-
الإشراف القضائى على الانتخابات ضرورة .. وهناك مخالفات قد تؤدى إلى البطلان
لم يبق من الوقت على انتخابات نقابة المحامين الكثير، لتبدأ معركة انتخابية جديدة من معارك المحامين، داخل نقابتهم، ليختار المحامون من «يترافع»عنهم أمام الوزارات والهيئات وينجح فى كسب حقوقهم وتحقيق مطالبهم.
لكن الغريب أن نقابة المحامين التى تضم أكثر من 500 ألف محام على مستوى الجمهورية، لم تستطع أن تفرز منافسين جددا، ودارت فى فلك السابقين منذ 20 عاما، فنقيبها الحالى سامح عاشور لا يزال علي كرسى النقابة منذ عام 2001، واستطاع أن يعدل قانون المحاماة أخيرا ليدخل الانتخابات من جديد، بينما منافسه الأبرز لم يتغير أيضا خلال كل تلك السنوات، وهو رجائى عطية الذى يدخل الانتخابات للمرة الرابعة.
حاورنا المحامى رجائى عطية المرشح نقيبا للمحامين فى الانتخابات المقرر اجراؤها يوم الأحد المقبل، والذى وصف مهنة المحاماة بأنها تعيش فى هذه الأيام محنة كبيرة سببها تردى الأوضاع النقابية بسبب طول مدة النقيب المنتهية ولايته الذى جلس على عرش النقابة تسعة عشر عاما، ويريد أربعة أخري.
وأضاف فى حواره لـ « الأهرام» أن نقابة المحامين تعانى أزمات كبيرة، حيث انعدم تدريب الشباب، والنظر بعين العدل والكرامة لمعاشات المحامين، وتم استغلال تنقية الجداول استغلالا باطلا ومغلوطا. وإلى نص الحوار:
تمر مهنة المحاماة والنقابة بمنعطفات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، فهل هذا سبب ترشحك نقيبا لها؟
مهنة المحاماة على مدى أجيال، مهنة عظيمة جدا، فهى رسالة، وليست مهنة فقط، حيث إن كل ما يجرى فى مهنة المحاماة هو عطاء للغير، ولا يمكن أن ينجح المحامى فى هذا العطاء إلا إذا كان متجردا يؤدى رسالة، وشهدت المحاماة حتى سنوات قليلة أسماء محامين عظام ملأوا الدنيا وشغلوا الناس، وأسماؤهم متداولة ومعروفة، لكن، دعنا نقر بأن المحاماة تعيش فى هذه الأيام محنة سببها التردى النقابى فى نقابتها، وغياب كثير من العوامل والعناصر الواجب القيام بها، سواء لحماية المهنة ككل، وتيسير السبل أمامها للانطلاق، وتوفير الظروف والمناخ الملائم لأداء المحامى مهمته سواء فى محكمة أو فى نيابة أو أقسام شرطة أو غيرها، فضلا عن التقصير الشديد جدا فى رعاية شباب المحامين الداخلين تباعا، وبدلا من مدهم بالعلم والخبرة والمعرفة الإنسانية وتيسير التدريب والتمرين، إلا أنه للأسف مع إهمال هذا الجانب المهم والحيوي، فالمحاماة مهنة شأنها شأن أى مهنة، فنقابة بلا شباب هى نقابة بلا مستقبل، وتم استبدال هذا بأشياء كثيرة محل نظر، ومن هنا كان قولى إن المحاماة على عظمتها تصادف محنة هذه الأيام.
هل تعتقد أن مهنة المحاماة فى مصر تحتاج إلى نظرة نقدية وإصلاحية؟
نعم، المحاماة تحتاج نظرة نقدية وإصلاحية، فأما النقدية فهى حصر المثالب والعيوب، وهذه العيوب كثيرة جرت ولا تزال تجرى فى نقابة المحامين، وهى أدت إلى تضاعف وتراكم الأسباب التى تؤدى إلى هذا الإخفاق، وهذا المساس الشديد الذى أصيبت به المحاماة بشروخ، ولابد وأن يكون لهذا الحال أسباب وهو تجلى أولا فى تواضع بل انعدام تدريب الشباب، وعدم توفير المكتبات، عدم توفير المعارف الإنسانية، عدم جدية التأهيل فيما يسمى معهد المحاماة، عدم اللجوء إلى الأساتذة العارفين للاستعانة بهم للتدريس فى هذه المعاهد، تآكل المكتبات وعدم تجديدها، توقف مجلة المحاماة، إهدار المال العام وإهدار أموال النقابة فى مؤتمرات وولائم واحتفالات، وتردى ملف العلاج والمعاشات ترديا شديدا، استغلت قضية تنقية الجداول استغلالا باطلا ومغلوطا ومنحرفا، ذلك أن نتفق اتفاقا لا خلاف عليه أن من الواجب تنقية الجدول، وأنه من الواجب تنحية كل من لا يمارس مهنة المحاماة، لكن القيام بهذه المهمة، والتى أؤكد أنها ضرورية جدا وواجبة جدا، ينبغى أن يكون طبقا لمعايير وضوابط وقانون، لا أن تترك دون سابق ذكرها، أو تكون محض قوة بلا قانون. الأسلوب الذى تم اتباعه فى تنقية الجداول، أدى إلى مثالب مؤسفة جدا، منها أنه فرضت أسباب تحكمية، ولم تكن هناك موضوعية، ودخول المحاباة، كما أن معظم القرارات التى صدرت لم تكن رشيدة، ولم تكن لها أسباب، فالتنحية أو الشطب أو الإقصاء من الجدول، إذا تم بلا معايير وخلافا للقانون، سوف يترتب عليه نتيجتان، الأولي: وقوع مظالم، والظلم لا يرتضيه أحد، والنتيجة الثانية وهى حتمية: هى أن القرار الصادر يتعرض فيما يرفعه المضرور من القضايا إلى الحكم له بإلغاء القرار القاضى باستبعاده من الكشوف مع التعويض، والتعويض تدفعه نقابة المحامين من أموالها، ولا يدفعه صاحب القرار الخاطيء، وقد ترتب على ذلك أن أكثر من 200 ألف محام حصلوا على أحكام بالعودة مع التعويض، ولم تجد النقابة أى سبب تستطيع من خلاله أن توقف تلك الأحكام إلا أن ترفع دعوى محكوما عليها سلفا بالرفض أمام المحكمة الدستورية العليا، وهى دعوى مهترئة بلا سند حقيقي، كما ذكر تقرير المفوضين، هذه كلها تدفعنا إلى التساؤل فى إطار النظرة النقدية للنقابة.
لكن لماذا حدث هذا؟
حدث هذا نتيجة طول البقاء فى السلطة، فالنقيب الحالى يشغل منصبه منذ تسعة عشر عاما، ولا يزال يطمع فى مدة أخري، وهو يتناسى أن النقابة ليست ميراثا، وأن المحامين ليسوا تركة، إنما يتولد عن طول البقاء فى السلطة مع افتراض حسن النية، مسائل لا خلاف عليها، منها أن القابع فى السلطة هذه المدة الطويلة يفقد القدرة على التطوير، والتفافا على القانون تم تقديم تعديلات عليه..سرا وبطريقة احتيالية فى مشروع قانون، لم يعرض لا على الرأى العام، ولا على المحامين. ومنصوص فى إحدى مواده : تحذف الفقرة الثانية من المادة 136، وتم تمرير القانون وإقراره، وترتب على ذلك نتائج خطيرة، دعتنى إلى الترشح، لأن الأمور بلغت من السوء حدا لا يمكن السكوت عليه، وطُلب منى سواء من قائمة جبهة الإصلاح أو من جميع المحامين أنه يتوجب فرض عين أن أتقدم لهذا الترشح.
وماذا عن الإشراف القضائى على الانتخابات، ولماذا يتم الرفض؟
لعلى أتساءل معك، لماذا رفض الإشراف القضائي، نحن لا نحتاج قانونا كى يسمح بالإشراف القضائي، ذلك أن كل الانتخابات الى تتم سواء لمجلس النواب أو الرئاسة والنقابات وحتى الأندية ـ وليس هذا تقليلا منها ـ تجرى تحت إشراف قضائي، فلماذا يرفض النقيب المنتهية ولايته إجراءها تحت إشراف قضائي، ويتحجج بأن ذلك ليس منصوصا عليه، فهو مبدأ من المبادئ الدستورية، ورفض الإشراف القضائى أمارة على أن النية متجهة إلى ما لا تحمد عقباه.
هل أفهم من كلامك أن المنافسة الانتخابية تشوبها شوائب؟
نعم، وهذه الشوائب قد يؤدى بعضها إلى البطلان، لكننى لا أقول ما أقول وأكتفي، أو أنزع يدى وأعطى ظهري، بل أقول إننى سأستمر فى الترشح، وسوف أستمر فى المناضلة من أجل الحق، وسوف أسعى بكل ما أستطيع لحماية أصوات المحامين من العبث بها.
هل تتهم النقيب الحالى بأنه تراجع عن وعده وخاض الانتخابات، وكيف تصف ترشحه؟
النقيب المنتهية ولايته، حين صرح بذلك هو كان يقوم بمناورة، حيث ادعى على خلاف الحقيقة أن القانون خال من فتح مدة ترشيح النقيب، وأخفى عن الرأى العام أن هناك نصا يلغى الفقرة الثانية من المادة 36، وهذا تحايل، ولا أريد أن أعبر بأكثر من ذلك، والأدهى من ذلك أنه قال حتى لو أن القانون يتيح فلن أترشح.
تتحدث عن أزمات مثل مشروع العلاج وتجديد العضويات..كيف سيتم حلها؟
نعم، فأزمة المعاشات، تحتاج إلى أن تستقيم النية، فمشكلة المعاشات لها شقان، الأول يرتبط بقيمة المعاش، والشق الثانى متصل باستحقاقه وصرفه بكرامة، ومن ثمّ نجد أن قيمة المعاش لا ترتفع إلى الحد الذى تتيحه إمكانات النقابة، ولا تصرف مستحقات المعاش بكرامة، ناهيك عن ابتداع أسباب للمصادرة على صرف المعاش، وعلاج ذلك يتطلب أولا: ضبط الإيرادات ومن شأنه أن يرفع بندا أساسيا فى الميزانية، وثانيا: ضبط المصروفات والإنفاقات، وذلك من خلال دراسة اكتوارية، أما مشروع العلاج ففيه شوائب كثيرة، فحين تقرر مشروعا للعلاج ينبغى أولا أن يكون لديك المعين الذى سيتجه إليه المحامي، فما يحدث أن الاتفاقات مع المستشفيات والعيادات تجرى طبقا للأهواء. وبالنسبة لـ»سبوبة» تجديد العضويات فهناك محامون يدفعون من تحت الطاولة مبالغ كبيرة للحصول على كارنيه مزاولة، وهم بذلك يقعون فرائس، أن المزاولة تحتسب له من يوم حصوله على الكارنيه، وبذلك تسقط سنوات خدمته السابقة لذلك، وهذه « مسخرة» لا يجوز أن تُجرى على هذا النحو تحت أعين السلطات، وتحت أعين المحامين، ولا أحد يستطيع أن يمنع ذلك، لأن بالنقابة استبدادا وانفرادا بالقرار، لدرجة أن جميع أعضاء المجلس غير ممكنين بإبداء أى رأى ناهيك عن التنفيذ، كما سُحبت عملا كافة اختصاصات النقابات الفرعية.
ذكرت أنه سيتم منح جوائز مالية وعينية ومعنوية من نقابة المحامين لتشجيع المتميزين من شباب المحامين والمحاميات، من أين، وعلى أى أساس؟
نعم سوف يتم منحهم جوائز، لكن قبل ذلك فإن الشاب والشابة ممن التحقوا بالنقابة صاروا فى عنقي، لابد أولا من تأهيل الشباب للمحاماة، وأن أتيح له الظروف المناسبة لأداء المحاماة، والشق الأول يقتضى أن أزوده بالمعارف القانونية والإنسانية، وهو يقتضى تفعيل معهد المحاماة، وتزويد المكتبات فى النقابات الفرعية، وبالنسبة للجوائز فهى حوافز للمحامين، وكل العالم يفعل ذلك، وسوف نشكل لجنة لتقرير هذه الجوائز.
هل تتفق معى فى أن الصورة الذهنية للمحامى فى عيون المجتمع اهتزت كثيرا..؟
نعم اتفق معك أن صورة المحاماة والمحامى لم تعد كما كانت، وصار المحامى مكلفا ومضطرا، فالنقابة لم توفر له المناخ ولا تستطيع حمايته، وانظر إلى الاعتداءات التى تعرض لها المحامون، والإصابات البالغة جراء ذلك. نعم، أنا لا أدعى أن كل حادث كان فيه المحامى على حق، لكن هناك وقائع واضحة جدا وصارخة بأن المحامى مجنى عليه، وكان على حق، لكن النقابة لم تحرك ساكنا.
تنص المواد 50 و51 من قانون المحاماة على حصانة للمحامى فى أثناء تأدية عمله، لكن لا تزال تلك الحصانة حبرا على ورق؟
أرى أن التعبير الأفضل هو «الضمانة»، وليس «الحصانة»، فالحصانة هى إما حصانة برلمانية أو قضائية، بينما المقرر لنا هى «الضمانة»، ذلك أن المحامى يؤدى مهمته فى ظروف عسيرة، ازدحام رول المحاكم، ضيق وقت وأفق القاضي، خصم يتصيد له، وبالتالى يتعرض المحامى إلى ضغوط قد تدفعه إلى ارتكاب هنات أو أخطاء خارجة عن إرادته، ومن هنا لابد أن تكون هناك ضمانة له، وهذه الضمانة أهدرت فى حضور النقيب الحالى وفى لجنة الدستور وفى وضع القانون، حيث أضيف نص فى الدستور : « فى غير حالة التلبس» ، كما أضيفت نفس العبارة فى النص القانوني، علما بأن ما ينسب للمحامى سوف يتم تصويره، بغض النظر عن خطئه أو صوابه، أنه فى حالة تلبس، فلو حدثت داخل محكمة حالة تلبس، أو داخل قسم شرطة فهو فى حالة تلبس، إذن تم إفراغ القانون من مضمونه.
لماذا يتهمك البعض بأنك لا تقبل المعارضين لك فى الرأى أو التوجه النقابي، وليس لديك مرونة نقابية، ولا تقبل الاختلاف؟
تستطيع أنت ومن تختاره أن تراجع كل مؤتمراتى ولقاءاتي، وأن ترى رؤيا العين أن هذا اتهام غير صحيح.
أخفقت فى انتخابات النقابة ثلاث مرات، ألا تخشى أن تكون الرابعة؟
الخشية موجودة، ولا يوجد إنسان لا يخشي، ولكن مقدار المسئولية الواجب التصدى لها يغلب الخشية.
> اتصل الأهرام بسامح عاشور النقيب الحالى والمرشح أيضا على المنصب لإجراء حوار مع الأهرام إلا أنه وعد أكثر من مرة لكنه لم يرد بعد ذلك على اتصال الأهرام, وفى انتظار رده على ما يثار حول انتخابات نقابة المحامين
رابط دائم: