هكذا هى السينما.. نراها حاضرة بقوة لتناول أى حدث أو ظاهرة، وبما أننا الآن أمام حالة من الفزع تنتاب دول العالم بعد تفشى فيروس كورونا فى أغلب البلدان، تصبو العقول وتتجه الأنظار على الفور للسينما وكيف كان دورها الفعال حيال الفيروسات التى تناولتها أفلام عالمية وأظهرت من خلالها تورط عدد من الدول وأجهزتها،أو كون الشركات الكبرى هى وراء انتشار بعض الأوبئة والفيروسات التى يدفع ثمنها ملايين البشر فى شتى أنحاء العالم؟
الواقع أن أفلام السينما تعد قاسما مشتركا بين الأمور الحياتية التى نعيشها المرآة التى تعكس الواقع الذى نعيشه، ولم تكن السينما المصرية بعيدة عن هذا الدور أبدا، فأفلامنا القديمة لم تترك حدثا أو ظاهرة أو مشكلة اجتماعية إلا وجسدتها على شاشتها، غير أن هذا الدور بدأ يتلاشى حتى أصبحنا كأننا فى معزل عما يعيشه العالم الآن بل وفى مصر نفسها، وهذا لأسباب عدة لسنا فى مجال ذكرها الآن.
الأفلام العالمية هى التى كانت ومازلت تأخذ على عاتقها تجسيد ورصد كل ما يدور فى مجرتنا، لا بل وقد خرجت بخيالها العلمى إلى أبعد من كوكبنا فسافرت إلى المريخ وإلى مجرات وكواكب أخرى حقيقية كانت أم خيالية، مثلها فى ذلك مثل كونها شطحت بخيالها وتكنولوجيتها لتخطى ما هو أبعد من الواقع، فراحت تتنبأ بما هو قادم.
والأمثلة على ذلك عديدة، ولكن وبما أننا الآن بصدد صراع جديد مع فيروس «كورونا»، فسنكتفى بتلك الأفلام التى جسدته بل وسنرصد الأفلام التى تنبأت به أيضا، ولعل من أهمها:
فيلم «Contagion» أو مرض معدى، الذى نال من الشهرة ما فاق بقية الأفلام رغم أهميتها، نظرا لكثرة تداوله حاليا من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وربما يرجع السبب فى ذلك إلى بعد عرضه مؤخرا على الفضائيات تزامنا مع بدء انتشار الفيروس، فعلق فى أذهان المشاهدين، خاصة أنه يضم كوكبة كبيرة من أهم النجوم العالميين وعلى رأسهم مات ديمون وكيت وينسلت وجونيث بالترو وجود لو وماريون كويتار ولورنس فيشبورن وإخراج ستيفين سوديربرج
والجميل فى الفيلم أنه على كثرة مشاركة هؤلاء النجوم الكبار إلا أن البطل الرئيسى فى الفيلم لم يعتمد عليهم بل اعتمد بشكل كلى على الوباء نفسه.. الفيلم يحظى حاليا باهتمام شديد فى أنحاء العالم كافة نظرا لوجود هذا التشابه الشديد بينه وبين ما يحدث الآن بسبب «كورونا»، لذلك ورغم أنه من إنتاج 2011 إلا أن نسب مشاهدته فى ارتفاع مستمر وبشدة هذه الأيام.
ويبدأ الفيلم بالأم بجونيث بالترو التى تعود من هونج كونج فى الصين إلى الولايات المتحدة حاملة الفيروس وسرعان ما تعدى به طفلها، فتتوفى على الحال وبعدها الابن مباشرة، كل ذلك ولا أحد يعلم حقيقة انتشار الفيروس.
ومع تزايد وقوع مصابين ووفيات يبدأ تسليط الضوء على وجود وباء يتشابه مع أعراض مرض البرد العادى مجرد كحة وسعال، لكنه يزداد وينتشر كالنار فى الهشيم فى العديد من المدن الصينية، ويمتد أيضا إلى جميع أنحاء العالم الخارجى ،كل ذلك والعالم يقف مكتوف الأيدى عاجزا عن السيطرة على المرض فى ظل عدم وجود العلاج له.
ولا ينسى الفيلم تناول مافيا التربح من الأزمات عن طريق اختراعات عقاقير وهمية تزيد من تفاقم الأزمة والوضع. كأن الفيلم يتحدث عن واقعنا الآن إذ سلط الضوء على موضوع الخفافيش وأكد أنها أصل تسبب الفيروس، وهذا هو نفس ما ذكرته السلطات الصينية التى أكدت أن شوربة الخفافيش سبب ظهور هذا الفيروس.
وكعادة هوليوود لم يكن هذا الفيلم هو الوحيد الذى جسد وتنبأ بكورونا وغيرها من الفيروسات فهناك الكثير من الأفلام المهمة وعلى رأسها فيلم «Outbreak» «أو تفشى العدوي» الذى أنتج فى 1995 ويعدا واحدا من أهم وأضخم الأفلام التى أنتجت عن انتشار الأوبئة والفيروسات وما فعلته بالبشر وهو من بطولة داستين هوفمان ومورجان فريمان ورينيه روسو وكيفين سبيسى.
وفى رأيى هو أفضل وأهم وأكثر إثارة ومتعة من فيلم العدوى أو مرض معدى السابق ذكره
ومن الأفلام التى تناولت موضوع «الفيروسات» أو العدوى كذلك فيلم « أنا أسطورة » لويل سميث، وفيلم حرب الزومبى العالمية بجزءيه الأول والثانى وهو من بطولة النجم براد بيت، وفيلم «انفلونزا »2013 القاتلة الذى يتحدث عن انفلونزا الطيور، وكذلك فيلم » الحجر الصحي».. وغيرها من الأفلام التى عودتنا عليها هوليوود فهى لا تكتفى بفيلم واحد عن موضوع ما أو أى ظاهرة أو أحداث، بل غالبا ما تنتج العديد من الأفلام التى يصعب رصدها فى مقال واحد.
وفى الختام كما نتمنى أن يزيح الله هذه الغمة عن أمتنا، نتمنى أن تلحق السينما المصرية بركب هوليوود وتعود لدورها فى مواكبة الأحداث، ومن يدرى فربما يأتى الوقت ونرى السينما المصرية وقد تخطت الحاضر هى الأخرى لتتنبأ بالقادم ولعله يكون أفضل.
رابط دائم: