رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نافذة على الصحافة العالمية..
«ساموس» اليونانية شاهدة على معاناة اللاجئين

هدير الزهار

الأيام تمر، تجرى وراءها الشهور، تجر خلفها السنين، ولاتزال معاناة اللاجئين فى اليونان مستمرة، بل الأدهى أنها تزداد سوءا وتعقيدا.. فبعدما هربوا من جحيم الحروب، وجدوا أنفسهم مكتظين فى مخيمات تفتقر للآدمية وأبسط مقومات الحياة.. ولكنهم يتشبثون بالصبر والأمل فى غد أفضل، لعل تشعر بمأساتهم الحكومات والمنظمات الدولية. فعلى أحد التلال فى ساموس، تلك الجزيرة اليونانية الساحرة ذات المناظر الطبيعية الأخاذة والمشهورة بكونها وجهة سياحية مهمة لما تمتلكه من آثار إغريقية مبهرة، بالإضافة إلى أنها مسقط رأس الفيلسوف فيثاغورس، تقع مخيمات مترامية الأطراف مكتظة باللاجئين، يطلق عليها «مخيمات اليأس» بسبب يأس ساكنيها من تغير أوضاعهم، حيث يعيشون بها معلقين فى انتظار الموافقة على السفر إلى البر الرئيسى لبدء حياتهم الجديدة، إلا أن قلة فقط هى المرغوب فيها، حيث تجاهد الحكومة الجديدة لإيجاد أماكن ترغب فى استضافتهم.

ويقيم حاليا بجزيرة ساموس 6782 لاجئا رغم أن المخيمات بها مؤهلة لاستيعاب 660 فقط، من بينهم نحو 2000 طفل يقيمون جميعهم فى ظروف غير آمنة لا يتوافر بها الحد الأدنى من النظافة مما جعل المشكلات الصحية تزداد بينهم. وبالرغم من تطوع عدد من الأطباء، فإن سكان المخيمات قلما يرونهم بسبب قلة عدد الفرق الطبية مقارنة بعدد المخيمات المزدحمة.

وفى تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية يروى أحد السكان المحليين بالجزيرة ويدعى جيانيس ميليتو، محام يبلغ من العمر 60 عاما، حكايته مع اللاجئين حيث يقود سيارته لبضع مئات من الأمتار على طريق ضيق ومتعرج ليصل لمخيمات اللاجئين.

وما أن يصل حتى يلتف الأطفال حوله لمعرفتهم به، حيث يأتى لهم من آن لآخر محملا بالطعام. ورغم سعادته برؤية الفرحة فى أعين الصغار، فإن مشاهدة ما حدث للجزيرة بتهاوى أشجارها بعدما جردت من فروعها ولم يتبق منها سوى الجذوع، بالإضافة لبساتين الزيتون وغابات الصنوبر، التى أصبحت خاوية على عروشها بسبب حصول اللاجئين على الحطب منها للتدفئة، وهو ما أثار الحزن فى قلبه، كما كان لدى أسرته منزل على التل، سكنه والداه بعدما لجأ له خلال الحرب العالمية الثانية، والذى تحطم بعدما أخذ اللاجئون منه الجدران الخشبية والنوافذ والأبواب وغيرها.

ولم يعد ميليتو وحده المتذمر من تلك المشاهد المحزنة، بل تشكو أغلب العائلات، التى تعيش بالقرب من التل، من أنهم أصبحوا محاصرين حيث قاموا بعمل أسوار حول منازلهم حفاظا عليها من السرقة بعدما سرقت كثير من أحذيتهم وملابسهم وحتى ثمار أشجار حدائقهم قد اختفت، إلى جانب اقتحامهم المنازل الخاوية ونهب ما بها من ملابس وأبواب وستائر وأوان وحتى الأرض الخشبية قاموا بإزالتها، ورغم كل ذلك إلا أن كثيرين من أمثال ميليتو، متعاطفون مع محنة اللاجئين، بل إن الحزن مضاعف تارة على الأوضاع المتردية التى يعيشها هؤلاء البؤساء وتارة أخرى على ما أصاب أرض الجزيرة من خراب. ويتفق السكان المحليون واللاجئون فى إدراك أن ما وصل له حالهم يعود لعدة أسباب، أهمها فشل الحكومة اليونانية فى حل الأزمة، وتجاهل دول الاتحاد الأوروبى بعدما أغلقت أبوابها فى وجوههم، بالإضافة إلى ما تشهده دول الشرق الأوسط من فوضى ونزاعات مستمرة، كما أن للحسابات الجيوسياسية لتركيا دورا فى تردى هذه الأوضاع.

ومن جانبها وجهت المعارضة اليونانية اتهامات لحكومة حزب الديمقراطية بزعامة رئيس الوزراء الجديد كيرياكوس ميتسوتاكيس بعدم قدرتها على إدارة ملف الهجرة بالشكل المناسب، مما تسبب فى حدوث فوضى واندلاع مظاهرات الشهر الماضى، نظمها عدد كبير من اللاجئين، إلى جانب سكان الجزر لتضررهم جميعا من تلك الأوضاع، وهو ما دفع الحكومة لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع. وفى تقرير «نيويورك تايمز» ، يقول تاجورجيوس ستانتزوس، رئيس بلدية ساموس، الذى كان يتطوع بالغطس لإنقاذ طالبى اللجوء واستعادة الجثث الغارقة فى ذروة الأزمة عام 2015، إنه طالب الحكومة اليونانية بالمساعدة فى الوقت الذى بدأت فيه أعمال الشغب والاحتجاجات تندلع بسبب تردى أوضاع اللاجئين، مما يهدد السياحة بالجزيرة، والتى تعد أحد أهم مصادر الدخل لها، ولكنه أدرك فى نهاية المطاف أن حكومته قررت التضحية بجزيرته وجزيرة ليسبوس، لإيواء اللاجئين بهما. لذا فمع إعلان الحكومة التخطيط لعمل مخيمات جديدة، صرح ستانتزوس قائلا: «إن قبلنا مخيما جديدا بطاقة استيعاب 7 آلاف شخص، فإنه يمكن أن يؤوى فى النهاية ما بين 20 ألفا و25 ألف شخص». فمنذ بداية العام الحالى هبط على الشواطئ اليونانية، نحو 3545 لاجئا، كما أنها استقبلت العام الماضى نحو 59 ألف شخص.

وتمثل جزر بحر إيجة الخمس، أكثر المناطق تأثرا مع تواصل تدفق المهاجرين يوميا من تركيا المجاورة، حيث يقيم فى هذه الجزر نحو 40 ألفا و700 لاجئ وطالب لجوء، من دول مختلفة، حيث إن 49 % من أفغانستان، بينما يمثل السوريون 19 % والصومال 6%. وتمثل النساء 22% منهم، والأطفال 34% ، بينما يوجد 14 % من الأطفال يعيشون بمفردهم، معظمهم من أفغانستان. ورغم ما ذكرته تقارير «هيومن رايتس ووتش»، أن اليونان قد تلقت أكثر من 1٫6 مليار دولار من المساعدات المالية لمساعدة اللاجئين، إلا أن مخيماتهم لا تزال خطيرة وغير كافية، فالنساء والفتيات معرضات بشكل خاص للعنف الجنسى لذا يخشين استخدام المراحيض أو الاستحمام أو الحصول على الطعام فى خطوط التوزيع. وبدلا من الإنفاق على تحسين أحوال اللاجئين والبحث عن حل إنسانى لأزمتهم، فإن الحكومة اليونانية كشفت عن اعتزامها وضع جدار عائم يمتد 2.7 كلم ويبلغ ارتفاعه 1٫10 متر لحض اللاجئين على عدم عبور بحر إيجة. وقد أثار هذا المشروع المثير للجدل حفيظة المنظمات غير الحكومية، إذ اعتبرته منظمة هيومن رايتس ووتش «غير منطقى ويمكن أن يمثل خطرا» على قوارب المهاجرين المتهالكة التى تبحر عادة ليلاً. أما منظمة العفو الدولية فنبهت من هذه الخطة التى «تثير مخاوف كبيرة حول قدرة المسعفين على مواصلة عمليات إنقاذ الأشخاص الذين يحاولون الوصول للجزر».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق