يبدو أن بناء الجدار العازل على الحدود الأمريكية المكسيكية سيتم بأى شكل كان، وبالقوة، دون مراعاة لأى اعتبارات أخرى، سواء كانت تمويلية أو إنسانية أو حتى تاريخية، وذلك بعدما استخدمت المتفجرات لنسف محمية طبيعية تاريخية للصبار ومقدسات ومقابر لمحاربى قبائل «الأباتشى» ،السكان الأصليين للولايات المتحدة.
المجزرة البيئية كشفت عنها جماعات للحفاظ على البيئة وتبناها راؤول جريجالفا، العضو الديمقراطى بالكونجرس الأمريكى، والذى وصف حجم التدمير بأنه «مؤلم».
وانتقدت جمعيات الحفاظ على التراث والبيئة تدمير أطقم البناء لمواقع الدفن للسكان الأصليين الأمريكيين بولاية «أريزونا» التى اعترضت على بناء الجدار الحدودى بين الولايات المتحدة والمكسيك، فيما أكدت السلطات أنها نفذت «تفجيرا خاضعا للرقابة» قرب النصب التذكارى الوطنى لأنابيب الصبار، وهى محمية طبيعية معترف بها من قبل منظمة اليونسكو، بعد فشل الحكومة فى التشاور مع ممثلى السكان الأصليين.
وحذرت جماعات البيئة أيضًا من الأضرار التى لحقت بالمياه الجوفية الموجودة تحت الأرض، فضلاً عن هجرة الحياة البرية بالمنطقة الصحراوية النائية التى تبعد نحو 185 كيلو مترا غرب «توكسون».
ويقول المسئولون إن المشروع يستهدف بناء حاجز فولاذى طوله 30 قدمًا (9 أمتار) يمتد لمسافة 43 ميلًا على أرض المنتزه الوطنى.
وصنفت الأمم المتحدة منطقة «أوريجن بايب» كمحمية دولية للمحيط الحيوى عام 1976، واصفة إياه بأنه «نموذج أصيل للنظام البيئى السليم لصحراء سونوران».
ويتولى النائب الديمقراطى، جريجالفا، رئاسة لجنة الموارد الطبيعية بمجلس النواب، ويمثل منطقة تشترك فى حدود بطول 400 ميل مع المكسيك.
وبحسب موقع «بى بى سى»، زار جريجالفا، مواقع الدفن فى «أوريجن بايب»، والمعروفة باسم «مونيمنت هيل»، الشهر الماضى، وقيل له إن الأشخاص فى «أودهام» دفنوا محاربين من قبيلة «أباتشى» هناك . وقال جريجالفا: «ما رأيناه فى النصب التذكارى كان مدافن القبائل التى ترقد فى سلام أبدى - وهذا ما يتم تفجيره بالديناميت».
وفى مقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية، وصف النائب الديمقراطى، سلوك إدارة ترامب بأنه «مخز» وقال إن مراقب البيئة الذى عهدت إليه الحكومة بالمشروع لن يفعل شيئًا لتخفيف الأضرار الثقافية فى منطقة واحدة تحتوى على قطع أثرية يعود تاريخها إلى 10000 سنة..
وقال الزعيم القبلى، نيد نوريس جونيور، من ولاية أريزونا أن أجداده سكنوا هذه المنطقة منذ زمن سحيق، على الرغم من أن الأرض تسيطر عليها الآن حكومة الولايات المتحدة. «إنهم أجدادنا، إنهم من تبقى منا كشعب» فى العالم الآن، وواجبنا أن نفعل ما هو ضرورى لحماية ذلك.
وكشف تقرير صادر عن «ناشيونال بارك سيرفس»، حصلت عليه «واشنطن بوست» أن جدار ترامب الذى وعد ببنائه خلال حملته عام 2015 سيدمر نحو 22 موقعًا أثريًا داخل «أوريجن بايب» وحدها.
وتفيد التقارير أن طواقم البناء قد دمرت أيضًا نباتات صبار «الساجوارو» القديم، التى يعتبرها شعب «أوودهام» «تجسيدًا لأسلافهم«، لذا فإن تفجيرها وإزالتها يعد «أمرا مزعجا للغاية».
وتمكنت إدارة ترامب من بناء أجزاء من الجدار الحدودى بين الولايات المتحدة والمكسيك على الأراضى العامة بسبب قانون صدر عام 2005 يمنح الحكومة الفيدرالية الحق فى تجاوز القوانين التى تتعارض مع سياسة الأمن القومى الأمريكية.
وأثناء بناء الجدار تجاوز البيت الأبيض عشرات القوانين - بما فى ذلك القوانين التى تحمى قبور الأمريكيين الأصليين والأنواع المهددة بالانقراض والبيئة.
وقال جريجالفا إنه سيعمل على إلغاء قانون 2005، وسيعقد جلسة استماع فى الكونجرس فى الأسابيع المقبلة فى محاولة للقيام بذلك.
رابط دائم: