تختلط المشاعر وتتداخل عند التقاط الأذن نغمات للحن مصري، وربما يقفز القلب لسماع مفردات العامية المصرية فى سياق أغنية تفاجئ المار بشوارع كندا الواقعة فى أمريكا الشمالية، وتزداد الدهشة مع رصد مدى التفاعل مع أعمال تمثل مختلف أشكال الإنتاج الغنائى المصري.
كشفت مؤشرات ما يعرف بـ «الترند» للمنشورات الأكثر رواجا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن تصدر «فيديو مصور» لمجموعة من الأصدقاء الكنديين ذوى الأصول العربية، وتحديدا اللبنانية، وهم يرقصون على نغمات أغنية «ثلاث دقات»، ويتبارون فى ترديد كلمات الأغنية، حاز «الفيديو»، الذى يرجح أن مذيعا بالقسم العربى بإذاعة الـ«سي.بي.سي» الكندية وراء نشره، إقبالا جماهيريا واسعا وقفزة فى عدد المشاهدات خلال أيام قليلة.
ولكن سطوة أشكال الغناء المصرى تأكدت مع مشهد آخر لفت أنظار الكثيرين محليا. ففى إحدى الليالى الدافئة نسبيا بشتاء كندا القاسي، وقف مجموعة من الشباب حول سياراتهم بموقف أحد المراكز التجارية يرقصون على نغمات أغنية «ملطشة القلوب». واللافت أن بعضهم، من أصحاب الأصول العربية، كان يحاول ترجمة كلمات الأغنية لأقرانهم من الكنديين. والمحاولات تولد ضحكات تتعالى عند فشل اللغة الإنجليزية بمفرداتها الجامدة فى نقل معانى الأغنية خفيفة الظل الساخرة من »قلب« اعتاد صدمات الهجر.
ولكن الأغانى المصرية الحديثة لا تحظى وحدها بالهيمنة، وإنما تشاركها الشكل الغنائى المعروف بـ «المهرجانات». فمتابعة الحفلات والتجمعات المسائية ذات الحضور العربى بالعاصمة الكندية تؤكد سطوة «المهرجانات». فأحد التسجيلات المتداولة يظهر تجمعا للعرب فى حالة رقص وغناء على أنغام مهرجان «بنت الجيران». «الفيديو» ينضم لكثير من الفيديوهات التى أشعلت مواقع التواصل الاجتماعى فى الأيام الأخيرة لتجمعات عربية أو حتى لمواطنى البلاد فى عواصم أوروبية وغربية مختلفة يتفاعلون على أنغام أغانى المهرجانات المصرية.
فرغم الجدل الواسع فى مصر، يحقق قالب «المهرجانات»، الذى يعتمد موسيقى «التكنو»، انتشارا واسعا غربا بفعل أداة الإنترنت، ما شكل قفزة هائلة منذ بدايتها المتواضعة عام 2007، مع إقامة أول مهرجان شعبى فى الإسكندرية، وحمل المهرجان وقتها مسمى «مهرجان الداخلاوية» لفيلو وتونى ومحمد ناصر. ورغم الجدل المستمر حول ما إذا كانت المهرجانات تروج للانحطاط فى الذوق، أو أنها تعكس صوت طبقات ثقافية بعينها، فإن هذه «المهرجانات» تواصل حضورها حتى فى أقصى أمريكا الشمالية. فرغم كل شيء فإن «السكر المحلى بالكريمة» يمكن أن يجده المرء فى شوارع مدينة بعيدة تغطيها الثلوج مثل أوتاوا.
رابط دائم: