية، وربما يشهد الشهر المقبل تغيرا نحو ذلك، لأن هؤلاء المسئولين على درجة وعى جيدة.
ما الخطة التى تنتهجها «السياحة العالمية» للارتقاء بالدول الأعضاء خلال العام الحالي، وخاصة فى الشرق الأوسط؟
تسعى المنظمة إلى تنمية الطلب على أنماط السياحة الثقافية والبيئية والريفية والعلمية، وهو اتجاه فى صالح مصر لتميزها فيه، وذلك من خلال حث الحكومات والأجهزة المعنية فى مختلف الدول على التركيز فى حملاتهما الدعائية على تلك الأنماط، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت إقبالا كبيرا على السياحة الشاطئية والترفيهية بنسبة 76%، وتكون فى معظمها إقامة كاملة، وبالتالى يقل إنفاق السائح فيها، وهو الأمر الذى ينعكس بالسلب على المجتمع المحلى ويجعله كارها، لعدم استفادته المباشرة فى رفع مستواه الاقتصادي، بما يمثل خطورة تهدد الحركة السياحية.
نلاحظ تحقيق معارض الآثار المصرية فى أوروبا نجاحات كبيرة ومكاسب مادية مرتفعة بنسب أعلى مما يتحقق فى الداخل.. لماذا؟
ربما يعود السبب لطريقة العرض وسهولة الوصول إلى الجمهور فى عقر داره، فالجماهير فى المجتمعات المنتعشة ماديا تستطيع دفع ثمن التذكرة مهما كان مرتفعا لمشاهدة الآثار التى تعشقها، دون عناء البحث عن مكان إقامة، فهؤلاء يمثلون السائحين أصحاب الطلب المؤجل.
ألهذا رحبت بقرار ضم «السياحة» و«الآثار» فى وزارة واحدة بوصف أنه سيسهم فى دعم المناطق الأثرية دعائيا وخدميا؟
رحبت جدا بشرط أن يكون وضعا مؤقتا، لاحتياج مصر فى الفترة الحالية لإعادة تنمية وإحياء المنتج السياحى الثقافي، ودعمه ماديا فى تطوير البيئة والبنية المحيطة، لعودة الطلب ما كان عليه فى الثمانينيات والتسعينيات بمستوى أسعار مرتفع، فتلك الفترة شهدت انتعاشة اقتصادية غير مسبوقة أثرت فى المجتمعات المحلية الفقيرة.
لكن البعض يرى أن الأفضل كان ضم وزارتى «السياحة» و«الطيران»، لأن الأخيرة عصب الحركة السياحية الوافدة لمصر، والتنسيق بينهما سيخلق مردودا عاليا؟
اختلف مع هذه الرؤية التى ينتمى أصحابها فى المعظم إلى شركات الطيران المحلية، لأن «الطيران» وزارة تنتمى إلى وزارات النقل، ولا علاقة بين شركة الطيران ونقل الحركة السياحية، فألمانيا على سبيل المثال تستقبل 39 مليون سائح سنويا وشركتها تنقل 2% فقط منهم.
تمتاز مصر بموقعها الجغرافى الذى يضم بحرين ونهرا ومقاصد أثرية ودينية وتاريخية.. ومع هذا نجد دولا مقوماتها أقل، وتحقق نجاحات سياحية أعلى بمراحل.. بما تفسر ذلك؟
بصراحة شديدة تعانى مصر خللا فى خدماتها.. فالمنتج السياحى ينقسم إلى شقين، الأول مقومات الجذب السياحى وهو أمر متوافر فى مصر بنسبته الكاملة، والثانى هو الخدمات السياحية التى مازالت تحتاج الكثير من العمل رغم تحسنها، لأن القصور فى أحدهما يعنى أنك تسير كالأعرج.
حدد المقصود بما تراه معوقا فى الخدمات السياحية؟
الأمر لا ينحصر على الخدمات الفندقية فقط، وإنما يمتد إلى جميع تفاصيل الوجهة السياحية، منها استقبال المطار، وإجراءات الجوازات، وتحرك السائح وحده فى وسائل النقل، التى يفترض أن تكون منظمة وذات تعريفة موحدة، وطريقة تعامل المجتمع المحلى معه فى الشارع وأماكن التسوق، ومدى حريته فى التجوال دون مضايقات أو رهبة، ووجود أشخاص مدربين فى منافذ تمنحه المعلومات التى يحتاجها، وبشكل عام لو قامت مصر بتطويرها مع استثمار مقوماتها ستتخطى فرنسا وإسبانيا، زعيمتى استقبال أعلى معدلات الحركات السياحية فى العالم.
وصفت فى كتابك «شركات السياحة ووكالات السفر» أن مفتاح الحركة السياحية لأى دولة هو الفكر التسويقى الابتكارى للبرامج السياحية..كيف تحقق مصر ذلك؟
يكون ذلك بمخاطبة المجتمعات بلغتها كل على حدة، فالأمزجة وطرق التأثير اختلفت بشكل كبير، والأفضل هو التفاعل المباشر مع التجمعات البشرية فى أماكنهم كالنوادى والأحزاب، للوقوف على مدى استجابتهم ورغباتهم الحقيقية، وذلك من خلال أشخاص متخصصين يضعون مزيجا تسويقيا خاصا للحملات الترويجية لكل وجهة سياحية بعد دراسة السوق المنشودة، حتى يكون تأثيرها فعالا ومؤثرا، لأن تقييم ردود أفعال المتابعين لأى حملة دعائية غير مباشرة لم يعد مصدر ثقة، لانتشار ظاهرة تزوير تصنيفات الوجهات.
بصراحة..هل يمكن أن تحل السفارات المصرية بديلا عمليا لمكاتب وزارة السياحة الخارجية التى تقلص عددها؟
لا أتفق مع هذا المبدأ.. وبالمثل ضد فكرة دمج مكاتب وزارة السياحة فى الخارج، لأن التداخل بين الجهات السياحية الفنية والدبلوماسية يشكل قناعات ليست فى مصلحة العمل السياحي، وأزيد بالقول إن مصر تحتاج إلى تلك المكاتب الخارجية فى الوقت الراهن أكثر من أى دولة سياحية متشبعة، للتعامل بشكل سريع وفعال مع الضربات التى تنالها السياحة المصرية «تحت الحزام» من وجهات سياحية منافسة لها، عبر وسائل الإعلام والدعاية المضادة.
كيف ترى قرار إيقاف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة، التى خلقت بابا خلفيا للترخيص من الخارج بهدف مزاولة العمل فى الداخل؟
أترك المجال مفتوحا للمنافسة الحرة وأمنع الاحتكار.. فقد يكون الخريج أو المستثمر الجديد لديه إدراك وفهم للمستحدثات السياحية، ويستطيع من خلالها تنفيذ برامج مبتكرة تضيف للاقتصاد المصرى أفضل من نظيره الأقدم.. فعلى سبيل المثال يوجد فى ألمانيا 12500 مكتب سياحي، إيمانا بأن الفاشل سيرحل وحده.
أعلنت وزارة السياحة والآثار افتتاح المتحف المصرى الكبير فى الربع الأخير من العام الحالي، ليكون أكبر متحف فى العالم خصص لحضارة واحدة.. ما توقعاتك؟
موعد الافتتاح يشغل شرائح كثيرة على مستوى العالم، خاصة أوروبا، لأنهم ينظرون للحضارة الفرعونية وبالذات المتحف الجديد بنظرة مختلفة، حيث يدرسون الآثار المصرية فى كتب التاريخ، فضلا عن وجود قسم متخصص لها فى جامعة «فرانكفورت» الألمانية على سبيل المثال، وستجد زخما غير مسبوق على المستويين الإعلامى والأكاديمي.
فى النهاية.. ما أوجه الدعم الذى تستطيع تقديمه لمصر من خلال منظمة السياحة العالمية؟
بعيدا عن الإرشادات والدراسات والتأهيل والتدريب الذى نقدمه كمنظمة، ستجدنى ابن القرية المصرية التى لا أنسى فضلها، ولا أنكر تحيزى لوطنى عند مقابلة الآخرين، رغم امتلاكى الصفة الدبلوماسية، والعيش فى أوروبا، فمصر هى أساس التاريخ والسياحة، فدائما أرد تفصيليا على أى شخص يطرح أكاذيب عنها مستغلا وجود وسائل الإعلام فى الاجتماعات التى نحضرها فى دول عديدة حول العالم.
رابط دائم: