بالرغم من احتدام المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين خلال ما يعرف بـ «الانتخابات التمهيدية» لاختيار منافس قوى يستطيع تلقين الرئيس الأمريكى والمرشح عن الحزب الجمهورى دونالد ترامب درسا قاسيا خلال ماراثون البيت الأبيض المقرر فى نوفمبر المقبل، لايزال المصطلح غامضا بالنسبة للكثيرين. فالانتخابات الأمريكية، بالرغم من كونها من أقدم الأنظمة الانتخابية عالميا، إلا أنها لا تزال الأكثر تعقيدا لمرورها بالعديد من المراحل ، وعدم اعتمادها على نظام الاقتراع المباشر.
فقبل ماراثون البيت الأبيض الشهير، تشهد الولايات الأمريكية على مدى عدة أشهر سلسلة من الانتخابات التمهيدية، التى تجرى بشكل منفرد فى كل ولاية لاختيار مرشح واحد من بين عدة مرشحين يتنافسون بقوة على إدراج اسمائهم على بطاقة الحزب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى مشهدها النهائى.
ونظرا لأن ترامب يعد عمليا المرشح الرسمى عن الحزب الجمهورى لخوض الانتخابات المقبلة، فإن الوضع يعد محسوما بدرجة كبيرة، خلافا للمشهد المحتدم فى البيت الديمقراطى، الذى أعلن نحو ٢٨ من نوابه على مدى العام الماضى عزمهم الترشح باسمه، ليتقلص الرقم مع الوقت، نظرا لضعف الإمكانات اللازمة لتمويل تلك النوعية من الحملات الضخمة، إلى١١ مع بدء موسم الانتخابات فى أيوا قبل شهر، قبل أن ينخفض إلى3 بعد معركة الثلاثاء الكبير. ولا يتم التصويت فى كل الولايات الأمريكية خلال الانتخابات التمهيدية دفعة واحدة، بل عبر عدة مراحل. ليبدأ كل مرة من أيوا مطلع فبراير، وينتهى فى بورتوريكو فى أوائل يونيو، وصولا إلى مؤتمر الحزب فى يوليو حيث يتم إعلان اسم المرشح المحظوظ الذى فاز بترشيح حزبه. ومع ذلك، تبقى اللحظة الأكثر حسما خلال ذلك الماراثون الطويل، هو ما يعرف بانتخابات « الثلاثاء الكبير» ، التى يجرى خلالها التصويت فى ١٤ ولاية دفعة واحدة، من بينهم ولايتى كاليفورنيا، وتكساس، الأكثر حسما.
فتلك الولاياتان، على وجه الخصوص، يحظيان بوضع مميز جدا فى الانتخابات الأمريكية ، لكونهما يتمتعان بأكبر عدد من المندوبين، مقارنة بباقى الولايات الأمريكية. إذ تمتلك كاليفورنيا وحدها ٤١٥ مندوبا، وتكساس ٢٢٨، فى حين أن ولايات أخرى مثل نيوهامشير، على سبيل المثال، لا يتجاوز عدد مندوبيها الـ ٢٤ مندوبا.
وقصة «المندوبين»، هى قصة أخرى، ولعلها ما تجعل المشهد معقدا على هذا النحو، إذ أن الأمر لا يحسم فى الولايات الأمريكية بمجرد فتح صناديق الاقتراع. واحتساب عدد الأصوات الذاهبة لكل مرشح على حدى، بل إن الأصوات يتم ترجمتها إلى عدد من المندوبين، يصوتون لمصلحة مرشح بعينه، خلال مؤتمر الحزب النهائى فى يوليو المقبل.
وبتطبيق القاعدة على الديمقراطيين، سنجد أن الحزب يمتلك ٣٩٧٩ مندوبا، هم فى الواقع نواب عاديون داخل الحزب، لكن أى مرشح لا يمكنه الوصول إلى اللحظة التى يتمناها قبل تأمين أكثر من ٥٠٪ من مجمل أصوات هؤلاء المندوبين، أى ما يعادل ١٩٩٠ مندوبا.
أما فى حالة فشل كل المرشحين فى تأمين تلك النسبة، فإننا إذا بصدد ما يعرف بـ «المؤتمر التنافسى»، إذ يتم هنا عمل تصويت آخر للمندوبين، لكن مع احتساب أصوات من يعرفون بـ «المندوبين السوبر»، الذين يحق لهم التصويت لمصلحة من يشاؤون دون قيد أو شرط. وعدد هؤلاء فى الواقع كبير، يصل إلى ٧٧١ مندوبا، يتم احتسابهم من بين كبار المسئولين السابقين والحاليين داخل الحزب، أمثال الرئيس الأمريكىالأسبق بيل كلينتون، وبيرنى ساندرز نفسه سيناتور ولاية فيرمونت، وأحد أبرز المرشحين الحاليين خلال السباق الجارى. وحينها من سيفوز بنسبة ٥٠٪ أو أكثر، سيمكنه الوقوف على قدمين ثابتتين فى مواجهة ترامب فى نوفمبر المقبل.
رابط دائم: