رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«ماما هليوكوبتر» .. الحماية الزائدة للأبناء حب قاتل

فتوح سالمان

لماذا نربى أبناءنا؟

هل نريدهم تابعين لنا ام مستقلين عنا؟

هل لدينا هدف أو خطة محددة فى التربية وهل يجب أن تكون لدينا واحدة؟

جميع الآباء والامهات يريدون ان ينشأ ابنهم مستقلا يجيد اتخاذ قراراته ويتحمل نتائجها ومسئولياتها لكن قليلين منهم من يعرفون كيف يصلون إلى هذه النتيجة،

المذاكرة على سبيل المثال لم تعد مجهوداً فردياً يقوم به التلميذ أو حتى جماعيا مع زملائه بل مجهود عائلى تتقاسمه الام وابنها واحيانا مع الأب وأغلب الامهات يحفظن المناهج الدراسية أكثر من أبنائهن وعندما تتحدث احداهن عن امتحانات ابنها يكون الحديث بلغة المتحدث «احنا ذاكرنا واحنا حلينا» حتى لو كان الابن فى الثانوية العامة وهى ترافقه الى اعياد الميلاد والمباريات والرحلات المدرسية والتدريبات حتى استخراج البطاقة الشخصية.

مريم والدة شاب بلغ السادسة عشرة من العمر وزاد طوله عن 170سم لكنها حرصت على اصطحابه الى مكتب السجل المدنى لاستخراج بطاقة شخصية لأول مرة بعد ان حصلت بنفسها على التوقيعات اللازمة من ادارة المدرسة وانهت جميع الاوراق وبررت الامر قائلة «مش هيعرف يتصرف».

امام لجان الثانوية العامة، المشهد المعتاد هو طوابير الامهات ينتظرن على الابواب يقرأن القرآن ويتضرعن بالدعاء لبنين وبنات فى الثامنة عشرة او اقل قليلا فهم فى نظرهن اصغر من ان يذهبوا للجنة الامتحان وحدهم ويحتاجون إلى دعمهن المستمر.

فى سن أصغر تتدخل «ماما» لتوبيخ الزملاء واستعادة العاب ابنها المستولى عليها من زملائه او تتعارك مع الكابتن لأنه لم يضمه للفريق واغلب الاوقات تجيب عن الاسئلة الموجهة إليه ويتدخل الاب لرد اعتبار ابنه امام زملائه وكم من الجرائم ترتكب بسبب مشاجرات العيال.

هذا النوع من الآباء والامهات يسمونه فى علم النفس «آباء الهليوكوبتر» فما ان يتعرض الأبن لأى طارئ حتى يقلع الاب أو الأم بالهليوكوبتر لإنقاذه اولئك الاباء والامهات الذين يحومون فوق رؤوس أبنائهم مثل الطائرة الهليوكوبتر ويراقبونهم ليل نهار ويتدخلون لحل اى مشكلة او صعوبة تقابلهم ويتحكمون فى كل كبيرة وصغيرة من حياة ابنائهم دون علمهم والأسوأ انهم يظنون حماية أبناءهم ويجنبونهم الإحباط، وهذا النوع أصبح هو الاكثر شيوعا بين الاجيال الحالية لكن لا أحد يعترف به!

رحاب ام لطفل عمره تسع سنوات وطالب فى «سنة رابعة ابتدائى» حصلت على إجازة من العمل وتفرغت لمدة شهر استعدادا لامتحانات الترم الاول وحولت المنزل الى معسكر لا يدخله ولا يخرج منه أحد لدرجة انها رفضت استقبال شقيقتها العائدة من السفر ووعدتها بالزيارة بعد انتهاء فترة الامتحانات وهى تذاكر معه جميع المواد وتصحبه للمدرسة وتنتظره على بابها ليعود فيتناول غداءه ويذاكر حتى المساء وهى مقتنعة تماما بأن المناهج ثقيلة حتى انها لاتفهمها بسهولة فكيف سيفعل هو.

الغريب انك لن تجد من يعترف بسهولة بأنه يمارس مثل هذه الحماية المفرطة للابناء والتى تضرهم اكثر مما تفيدهم فالدراسات النفسية تؤكد كما يقول الدكتور محمد المهدى استشارى الطب النفسى ان الطفل الذى يتعرض للحماية المفرطة او التعلق المرضى ليس لديه فرصة للتعلم من اخطائه والقدرة على اتخاذ قرارات صائبة فى المستقبل واكثر عرضة للتعثر الدراسى ففى حياة الانسان ثلاث ثورات من اجل تحقيق استقلاله آولها فى سن الثانية ثم فى فترة المراهقة والاخيرة فى منتصف العمر.

فمن سن الثانية من العمر يبدأ الطفل فى السعى من اجل استقلاله واكتشاف الاشياء بنفسه وعلى الام ان تساعده على ذلك بأن تؤمن المكان بما يحفظ سلامة الطفل وتتركه يستكشف محيطه فذلك يجعل منه شخصا مبادرا واكثر قدرة على التعلم من اخطائه وهذه المرحلة او سنوات الطفولة المبكرة هى الاخطر فى حياة الطفل فلو بالغت الام فى حمايته سيشعر الطفل دائما بالخوف من الانتقاد والخوف من ارتكاب الخطأ الذى يغضب ماما وبابا وهو ما قد يجعله شخصا ضعيفا يخشى الانتقاد ولديه احساس بالدونية ويفتقد المبادرة وهو ما سيظهر فى شخصيته فى سن اكبر وخاصة مع استمرار الحماية المفرطة من جانب الام غالبا والتى تصل احيانا الى حد التعلق المرضى بالابناء تحت بند الحب والرعاية والحرص على مصلحتهم.

مشيرا إلى أنه حان الوقت لكى نتخلى عن دور الهليوكوبتر فى حياتهم بالسماح لهم بوقت فراغ فالجدول المشغول طوال الوقت يضغط على الطفل ومن حقه ان يكون لديه وقت خاص يفعل فيه ما يحلو له دون تحديد انوع هذا النشاط او فرضه.

والخطوة الاهم هى الثقة فى الابناء وتكليفهم حسب السن بأعمال منزلية يشاركون فيها وتوصيل رسالة لهم بأننى أثق فيكم وفى قدرتكم على القيام بالأمر.

وعلى الام والاب السماح للابن بإرتكاب الاخطاء وبالفشل احيانا فهى امور مهمة جدا من اجل النمو السليم وتدربه على التعلم من احباطات الحياة والتعلم من اخطائه ومواجهتها وتصل إلى الإبن رسالة من الاهل بأنهم يحبونه مهما كانت اخطاؤه ويتقبلونه فى كل الاحوال.

وحتى لاتكونى هليوكوبتر فى حياة ابنائك عليك ان تبتعدى قليلا وتراقبى من بعيد مستعدة للتدخل ان احتاج الامر لكن لا تسمحى لمخاوفك بأن تعيق حركتهم وتشل قدرتهم على التفكير واتخاذ القرارات المستقلة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق