الأخلاق هى الضابط لاستقرار حركة الحياة وتقدمها والتعايش الآمن بين البشر، غير أن هناك أدعياء يدافعون عن كل قبيح بدعوى الحرية ويطعنون فى الثوابت الدينية والوطنية.. ومن هنا تأتى أهمية دراسة حديثة بعنوان «القيم بين الاستثمار والاندثار.. رؤية أزهرية لفلسفة القيم فى زمن الانحدار الأخلاقي» أكد فيها الشيخ أحمد ربيع الأزهرى من علماء الأزهر والأوقاف أن القيم الأخلاقية هى أساس التقدم والوجه الأبرز للتحضر.
فى البداية يشير الأزهرى إلى أن الحال المتردية التى آلت إليها منظومة القيم أسهم فيها عجز المنظومة التعليمية عن إنتاج محتوى تعليمى وقيمى ينهض بالمجتمع، وإهمال الرؤى الخلاقة التى يمكن أن تحول الزيادة السكانية من عبء على الدولة إلى ثروة بشرية. بالإضافة إلى الخلل الأخلاقى الذى أصاب منظومة الأسرة وقيم الأمومة والأبوة والزوجية والبنوة والأخوة، علاوة على عدم التنسيق بين المؤسسات المنتجة للخطاب الدينى والثقافى والفكري، والطعن فى المرجعية الدينية (الأزهر)، وفى المؤسسات الوطنية الحامية للوطن ومقدراته.
وحذرت الدراسة من غياب الدور التنويرى للمنتج الإبداعي، خاصة الدراما والسينما، وتحكم الإعلان فى بعض صور الإعلام، وتحول مضمار المنافسة إلى صراع، فى كل المجالات، حتى رأيناه يتسلل إلى الرياضة التى كانت ترفع شعار «الرياضة أخلاق» إلى تعصب بغيض شاهدناه جميعا.
مقترحات وحلول
وقدم الأزهرى فى دراسته عددا من التوصيات للحفاظ على المنظومة القيمية والأخلاقية، أبرزها وضع خريطة للدولة المصرية نرصد فيها مواضع الانفلات الأخلاقي والخلل القيمى، لوضع الرؤى وخطط المعالجة.. مع ضرورة تشكيل لجنة مصغرة داخل مجلس الوزراء، بالإضافة لممثلى الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، لوضع رؤية ومناهج عمل وخطط تنفيذ لإحياء منظومة القيم والبناء الأخلاقى للمجتمع، على أن تشكل لجان من ممثلى هذه الجهات فى كل محافظة تحت عنوان «اللجنة العليا للقيم والأخلاق» لتحويل البرامج المركزية إلى مشروعات وأفكار فى المحافظات والمدن والقري.
وشددت الدراسة على اعتبار الحفاظ على الهُوية القيمية والأخلاقية أحد أركان أمننا القومي، وإن إعادة بناء منظومة القيم وإحياء الأخلاق جزء أصيل فى منظومة بناء الإنسان، الأمر الذى يستوجب عدم التساهل فى أى خروج على المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع وإعمال القانون بكل حسم وقوة فى هذا الشأن.
إعادة بناء القدوة
ودعت إلى تحويل قضية التعليم كمشروع قومى يحظى بالأولوية، على أن تنهض الجامعات بدورها التنويرى فى صيانة الأمن الأخلاقى والقيمى للمجتمع كما دعت إلى «إعادة بناء القدوة والنمذجة» فى المجتمع من النابغين فى البحث العلمى والإبداع الفكرى والتميز الأخلاقي، وأن نقاطع النماذج المشوهة والفجة التى قامت بجمع الملايين من خلال نشر القبح والتبجح فى المجتمع.
وناشد الباحث الدولة التدخل فى توجيه الإعلام وصناعة السينما والدراما لصناعة محتوى أخلاقى وقيمي، وأن نُراجع أصحاب دعوة الفن للفن، إلى مصطلح «السينما النظيفة والإبداع القيمي»، بالإضافة إلى عمل »ملتقى الأخلاق« فى مراكز الشباب وقصور الثقافة، وأن تدعم الدولة مسابقة لأدب الطفل يمكن تسميتها «مسابقة النيل لأدب الطفل» لرفع الثقافة العلمية للأطفال، وتزكية القيم والمهارات الحياتية لديهم.
حقيبة الهوية
وفى الختام طالب الأزهرى بعمل مشروع «حقيبة الهُوية»، وذلك بجمع أفضل مائة عنوان كتاب يغطى كل الجوانب الدينية والفكرية والعلمية والقيمية والثقافية والتاريخية والأدبية والسير الذاتية بهدف حماية الهُوية والمنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع ويستشرف المستقبل وتصنع الوعي، مشيرا إلى أهمية ربط الأنشطة الرياضية والشبابية بالقيم الأخلاقية، ومقترحا أن تعلن الدولة عن يوم تحتفى به سنويا بالأخلاق تحت عنوان «عيد الأخلاق والقيم» يتم فيه تكريم نخبة من أصحاب المواقف والقيم الأخلاقية.
رابط دائم: