رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الأهرام» فى زيارة لأرض الشهداء..
البهنسا.. على طريق السياحة العالمية

تحقيق ــ بدوى طه ــ محمد زكريا

  • محافظ المنيا: يتم إعادة تأهيلها وستشهد إقبالا كبيرا لأنها تجمع بين السياحة الدينية والأثرية
  • الآثار : عرفت بأرض الشهداء وتحولت لمتحف مفتوح عبر العصور
  • الزوار : نأتى إليها للتبرك بترابها وبعضنا يدفنون موتاهم بها

 

 

على بعد ما يقرب من 250 كيلو مترا جنوب القاهرة تقع مدينة البهنسا التاريخية.. هذه المنطقة تعد مزارا عالميا يقصده كثيرون من بقاع العالم ويعرفون تفاصيله لارتباطه ببعض الاحداث والشخصيات الكبيرة منذ القدم .

البهنسا كانت هى العاصمة للإقليم التاسع عشر (إقليم الصعيد) وكانت تمثل نقطة الربط بين الوادى والواحات وفى أرضها دفن مئات من الصحابة، ويوجد بها «قبة البدريين» التى دفن بها عدد من الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر.

«تحقيقات الاهرام» قامت بجولة فى البهنسا التى يطلقون عليها اسم البقيع الثانى فى محافظة المنيا غرب مدينة بنى مزار أسوة بالبقيع الأول بالمدينة المنورة، وهى معروفة لدى المؤرخين وعثر فيها على الكثير من البرديات و عند فتح مصر كانت مدينة حصينة الأسوار.

والمعروف أن محافظة المنيا تضم مواقع أثرية فريدة من مختلف العصور فى عدد من المناطق منها بنى مزار احد أشهر مراكز المنيا والتى اطلق عليها هذا الاسم لكثرة المزارات الدينية والأثرية والسياحية بها وأهمها ما هو موجود بمنطقة «البهنسا» والتى تعتبر متحفا مفتوحا للحضارة عبر العصور، والتى تحتوى على آثار فرعونية ورمانية وقبطية وإسلامية أهمها مقابر عدد من صحابة وآل البيت رضى الله عنهم والتابعين والعلماء وأولياء الله الصالحين من العصر الإسلامى وحتى العصر الحديث .

مقابر الصحابة والتابعين

التقينا فى البداية بعمار إبراهيم موظف باستراحة البهنسا السياحية الذى قال أن البهنسا اطلق عليها هذا الاسم نسبة للملكة «بهاء النسا» ابنة الحاكم الرومانى فى ذلك الوقت وكانت تشتهر بالجمال، موضحا أن من أهم معالم «البهنسا» شجرة مريم التى استظل تحتها السيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام ومعهما يوسف النجار أثناء رحلتهما إلى مصر، وقبة «البدريين» وهم الذين شهدوا غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءوا إلى مصر فى الفتح الإسلامى واستشهدوا فى فتح البهنسا عام 22هجرية، والناس ياتون لزيارتهم للتبرك .

بشكل أكثر تفصيلا يوضح سلامة زهران مدير آثار البهنسا أنه توجد مزارات ومعالم أثرية عديدة منها 17 قبة ضريحية للصحابة والتابعين وتابعى التابعين والعلماء والصالحين ، ومنها «قبة البدريين» و«قبة السبع بنات» ومن وهم شهداء الفتح الإسلامى للبهنسا، ومن أهم القباب الأثرية و«قبة سيدى جعفر وعلى» أولاد عقيل بن على بن أبى طالب، و«قبة التكرورى» ومقام الأمير زياد بن الحارث بن أبى سفيان بن عبد المطلب، ومقام أبان بن عثمان بن عفان، وقبة محمد بن أبى عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، وقبة الجسن الصالح بن زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، وقبة محمد بن أبى ذر الغفارى، وقبة ومسجد سيدى على الجمام وهو قاضى البهنسا وأحد أئمة المالكية فى عصره مشيرا إلى أن الحفائر الأثرية بالبهنسا عام 1925 عثرت على كشف أثرى مهم عبارة عن بقايا مسرح رومانى قيل إنه أكبر من المسرح الرومانى بالإسكندريه ،وذلك بالتعاون مع البعثة الإنجليزية وتقوم حاليا البعثة الإسبانية بحفائر لاستكمال الكشف عن مقابر فرعونية ورومانية.

ويؤكد أيمن عواد مفتش آثار البهنسا أن المدينة فى العصر الفرعونى كانت عاصمة الإقليم التاسع عشر وملتقى الطرق بين وادى النيل وطريق الواحات واطلق عليها «بارنجت» أى مكان لقاء الخير والشر ،وفى العصر الرومانى كانت عاصمة الصعيد، وفى العصر الإسلامى فتحها قيس بن الحارث المرادى عام 22هجرية، وسميت ولاية البهنسا، وكانت تمتد من مدينة «الواسطى» حتى مدينة «سمالوط» واستمرت عاصمة الإقليم حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، ووصفها على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية بأنها كانت مدينة لها شهرة عظيمة.

ويشير عواد إلى وجود بقايا الأسوار الشاهقة لحصن البهنسا والذى دارت فيه المعركة بين المسلمين والرومان ،ومنها مأذنة أبو سمرة، وبقايا برج أسوار الناحية الشمالية، وأصبحت ولاية عثمانية فى العصر العثمانى، ومع مرور الوقت تم نقل الولاية من البهنسا إلى «الفشن» لقربها من النيل وطريق التجارة، واستقرت بها بعض القبائل العربية ،وسميت أرض الشهداء، وعرفت بالبقيع الثاني، مما زاد من أهميتها التاريخية والأثرية والسياحية.

مشيرا الى أن البهنسا شهدت تطورا كبيرا فى العصر الإسلامى وكانت مدينة صناعية وتجارية، واشتهرت بصناعة الفخار والخزف والنسيج ،ويضم متحف الفن الإسلامى بالقاهرة قطعا من النسيج مصنوعة فى البهنسا ،وأيضا كانت بها صناعة الزجاج وقد عثر على آثار مصنع زجاج من العصر الفاطمى بالمنطقة و قطعة من الزجاج محفوظة بمتحف الفن الإسلامى وعملات ذهبية ترجع لعصر الحاكم بأمر الله الفاطمى، عثرت عليها البعثة الكويتية ومحفوظة بمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة.

أما مسجد «على الجمام» قاضى قضاة البهنسا ويسع نحو 2000 مصلى بخلاف الساحة فى مدخل المنطقة الأثرية ،وشاهدنا بعض الزائرين يجلسون فى الساحة ينشد بعضهم الأناشيد الدينية

ومع اقترابنا من قبة البدريين والتى يخيم علها السكينة والهدوء سمعنا اصواتا جميلة تنشد «صلى الله على محمد.. صلى الله عليه وسلم» بأجواء روحانية تذكرنا بأيام وليالى رمضان، ويكمل أيمن عواد شرحه بأن قبة «البدريين» مدفون بها الصحابة الذين حضروا غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءوا مع الفتح الإسلامى لمصر واستشهدوا بالبهنسا عام 22هجرية، ودفنوا فى هذا المكان، وتم بناء قبة حول قبورهم سميت «قبة البدريين» وهم «عقبة بن عامر الجهنى وذو القلاع الحميرى ومسروق بن العرسى وعقبة بن أبى سعيد بن الخطاب وهشام النجار وعبد الله بن الجموح، وقد سجلت هذه الأسماء على شاهد قبر داخل القبة، وستقوم وزارة الآثار بنقش أسمائهم بمدخل منطقة الآثار الإسلامية بعد ترميمها وتطويرها.

وأضاف عواد أن المؤرخ الواقدى ذكر أنه حضر البهنسا 10آلاف عين رأت النبى صلى الله عليه وسلم ،وسبعون بدريا ممن حضروا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والأمراء والسادات وأصحاب الرايات، ودفن بأرض البهنسا العديد من الصحابة والتابعين وتابعى التابعين رضوان الله عليهم أجمعين.

واختتمنا جولتنا بزيارة أهم القباب الضريحة والآثار الإسلامية ومنها: قبة ومصلى الأمير زياد بن سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المبنية عام 992هجرية حول الضريح، ويرجع طرازها المعمارى للعصر العثمانى، ومقام محمد الأنصارى أحد العلماء الذين زاروا البهنسا فى العصر العثمانى، وقبه ومسجد الصالح بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، والذى سكن البهنسا ودفن فيها، وقبة محمد بن أبى ذر الغفارى، وترجع للعصر العثمانى، وقبة عبادة بن الصامت، وقبة عبد الله التكرورى أحد علماء المغاربة الذين زاروا البهنسا فى العصر المملوكى وعاشوا فيها، وقبة يحيى البصرى بن الإمام الحسن البصرى ،وقبة محمد بن أبى عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، والذى تولى ولاية مصر أواخر عهد سيدنا عثمان بن عفان وبداية عهد سيدنا على بن أبى طالب ودفن فى البهنسا، وقبة أبان بن عثمان بن عفان رضى الله عنهم جميعا، وقبة الشيخ فتح الباب ،وهو عبد الرزاق الأنصارى، وأطلق عليه «فتح الباب» لأنه أول من تسلق سور الحصن وفتحه وبدأت المعركة ،وانتصر المسلمون واستشهد ودفن فى البهنسا.

ومن الآثار المهمة أيضا مئذنة أبو سمرة، وأقيمت على بقايا البرج الموجود على البوابة الشمالية لحصن البهنسا «بوابة توما» .

ويوضح أيمن عواد أن البعثة الإسبانية تقوم حاليا بأعمال حفائر فى منطقة البهنسا ضمن قطاع الآثار المصرية فى العصر الفرعونى ووجدت كثير من مقابر الأسرة 26 ومقابر من العصر الرومانى، ومنذ فترة قام المجلس الأعلى للآثار بأعمال حفائر ووجدت آثار لكنيسة رومانية وحجرات ملحقة بها فى التل الأثري.

كاشفا أنه يتم حاليا أعمال حفائر فى منطقة الآثار الإسلامية بالتعاون مع كلية الآثار جامعة القاهرة، وسيعلن عنها بعد الانتهاء منها وستكون حفائر مهمة دليلا على أن البهنسا لم تبح بأسرارها حتى الآن، والتقينا عددا من أبناء البهنسا والزائرين، حيث يطالب كمال محمد بترميم الآثار لتصبح المنطقة ذات جذب سياحى وتنعش حركه البيع والشراء للأهالى والزائرين للموقع.

أما عيد رمضان فيقول: نأتى إلى هنا فى المناسبات لزيارة تلك المنطقة المدفون بها عدد كبير الصحابة والأولياء، بل ان كثيرا من أهالى القرى المجاورة يأتون لدفن موتاهم هنا بجوار مقابر الصحابة تيمنا بهذه الأرض الطاهرة ،ويأتون للزيارة يوم الجمعة.

من جانبه يؤكد الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أنه سيتم تطوير المنطقة الأثرية وترميمها وإصباغها بالطابع التاريخى والأثرى، وتصميم المدخل على الطراز الإسلامى ،وتأهيل القرية كمزار سياحى، ورفع كفاءة الخدمات السياحية بالمنطقة حفاظا على المواقع الأثرية المهمة والنادرة.

اما اللواء أسامة القاضى محافظ المنيا فيؤكد ضرورة تكاتف جهود جميع الجهات التنفيذية لإنجاح المنظومة السياحية بالمحافظة وإعادتها إلى الخريطة السياحية العالمية، وتسهيل الإجراءات أمام الزائرين، وتهيئة الجو الملائم للتمتع بالمعالم الأثرية العديدة التى تزخر بها عروس الصعيد مما يسهم فى تنشيط حركة السياحة، وبخصوص البهنسا فيجرى الاهتمام بكل الطرق والخدمات المؤدية إليها باعتبارها منطقة معروفة عالميا ويزورها كبار المسئولين وآخرهم وزير السياحة والاثار الدكتور خالد العنانى والذى افتتح بها عددا من المشروعات التى تم تطويرها.

ويوضح المهندس إسماعيل الفحام رئيس مجلس مدينة بنى مزار أنه سيتم تطوير جميع مداخل ومخارج البهنسا، ورصف الطرق الداخلية للقرية، ووضع لوحات إرشادية للتعريف بأهمية المنطقة وتاريخها عبر العصور، وتطوير القرية وتأمينها جذبا للسياحة وتيسيرا على المواطنين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق