أنْ تَكْتُبَ شِعْرًا.. هَذَا يَعْنِى أنْ تَضَعَ الْبَحْرَ بِكُوْبٍ، ثُمَّ تَصِيْرُ الْمَوْجَ،
وَكُلُّ طُيُوْرِ الْكَوْنِ.. عَلَى الْمَائِدَةِ الْمَلْأى..
تَأْكُلُ، تَشْرَبُ،
ثُمَّ يَصِيْرُ الْكُوْبُ الْمَأْوَى.
1- أنـــــــِيْنٌ
عَلَى بَابِ رُوْحِى وَقَفْتُ..
بِقَلْبِى طَرَقْتُ، بِعَقْلِى طَرَقْتُ،
وَظَلَّتْ بِجِسْمِى أَيَادٍ تَدُقُّ..
وَلَمْ يُفْتَحِ الْبَابُ حَتَّى مَشَيْتُ.
بِقَلْبِى التَّوَارِيْخُ تَهْتِفُ..
وَالشَّمْسُ تُخْرِجُ مِنِّى رُطُوْبَةَ عِشْرِيْنَ عَامًا؛
فَتَرْقُصُ حَوْلِى الرُّطُوْبَةُ..
تُعْلِنُ أنِّيَ صَيْدٌ ثَمِيْنٌ لَهَا،
وَلَيْسَ لَهَا أنْ تُفَرِّطَ فِى صَيْدِهَا.
عَلَى سَطْحِ رَأْسِيَ تَنْمُو النَّبَاتَاتُ..
تُوْغِلُ أَفْرُعُهَا فِى السَّمَاءِ،
وَتُسْقِطُ أَوْرَاقَهَا فَوْقَ قَلْبِى،
فَيُسْرِعُ فِى جَمْعِهَا..
ثُمَّ يَقْذِفُهَا دفْعَةً فِى الْهَوَاء.
وَأَطْلَقَتِ الرِّيْحُ كُلَّ مَدَافِعِهَا نَحْوَ قَلْبِى..
وَظَلَّتْ مِنَصَّاتُ قَلْبِى،
تُجَمِّعُ كُلَّ الْمَدَافِعِ..
حَتَّى تَفَجَّرَ قَلْبِى،
وَأَضْحَتْ دِمَائِى بِكُلِّ الْمَوَاقِعْ.
أنَا صَرْخَةٌ لَمْ أَزَلْ..
فِى انْتِظَارِ اكْتِمَالِ الْقَمَرْ.
وَحِيْنَ تَنُوْحُ السَّوَاقِى عَلَى جُثَّتِى..
أوْ تُمَزِّقُ أضْلَاعَهَا..
فَاعْلَمُوا أنَّ هَذَا أَنِيْنُ الْقَدَرْ.
2- وحْدَةٌ
وَحِيدًا.. لَمْ يَعُدْ يَجْرِى إلَى قَلْبِى..
سِوَى قَلْبِى،
يُفَتِّشُ عَنْ هَوَاءٍ فِى السَّمَاءِ..
يَرُدُّ لِى نَبْضِى،
وَيَمْسَحُ شَيْبَ رُوْحِى..
كُلَّمَا فُكَّتْ مَسَامِيْرٌ بِعَقْلِى..
أُطْلِقَتْ كُلُّ الْعَصَافِيْرِ
الْحَبِيْسَةِ فِى زَوَايَا الرُّوْحِ..
تَبْحَثُ عَنْ نُقُوْشٍ تَرْسُمُ الْمَعْنَى،
تُوَقِّعُ حُلْمَهَا فِى دَفْتَرِ الْمَلَكُوْتِ..
تَمْتَصُّ الْمُلُوْحَةَ مِنْ جِدَارِ الرُّوْحِ،
تَنْقُرُ فِى الزُّجَاجِ؛ لِتُوْقِظَ الْمَوْتَى.
بِيَ التَّارِيْخُ يَمْشِى..
يَسْتَعِيدُ بِدَايَةَ الدُّنْيَا،
يُثَبِّتُ دَاخِلَ الْأَحْشَاءِ جُغْرَافِيَا
تُفَجِّرُ مِنْ ضُلُوْعِى النِّيْلَ..
يَبْحَثُ دَاخِلَ الْأَعْضَاءِ عَنْ دِلْتَا،
وَيَتْرُكُ طَمْيَهُ لِلرُّوْحِ..
يَزْرَعُ مَا تَبَقَّى مِنْ فَتَافِيتِ الْكَلَامِ؛
لَعَلَّهَا يَوْمًا تَكُوْنُ قَصِيْدَةً..
أَوْ وَرْدَةً تُعْطِى الْحَيَاةَ حَيَاتَهَا الْأُخْرَى.
3- رُؤْيَةٌ
قُلْتُ قَلْبِى عَلَى الطَّرِيْقِ يُغَنِّي
فَارْبُطْ الْعَقْلَ يَا إلَهِى، أَعِنِّي
لَيْسَ لِلرُّوْحِ فِى ضُلُوْعِيَ بَيْتٌ
غَيْرَ أنَّ الشُّمُوْسَ تُشْرِقُ مِنِّي
وَالنُّجُوْمُ الَّتِى تُضِيءُ بِرَأْسِي
تُبْعِدُ الْيَأْسَ وَالْخَفَافِيشَ عَنِّي
يُسْرِعُ النِّيلُ نَحْوَ قَلْبِى عَسَاهُ
يَشْرَبُ الْحُبَّ مِنْ يَنَابِيعِ فَنِّي
أنَا سُحُبٌ إذَا الْبُخَارُ تَجَافَي
عَنْ قَوَانِينِهِ الْهَوَى لَمْ يَكُنِّي
أَيُّهَا الْمُبْتَلَى بِمِثْلِ فُؤَادِي
صَائِنُ الْحَقِّ عِنْدَنَا لَمْ يَصُنِّي
فَافْتَحِ الْعَيْنَ لِلْحَبِيْبِ يَرَانِي
إنَّ عَيْنِى عَلَى الْمَدَى لَمْ تُعِنِّي
لَسْتُ أَسْطِيْعُ أنْ أَرَى غَيْرَ أنِّي
أُبْصِرُ الْحُبَّ حِيْنَ أُغْمِضُ عَيْنِي
تَصْعَدُ الرُّوْحُ دُوْنَ مَوْتٍ إلَيْهِ
يَسْقُطُ الدَّمْعُ يَغْسِلُ كَوْنِى
4- اغْتِرَابٌ
حِيْنَمَا اكْتَظَّتْ جُلُوْدِى بِالْفَرَاغِ..
اسَّاقَطَتْ نَحْوِى فَرَاشَاتٌ تُغَنِّي؛
كَيْ تَرُدَّ الْمَوْتَ عَنِّى..
أَطْلَقَتْ فِى الرُّوْحِ أَسْرَابًا مِنَ الْأَلْوَانِ؛
حَتَّى لَمْ يَعُدْ رَمْلٌ وَلَا طَمْيٌ..
وَلَا عَذْبٌ وَلَا مِلْحٌ بِعَيْنِي
وَاكْتَفَى قَلْبِى بِضَخِّ الشِّعْرِ؛
حَتَّى يُخْرِجَ الإنْسَانَ مِنِّى.
فَاتِنًا كَانَ اغْتِرَابِى..
مُلْهِمًا يَفْتَحُ بَابِي؛
عَلَّنِى أُبْصِرُ أَنْوَارًا بِقَلْبِى..
عَلَّنِى أَصْنَعُ مِنْ جِسْمِى خُيُوْطًا..
رُبَّمَا يَوْمًا تَلفُّ الْكَوْنَ فِى أَبْهَى ثِيَابِ.
رُبَّمَا يَنْبُعُ مِنْ قَلْبِيَ مَاءٌ..
يُوْغِلُ الظَّمْآنُ فِيْهِ
لَيْسَ فِيهِ أَيُّ ظِلٍّ لِلسَّرَابِ
كُلُّ أَحْلَامِيَ شِعْرٌ..
كُلُّ أَشْعَارِيَ حُلْمٌ.. لَمْ أَعُدْ أَطْلُبُ إلَّا أنْ أَرَى شِعْرِى سَعِيْدًا؛
يُطْلِقُ الضِّحْكَاتِ فِى كُلِّ مَكَان.ْ
أَوْ أَرَى حُلْمِى يُغَنِّى..
يَزْرَعُ الْأَفْكَارَ فِى رَمْلِ الزَّمَانْ.
رابط دائم: