رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معارك الحب والسياسة فى حياة إحسان عبد القدوس

سهير طاهر

يعد إحسان عبد القدوس من الشخصيات المهمة فى تاريخ مصرالحديث فهو كاتب و روائى من أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا فى قصصهم الحب العذرى وتحولت أغلب رواياته لأفلام سينمائية، وقد أنجز نقلة نوعية متميزة فى الرواية العربية، ونجح فى الخروج بها من المحلية إلى العالمية، حيث ترجمت معظم رواياته إلى لغات أجنبية متعددة. كما مزج بين الكتابة الادبية و المجال السياسي.

ويرصد كتاب «إحسان عبد القدوس.. معارك الحب والسياسة 1919-1990» للكاتبة زينب عبد الرازق، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية(2019)، تقاطعات الحب والسياسة فى حياته مازجا بين العام والخاص، حيث يمكن قراءة سيرة إحسان وكأنها إعادة قراءة لتاريخ مصر الحديثة من خلال أحد أبرز مبدعيها. وإحسان هو ابن السيدة روزاليوسف اللبنانية المولد والتركية الأصل التى أسست روزاليوسف  ومجلة صباح الخير وكان والده محمد عبد القدوس ممثلا ومؤلفا مصريا، فكان لذلك تأثير كبير على نشأته حيث جمعت أسرته بين عدة تناقضات فى وقت واحد فجده لوالده هو الشيخ رضوان، أحد خريجى الأزهر، بينما عشقت والدته ووالده الفن مما أثر عليه وأحدث له تغيرات خاصة بالدين والحياة الواقعية ، ورغم حرص جده على تنشئة أفراد العائلة على الإيمان العميق وارتباطهم بالاسلام ، فإن إحسان كان يعد نفسه كأديب، وساعده فى ذلك قراءته بالانجليزية للأدب العالمى.

وقد ذكر احسان أنه كان يتنقل بين الندوتين ندوة لجده يسمع فيها لرجال الأزهر والدروس الدينية، ثم يجد نفسه فى بيت والدته لحضور الندوة التى كان يشترك فيها كبار الشعراء والسياسيين، مما انعكس على كتاباته فى الأدب، حيث صور الصراع بين الفن وبين المتشددين دينيا . أيضا أثرت علاقته بوالدته وزوجته فى تحديد ملامح شخصيته، فكانت أمه تدعو كل نساء العالم للعمل، ولكنه كان من انصار مكوث الزوجة فى البيت لرعاية الزوج والأولاد وعدم إرهاقها بالعمل خارج البيت.

تؤكد عبد الرازق أن احسان شهد معارك والدته السياسية منذ بداية عملها بالصحافة وانشاء مجلة روزاليوسف ثم الجريدة اليومية ، مما انعكس على أعماله الأدبية والسياسية ، وقد تبنت والدته اصدار مجلة فنية ، أما كتابها الوحيد (ذكريات) احتوى على سيرتها الذاتية وكانت شخصية تمتلك إرادة قوية، ويشير إحسان للتشابه بين زوجته ووالدته، فقد اجتمعت فيهما صفات قوة التحمل والقدرة على اتخاذ القرارات . وقد اشتبك احسان مع الواقع السياسى فكانت له معاركه السياسية التى أثرت به مثل عندما انتقد سلطة الاحتلال البريطاني، وعندما انتقد حكومات حزب الوفد أو عندما اختلف مع قادة ثورة يوليو وكتب عن الحرية الفردية والحرية السياسية، وعانى نفسيا بسبب هزيمة يونيو 1967 وتم طرده من اخبار اليوم عام 1968، كما عانى محاولات الاغتيال عدة مرات

شكل إحسان مواقفه السياسية بوضوح حول الحياة الحزبية التى صنعها النظام فى عهد السادات، والحياة السياسية بشكل عام، والوضع الاجتماعى ، وانتقد ظاهرة تقديم الرشاوى للناخبين التى يقدمها المرشحون لعضوية مجلس الشعب . ومن آرائه التى اغضبت منه الكثيرين أنه حين سئل عن سياسة مصر الخارجية وقوات الجيش المصرى فى اليمن والوحدة مع سوريا فقال: «إن دخول مصر فى حرب اليمن خطأ فيما يتعلق بإمكانات مصر ولذلك فشلنا فى اليمن وفى سوريا ونظرا لهذه الاخطاء كانت النتيجة الطبيعية هزيمة يونيو 1967» .

ويلفت الكتاب إلى غزارة انتاج إحسان الأدبي، فقد كتب ما يقرب من 600 رواية وقصة قصيرة وترجمت العديد من رواياته الى الانجليزية والفرنسية والالمانية والصينية والاوكرانية وانتقد فى رواياته التفكك الاجتماعى، كما نشر سلسلة مقالات للدكتور مصطفى محمود حول فلسفة الدين واعتبر عبد الناصر ان هذه المقالات تحمل طابعا إلحاديا، وقد تعرضت بعض اعماله للمنع من الجهاز الرقابى على المصنفات الفنية . إلا أن الغالبية العظمى من المبدعين والصحفيين اتفقوا على أن احسان كاتب صحفى متميز وعلى قدر من الشجاعة ويمتاز برقة وحساسية شديدة، فقد كتب عن الديانات فى المجتمع المصرى ، وتمتع بعلاقة وثيقة مع بعض العائلات اليهودية ، وتناول فى كتاباته ظاهرة الانفتاح الثقافى والتعددية الدينية لدى المصريين، كما تعرض للعائلات اليهودية وتمتعها بكل مظاهر الارستقراطية المصرية من قوة اقتصادية ونفوذ سياسى وجاه اجتماعى وحرية دينية .

أبرزت عبد الرازق فى كتابها شخصية إحسان عبد القدوس كنموذج فذ فى قبول الأخر وتبنى الابداع واحترام الاصوات المختلفة معه سياسيا وكيف كان إنسانا بمعنى الكلمة.ورغم ظلم النقاد له لكن الجماهير انصفته عندما قرأت ابداعه. كما انصفته السينما عندما اصبح أدبه افلاما تعد من علامات السينما المصرية المميزة .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق