بعد أعوام من الأبحاث المتواصلة نجح باحثان مصريان بقسم الهندسة الكيميائية بجامعة مونتريال بكندا فى ابتكار تقنية جديدة لإزالة أكثر من 36 معدنا ساما بخام الفوسفات حيث وصلت نسبة الإزالة إلى 99% لمعظم المعادن علاوة على رفع تركيز نسبة الفوسفات وزيادة جودته لأكثر من 9 درجات. وتشمل المعادن التى تمت إزالتها الكادميوم، والرصاص،و اليورانيوم، والكوبالت، والزرنيخ والزنك وغيرها من المعادن الضارة بالصحة العامة والبيئة ويؤكد الباحثان د. مى عطية وزوجها د. شريف فرج إستاذ الكيمياء أن الابتكار الجديد يخلص الفوسفات أحد اهم المخصبات الزراعية من الشوائب المعدنية والتى تظل متبقية فى المحاصيل الزراعية وبالتالى تؤثر على صحة الإنسان والحيوان معا.
ويقول د. شريف فرج ان هذه التقنية قمنا بتسجيلها لحمايتها على مستوى الولايات المتحدة ودوليا وبعد نجاح التجارب المعملية جار تطبيقها كنموذج تجريبى قبل تنفيذها على النطاق الصناعي. ووفقا لنتائج الدراسة المعملية فلقد تم انتقاء وإضافة عامل له القدرة على إزالة الشوائب والمعادن السامة فى درجة حرارة وضغط الغرفة حيث تم اختيار هذا العامل بحيث لا يتسبب فى أى انخفاض فى الجودة التجارية للمنتج ولا يتراكم فى التربة التى يستخدم فيها السماد المنتج من الفوسفات المعالج. مضيفا أن الطريقة المبتكرة لا تحتاج إلى إنشاءات جديدة بمحطات إنتاج الأسمدة حيث يمكن تطبيقها بسهولة فى أثناء عملية النقل أو التخزين وبالتالى يقلل التكلفة الإنشائية بشكل ملحوظ.
بالإضافة إلى ذلك سهولة استرجاع وتنشيط عامل إزالة المعادن بعد عملية التفاعل مما يسهم فى تقليل تكلفة التشغيل ورفع جودة وسعر المنتج النهائى للفوسفات. كما نجح أيضا الباحثان مؤخرا فى استخلاص معظم المعادن السامة التى تم إزالتها وبالتالى يمكن تسويقها والتى يصل سعرها إلى مائة ضعف سعر الفوسفات نفسه.
وتشير د.مى عطية إلى أهمية التقنية التى تمت التوصل لها فى أنها تستوفى الاشتراطات العالمية الجديدة والتى صدرت مؤخرا من قبل الاتحاد الأوروبى من أجل إنتاج غذاء آمن لنا وللأجيال القادمة لمحاربة أسباب الأمراض المزمنة التى نواجهها.
ومن المعرف أن الفوسفات له تطبيقات عديدة منها الأسمدة الفوسفاتية للزراعة، وبالتالى استخدام فوسفات يحتوى على تلك المعادن السامة وغيرها من الشوائب يمثل خطرا كبيرا لمن يتناول تلك المنتجات الزراعية فعلى سبيل المثال فإن الدراسات الطبية تظهر أن زيادة تركيز الكادميوم على الحد المسموح به فى الغذاء يؤدى لتراكمه فى جسم الإنسان والإصابة بمضاعفات صحية بالكلى والكبد و القلب وضعف العظام. كما يتسبب عنصر الرصاص بعواقب وخيمة على صحة الطفل، وعند التعرض له بمستويات عالية فإنه يهاجم الدماغ والجهاز العصبى المركزى ويسبب الغيبوبة والتشنجات. كما أن تعرض السيدات من الحوامل لمستويات عالية من الرصاص يتسبب فى اجهاضهن وتشوه الاجنة وانخفاض وزنها. ولخطورة تلك المعادن وضعت وكالات حماية الصحة، مثل البرنامج الوطنى لعلم السموم بالولايات المتحدة واللجان الأوروبية، بعض القيود على نسبة الكادميوم والمعادن الأخرى الموجودة فى الأسمدة والتربة والماء المستخدم فى زراعة النباتات للاستهلاك البشرى والحيوانى حيث تم الالتزام بخفض تركيزات الكادميوم فى الماء والتربة إلى أقل من 5 ملجم / كجم (5 أجزاء فى المليون)، وتفرض استخدام الأسمدة التى تحتوى على نسبة صفر من الكادميوم أو أقل من النسبة المحددة.
نسب الملوثات
اللافت فى الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية يصل فيها نسبة الكادميوم الي150 جزءا فى المليون)، السنغال (115 جزء فى المليون)، تونس (67 جزءا فى المليون) وكذلك المغرب (51 جزءا فى المليون) والتى تمتلك حوالى 70% من الإمدادات العالمية للفوسفات أما الفوسفات الروسى فيحتوى على اقل من 1 جزءا فى المليون من الكادميوم. ونتيجة للمواصفات القياسية العالمية التى تم إقرارها مؤخرا فهناك أزمة تقنية وصناعية تهدد تلك البلدان بوقف تصدير الفوسفات. أما على مستوى مصر، فيوضح د.شريف فرج أننا نمتلك احتياطيا من الخام ويتم استخراجه من مناطق عديدة ووفقا لوزارة البترول فإن الاحتياطى من الفوسفات فى مصر يقدر بنحو 8 مليارات طن. إن ارتفاع نسب الشوائب والمعادن السامة وانخفاض نسب الفوسفات يؤثر على جودته وسعره. ويضيف انه بالتوافق مع رؤية مصر 2030 لدعم المشروعات القومية ومنها صناعة الفوسفات فإنه من المهم الاستفادة من البحوث التطبيقية الحديثة لتنقية المعادن والتخلص من الشوائب لرفع قيمته التصديرية بما يتوافق مع متطلبات الأسواق العالمية وليصبح أحد الأركان الأساسية للدخل القومى ووضع مصر فى مقدمة الدول المصدرة للفوسفات والأسمدة الفوسفاتية.
رابط دائم: