احتلت قضايا الحفاظ على البيئة الصدارة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ولأن المشكلات البيئية التى يواجهها العالم قد أصبحت مألوفة لنا فقد ازدادت تعقيدا يوما بعد يوم، ورغم المؤتمرات الدولية التى تعقد والبرتوكولات التى توقع، مازال الانسان كما هو فى حالة عداء دائم مع بيئته ومواردها، كما أن دول العالم فشلت فى الحفاظ على قدر كبير من مواردها وحماية أنظمتها البيئية، وبات فهم التحديات البيئية التى تواجه العالم شرقا وغربا أمرا لا مفر منه، ولابد من اعادة وضعه على قائمة خطط صانعى القرار، وهنا صار ضروريا ان تكون البيئة جزءا مكملا للأنظمة والخطط السياسية والاقتصادية لكل دولة، فليس المطلوب توقيع الاتفاقيات وعقد الاجتماعات، ولكن المطلوب تفعيلها وتنفيذ مقرراتها، فالبيئة فى حالة تدهور مستمر، وتجعل حياة البشر أكثر صعوبة، وما يتم اليوم فى انحاء المعمورة من إعمار وتطور، للأسف يسهم فى إحداث تأثير سلبى عليها، ويلوث الارض والمياه والهواء، وهى عناصر الحياة الرئيسية.
إن قضايا البيئة اليوم يجرى الحوار بشأنها بين الدول المتقدمة والدول النامية فيما يسمى «حوار الطرشان»، فالأولى تلقى اللوم على الثانية بعدم الفهم الواعى لقضايا البيئة، وتسيء اليها بالتلوث الذى تلحقه بمصادر المياه وإلقاء النفايات وتلويث الصحارى والغابات، والثانية تلقى اللوم على الأولى بالتوسع المفرط فى الصناعات الكيميائية وملوثات المصانع والإضرار المفرط للبيئة. ويكشف تقرير جديد صدر عن مجموعة البنك الدولى أن الدول المتقدمة مازالت تحتل مركز الصدارة على المستوى العالمى نحو تطبيق خدمات لوجستية صديقة للبيئة أكثر احتمالا منها فى الدول المنخفضة الدخل، وهذا أمر مهم لأن انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون الناتجة عن وسائل النقل تسهم بنسبة كبيرة فى التلوث.
وعلى مدى عشرات السنين والعالم يحتفل كل عام بيوم للبيئة، منذ إقرار عقد أول يوم سنوى عالمى للبيئة عام 1974 بالولايات المتحدة الامريكية تحت عنوان «أرض واحدة فقط»، والذى تم الاحتفال به على مدى 45 عاما بموضوعات مختلفة تنوعت عناوينها منها: التلوث البلاستيكي، الاتجار غير المشروع بالأحياء البحرية، الاقتصاد الاخضر، الفقر والبيئة، الاطفال والبيئة، البيئة والمأوى، المياه الجوفية، تطور بلا دمار، وكان آخر موضوع تم الاحتفاء به فى الصين حيث عقد مؤتمر بعنوان «تلوث الهواء».. وفى ذلك أقول: تعقد المؤتمرات وتنتهى، ولا يحدث بعدها شىء.
وفى مصر بدأت الحكومة سعيها الحثيث لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهى تواجه العديد من المشكلات البيئية نظرا للزيادة المضطردة فى عدد السكان والتوسع فى الأنشطة الصناعية، والزراعية والسياحية، مما أدى إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية، كما أن زيادة حركة الهجرة الداخلية من الريف إلى الحضر أدت إلى تضاعف عدد سكان الحضر مما شكل مزيدا من الضغوط على البيئة، ولذلك لا بد من النظر فى الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية المختلفة دون وقوع ممارسات تؤدى إلى تدهور الموارد التى تشكل المخزون الحقيقى لعمليات التنمية.
إننا مطالبون فى مصر حكومة وشعبا بأن نمارس علاقاتنا مع البيئة بشكل أكثر حبا لحياة خضراء لا يشوبها تعكير لصفو الطبيعة التى حبانا الله بها لنستمتع بها ونعيش معها بالأمل والمحبة والسلام.
د. حامد عبدالرحيم عيد
أستاذ بعلوم القاهرة
رابط دائم: