رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المسار الغنائى

بريد;

من الأقوال المأثورة: «إذا أردت التعرف على حضارة شعب، تعرف على موسيقاه وغنائه».. حقا فلم تعرف حضارة لم تهتم بالموسيقى والغناء، فالحضارة الفرعونية الأصيلة لم تقتصر معالمها على ما وصلت إليه من تقدم وازدهار فى شتى مجالات العلوم والآداب، وإنما برعت أيضا فى فن الموسيقى والغناء، وخلدت جدران المقابر والمعابد أسماء العازفين والمطربين الذين كانوا يحيون حفلات قصر الفرعون، وعرف قدماء المصريين هذا الفن فى وقت مبكر عندما اخترعها الإله «نحوت».. وإنهم استخدموها فى التسرية خلال العمل اليومى إلى جانب الطقوس الدينية، وأثبت الدكتور محمود الحفنى فى كتابه «موسيقى المصريين» أنهم عرفوا السلم الموسيقى الخماسى ثم السباعى، واستخدموا الآلات الوترية والنحاسية والنفخية والإيقاعية، وأن فن الموسيقى والغناء كان فنا محترما مقدسا استحق أن يصفه الفيلسوف اليونانى «أفلاطون» بأنه أرقى الفنون فى العالم.

وإذا انتقلنا للحضارة العربية، فسنجد أن الدكتور شوقى ضيف يصف فن الموسيقى والغناء فى كتابه «الشعر والغناء فى مكة والمدينة» بأنه كان يمثل ثقافة مجتمع, انتشرت فى مكة والمدينة، ومن بعد كان اسحق الموصلى أشهر المطربين فى عصر هارون الرشيد، كما ذاع صيت «زرياب» الذى هاجر إلى بلاد الأندلس، وأسس مدرسة لتعلم فنون الموسيقى والغناء، كان يحج إليها طلاب البعثات العلمية من الغرب الأوروبى، ويعتبر «زرياب» من أعلام التجديد فى هذا الفن، كما اشتهر من علماء العرب فى تطوير فن الموسيقى والغناء الكندى والرازى والفارابى وابن سينا.. هكذا خلّف لنا أجدادنا من قدماء المصريين وعلماء العرب تراثا موسيقيا وغنائيا نعتز ونفتخر به، وكان ينبغى أن نسير على هديه، ومن أسف أنه عندما انهار بناء الغناء العربى برمته برحيل الموسيقار فريد الأطرش، ثم لحقت به سيدة الغناء العربى أم كلثوم، ثم عبد الحليم ثم الموسيقار عبد الوهاب، انكشفت ساحة الغناء على حقيقتها بعد أن خلت من القمم، ودخلنا فى مرحلة من الصخب الغنائى الذى لا يمت لنا بصلة، فبعد أن كان المستمع يستمع بكل حواسه وجوارحه وبأدب جم، أصبح يستمع بجسده، وأصبحت مهنة الغناء فى معظمها، مهنة من لا مهنة له، وفى غفلة من الزمن تسللت إليها الأسماء الشاذة المنفرة، ولم تعد بلاغة الكلمة وعذوبة اللحن وجمال الصوت جواز السفر إلى الشهرة، وإنما أصبحت بذاءة الكلمة وغرابتها، وقبح الصوت ونشاز اللحن أقصر الطرق للوصول إلى الشهرة، ومن هنا بدأ ناقوس الخطر يدق وبعنف محذرا من العواقب الوخيمة، ومناديا بأعلى الصوت: انتبهوا أيها السادة.. لقد أوشك تيار الغناء الهابط أن يفسد جيلا وربما أجيالا من شبابنا، فكان لابد أن تستجيب نقابة الموسيقيين، وتبادر بتصحيح المسار، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونرجو أن تتكلل جهودها بالنجاح .

جلال الدين الشاعر

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق